تطبيقات النقل الخاص: بوابة للفوضى في ظل غياب التشريعات وضعف أسطول الدولة

جنان آية-

استخدم مفهوم العدالة الاجتماعية بعد ثورة 2011 بشكل كثيف على لسان الحكومات المتعاقبة على تونس والتي تهدف في جوهرها إلى تحقيق التنمية والنهوض بالاستثمار لضمان عيش كريم للمواطن الذي كانت أمنياته البسيطة هي ضرورات حياتية  "الصحة،النقل والتعليم ."

لكن نجد اليوم الفئات الهشة محدودة الدخل هي الأشد حرماناً من المرافق الحياتية وإذا تحدثنا عن مسألة معاناة التونسي مع النقل العمومي من منظور أنها قضية عدالة اجتماعية فذلك يعد أمراً أساسياً من أجل التوصل إلى حلول عملية على المدى البعيد عوض الحلول الترقيعية.

تتواصل معاناة المواطن التونسي اليوم مع النقل العمومي مما جعل البعض يلجأ إلى حلول بديلة منها التاكسي الفردي ليجد نفسه أمام معضلة جديدة وهي استحواذ الشركات الرأسمالية على التاكسي الفردي لتجعل منه عملة نادرة، مع وجود تطبيقات النقل الذكي التي غزت الشوارع منذ سنة 2019 إلى اليوم، تطبيقات حاول البعض تجنبها ليجد اليوم نفسه مجبرا على استعمالها، شركات رأسمالية فرضت أساليب جديدة للتنقل ولكن بكلفة عالية أمام غياب تام لوزارة النقل والتجارة المتحكمة في تعريفة التاكسي الفردي. 
تطبيقات النقل العمومي تجتاح البلاد

مازالت البلاد التونسية تتقدم بخطى مترنحة نحو تعصير خدماتها الرقمية من ضمنها خدمات النقل والخدمات الإدارية التي أصبحت شيئا فشيئا كابوسا يرهق مستعمليه.
مع أواخر سنة 2019  ظهرت العديد من تطبيقات الإلكترونية للنقل الذكي بتعاقد مع التاكسي الفردي وهي خطوة هامة للحاق بركب التطور التكنولوجي الحاصل في العالم الذي خلق هذا النوع من التطبيقات لمجابهة أزمة النقل العمومي.

ونسجا على خطى العالم الغربي كانت البلاد التونسية سباقة لخلق هذا النوع من التطبيقات، وقد ساعدت هذه المبادرة على خلق نوع من المنافسة بين التطبيقات وذلك لتقديم خدمات ذات جودة تساعد المواطن على تجنب الاكتظاظ والتمتع بسفرة  آمنة ومريحة.
 ذاع صيت التطبيقات بإسهاب العروض لجذب المواطنين والتنافس من أجل تقديم خدمة أفضل، وحظيت بشعبية كبيرة بين مستخدميها وأصبحت هي البديل الآمن لوسائل النقل، ولكن بعد أشهر ظهرت العديد من السلبيات والمشاكل لتلك التطبيقات إذ بات عدد كبير يشكو من ارتفاع مشط لهذه التعريفة إضافة الى الاعتداءات المتواصلة من قبل السائقين التابعين لتلك الشركات ومنهم من تعرض للعنف اللفظي والمعنوي والتحرش دون أي مظلة حماية من تلك الشركات لخدمة عملائها، فالتطبيقات التي من المفروض أن تكون البديل الآمن والمريح باتت مصدرا للاستغلال والاحتكار.

اهتراء أسطول النقل العمومي يعمق معاناة المواطنين

وفقا لبيانات من وزارة النقل وحسب شركة نقل تونس فإن أسطول النقل العمومي 50 بالمائة منه في حالة عطب ولا يتم استغلاله وهو ما جعل طاقة الاستيعاب لا تتلاءم مع ارتفاع عدد المسافرين.
اقتصرت المجهودات فقط على تصليح وصيانة المعدات القديمة  هذا وحرصت شركة نقل تونس  على إعادة تأهيل عربات الميترو الخفيف التي وصل معدل عمرها إلى 35 سنة.

