33
كشفت تحريات أمنية في الجزائر عن وجود أطباء مزيفين يشرفون على عيادات ويمارسون أنشطة طبية، من أبسط علاج حتى العمليات الجراحية المعقدة، ما صدم الرأي العام، خاصة أن هذه الحالات تكررت خلال الأسابيع الماضية.
آخر حالة تم اكتشافها الاثنين، حيث تمكنت عناصر الشرطة القضائية بالأمن الحضري الأول في دائرة عين الحجل بالمسيلة (258 كيلومترا جنوب العاصمة الجزائر) من توقيف شخص ينتحل صفة طبيب أسنان ويمارس المهنة بشكل غير شرعي، حيث تم اقتحام عيادته بعد ورود معلومات تفيد بقيام المشتبه فيه بمزاولة نشاطه بصفة غير قانونية.
وتم على إثر ذلك فتح تحقيق بالتنسيق مع النيابة المحلية، حيث أسفرت عملية التفتيش عن العثور على معدات وتجهيزات طبية خاصة بطب الأسنان، بالإضافة إلى مبلغ مالي يقدر بـ42 ألف دينار جزائري، يعتقد أنه من عائدات النشاط غير القانوني.
ووُجهت للمعني بعد تقديمه أمام الجهات القضائية المختصة، تهم الممارسة غير الشرعية لمهن الصحة، واستعمال لقب مهنة منظمة قانونًا دون استيفاء الشروط القانونية.
وقبل أسابيع تمكن أمن ولاية العاصمة من توقيف طبيبة أسنان مزيفة وحجز معدات لترميم وتركيب الأسنان الاصطناعية ببوزريعة، وسط العاصمة الجزائر، حيث تبين أن المشتبه بها تمارس نشاط طب وجراحة الأسنان دون الحصول على الشهادات والرخص القانونية مستغلة ختم وهوية الطبيب المشتكي.
وأسوأُ من ذلك، تمَّ إلقاء القبض على طبيب مزيف ينشط داخل أحد أشهر المستشفيات الجامعية في الجزائر، وهو المركز الاستشفائي الجامعي فرانتز فانون بالبليدة، ويعتبر المعني هو عشريني انتحل صفة طبيب جراح بحرم المستشفى، تم تحويله على مصالح الأمن للتحقيق معه.
من جهته، أوضح الطبيب المختص في الصحة العمومية محمد كواش، أن “ظاهرة الأطباء المزيفين فعلا استفحلت في الجزائر، رغم أنني أعلمها منذ أن كنت طالبا في الطب، لكن انتشرت في مناطق مختلفة من الوطن”، وأرجع المتحدث في تصريحه لـ”العربية.نت”، الظاهرة إلى عوامل نفسية وأخرى اقتصادية، موضحا أن “الأغلبية ممن يمارسون حرفة الطبيب المزيف مصابون بأمراض نفسية، كونهم لم يستكملوا دراستهم، أو طردوا من العمل أو أصيبوا بنوبات عصبية”.
هؤلاء، حسب كواش “فضلوا أن ينتقلوا إلى هذا المجال، لكنهم في كل الأحوال ليسوا محترفي طب، بعضهم توقف عن الدراسة في السنوات الأولى من الدراسة الجامعية، واستغل معارفه القليلة ليحتال على مرضاه، ونفس الشيء بالنسبة لآخرين منهم ممرضون اطلعوا على عمل الطبيب، يحفظون بعض المصطلحات الطبيبة، كلهم يتنقلون إلى مناطق نائية، ويستغلون العجز في المرافق الطبية أو جهل سكانها بهويتهم الحقيقية، فيفتتحون عيادات ويباشرون نشاطا طبيا بشكل عادي”.
أما عن الجانب الاقتصادي، أضاف المتحدث، فهي “فئة تحاول استغلال المناطق العمرانية المكتظة، التي لا ينتبه إليها الأطباء، من أجل مباشرة النشاط وجني أرباح منه”.
وخطر هذه الفئة من الأطباء المزيفين كبير جدا، قال محدثنا: “هم يعرضون حياة الناس إلى الخطر المباشر، ففضلا عن كونهم لا يملكون المعارف والكفاءة الكافية لكي يمارسوا مهنة الطب، ولكن أيضا ليسوا محترفين حتى في استعمال الوسائل الطبية، حيث يستعملون تلك القديمة أو غير المعقمة وغير ذلك، وهو ما يضاعف من الأمراض لدى الناس”.
وعليه دعا كواش السلطات المعنية إلى ضرورة المراقبة المستمرة، خاصة أنه “كلما تأخر اكتشاف أمر هؤلاء الأطباء المزيفين زادت نسبة إضرارهم بالناس، وتسببهم في مضاعفات صحية مميتة لمرضاهم، خاصة أنهم لا يتحرجون حتى من إجراء عمليات جراحية معقدة”.
(العربية)