رئاسة الجمهورية والإجازة غير المعلنة؟!

  أمل الصامت –

يبدو أن مؤسسة رئاسة الجمهورية دخلت في "إجازة غير معلنة"، إذ لم يصدر عنها منذ 8 جويلية الفارط وإلى حدّ كتابة هذه الأسطر أي بلاغ أو إعلام بنشاط وفق ما تبينه صفحتها الرسمية على الفايسبوك التي لاطالما دأبت على اعتمادها كوسيلة إعلام وإخبار للعموم.

آخر تدوينة جاءت على هذه الصفحة كانت حول تلقي رئيس الجمهورية دفعة من الرسائل والبرقيات للاطمئنان على صحته، إثر الوعكة الصحية التي تعرض لها أواخر شهر جوان الفارط واستوجبت إقامته بالمستشفى العسكري لخمسة أيام كثر فيها الحديث عن الحلول البديلة التي يمكن اعتمادها في صورة شغور منصب رئيس الجمهورية في ظل غياب المحكمة الدستورية.

حديث وتأويلات ومحاولات لضرب الدستور عرض الحائط، لم توقفه سياسة اتصالية ناجعة لرئاسة الجمهورية عكس ما قد يحدث في دول أخرى تولي الجانب الاتصالي اهميته المطلوبة، بل هو القدر الذي شاء أن يتخطى الرئيس وعكته، أو لعلها "بركة الاولياء والصالحين" التي يبدو أن تونس أصبحت ترتهن لها عند الشدائد.

ومثلما شكّل غياب المحكمة الدستورية هاجسا لدى التونسيين الذين أعيتهم تحليلات من "يدعون المعرفة" وأرهقتهم حلول السياسيين الذين فشلوا -أو لعلهم رغبوا في ذلك لغاية في نفس يعقوب- في تنصيب الهيئة الدستورية الوحيدة المخول لها البت في أمر شغور منصب رئيس الجمهورية والبلاد على بعد أمتار من استحقاقين انتخابيين قد يغيران الواقع المتردي الذي يعيشه أهلها، هاهو اليوم عدم ختم القانون الانتخابي الجديد يخلق بلبلة جديدة ويفتح العنان لحناجر تصم الأصوات الصادرة منها الآذان.

ومرة أخرى تسكت رئاسة الجمهورية عن الكلام المباح، ولا تحرك ساكنا أمام دعوات ونداءات متكررة بضرورة ختم القانون الانتخابي الجديد الذي تمت المصادقة عليه تحت قبة مجلس نواب الشعب بتاريخ 18 جوان الفارط، وانقضت آجال رده إلى البرلمان القانونية لقراءة ثانية أو عرضه على الاستفتاء منذ يوم السبت الماضي 13 جويلية الجاري، ليفوّت رئيس الجمهورية آخر موعد قانوني متاح لختمه ونشره بالرائد الرسمي بتاريخ يوم امس الخميس 19 جويلية 2019.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن عدم ختم القانون في التاريخ المذكور اصبح يطرح اشكالا مع اقتراب موعد 22 جويلية المتعلق بفتح باب الترشحات للانتخابات التشريعيةإذ سيؤدي عدم العمل بالتنقيحات الجديدة الى اعتماد القانون الانتخابي القديم، وفق ما ينص عليه الدستور.

هي بضع كلمات ومقطع فيديو "جيد الاخراج" تلك التي نشرت على صفحة رئاسة الجمهورية "التواصلية" للتأكيد على تخطي الرئيس الباجي قائد السبسي وعكته واستئنافه نشاطه الرئاسي بخير وسلامة.. هي فقط بضع لحظات وثقت إمضاء "سيادته" الأمر الرئاسي المتعلق بدعوة الناخبين للانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019، وهي آخر مرة تطرقت فيها مؤسسة رئاسة الجمهورية "الموقرة" لموضوع الانتخابات برمته، وكأن الوقت مازال أمام شهرزاد لتسكت عن الكلام المباح وترجأه لليلة لاحقة قد تنقذ فيها رقبتها من سيف شهريار.

رئيس الجمهورية نفسه الذي تمنى له المعارضون قبل المساندين الشفاء العاجل، وذلك لأسباب انسانية بالدرجة الأولى، ولكن كذلك لأن لا تدخل البلاد دوامة الفراغ المؤسساتي وتصبح مرتعا لمن يريدون بمستقبل انتقالها الديمقراطي من السوء قنطارا ولمطامعهم السياسية والحزبية الضيقة من الحظ قناطير مقنطرة، هو الآخر لم تصدر بشأن غيابه الملحوظ أي توضيحات ليفتح المجال مجددا أمام الاخبار المتناطرة من هنا وهناك حول تدهور صحته مرة أخرى وسط تكتم عن الحقيقة.

فهل يعي مستشارو رئيس الجمهورية وهم "عدّ تغلط" حجم الاشكاليات التي يطرحها عدم ختم القانون الانتخابي الجديد وتاثيره على المسار الانتخابي الذي دخلته البلاد منذ حوالي 3 أيام (الفترة الانتخابية)؟ هل يعلم هؤلاء أن في غياب أية توضيحات يصبح كلّ يغني على ليلاه وتونس آخر الألحان التي يفكرون في عزفها؟ 

القانون الانتخابي الجديد بكل الانتقادات التي وجهت إليه، يبقى مسالة لا بد من الفصل فيها حتى تستطيع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات اتمام مهمتها على الوجه الأكمل سواء كان ذلك بالاعتماد على القانون المنقح في 2017 أو هذا "القانون الجديد مع تأجيل التنفيذ" أو ربما "وقف التنفيذ"، فهل من مجيب؟ 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.