وفي ذات السياق أعلنت المكلفة بالإعلام بشركة نقل تونس حياة الشمطوري يوم الخميس 3 نوفمبر 2022، أن شركة نقل تونس تعمل حاليا على وضع اللمسات الأخيرة لصفقة اقتناء 300 حافلة مستعملة من فرنسا لتعزيز الأسطول مرجحة وصول 120 حافلة إلى تونس قبل موفى السنة الحالية. ويذكر أن 50 % فقط من الأسطول صالح للاستغلال أما بقية الأسطول فهو في حالة عطب وغير صالح للاستعمال وذلك بسبب نقص قطع الغيار التي لم تعد موجودة في السوق، أما بقية العربات فقد اخذت في التآكل وذلك بعد مرور 30 سنة على استعمالها.

في حين تم تعزيز أسطول بعض الشركات الجهوية في 2022 وهو ما ساهم في التخفيف من وطأة الاكتظاظ خاصة خلال العودة المدرسية أهمها الشركة الجهوية للنقل القوافل بقفصة التي قامت باقتناء 4 حافلات مزدوجة جديدة مخصّصة للنقل المدرسي والبلدي لفائدة ولايات قفصة، وتوزر، وسيدي بوزيد .

ويعاني أسطول الحفلات من نقص كبير وهو ما أثر على مواعيد الرحلات حيث يمكن أن يستغرق الوقت بين رحلتين متتاليتين على الخط نفسه ما يصل إلى ثلاث ساعات مع أوقات انتظار اعتيادية مدتها ساعة واحدة.

أزمة السكك الحديدية حلول ترقيعية غير ناجعة  

يعتمد التونسيون في تنقلاتهم اليومية وسائل النقل العمومي كالحافلات والمترو والقطارات ومن بين الشركات التي تتحكم في التنقلات اليومية هي شركة النقل ترانستو |Transtu التي تتحكم  في 80% من جميع وسائل النقل العام في المناطق الحضرية  كما تدير نظام المترو المكون من ستة خطوط، وخط قطار الضواحي الشمالي TGM، و232 خطاً حافلات المدينة    علاوة على ذلك، تدير الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية (SNCFT) خط قطار ثانٍ في الضواحي يربط الضواحي الجنوبية بوسط مدينة تونس. 
إضافة إلى حافلات ترانستو، فهناك أربع شركات حافلات خاصة هي: TUS، وTUT، وSTC، وTCV وهي أيضاً توفر خدمات النقل العام في منطقة تونس الكبرى، لكن على مستوى أصغر .
في مرحلة ثانية يعتمد التونسيون على وسائل النقل الغير منتظم بشكل كبير أيضا حيث ارتفع عدد "سيارات الأجرة الجماعية"   المسجلة وسيارات الأجرة الفردية من 65 و10814 في عام 2006 إلى 1026 و16307 في عام 2017.
رغم ذلك فان الصعوبات التي يواجهها المسافرين لا تنتهي أبرزها تأخر السفرات حيث يمكن أن يستغرق الوقت بين رحلتين متتاليتين على الخط نفسه ما يصل إلى ثلاث ساعات مع أوقات انتظار اعتيادية مدتها ساعة واحدة ويرجع ذلك الى الإضرابات أو الى تعطل بعض المرافق بشكل فجئي  هذا الى جانب تكرار حوادث القطارات بشكل كثيف في السنوات الأخيرة وتتمثل هذه الحوادث في خروج قطارات عن سككها وانقلابها أو تصادمها مع وسائل نقل أخرى، ما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا والمصابين لعلّ أكثرها سوء الحادث الذي جدّ بمدينة الفحص من ولاية زغوان في جوان 2015 وأودى بحياة 18 شخصا وجرح حوالي مائة آخرين وآخرها تصادم قطارين بجنوب العاصمة أسفر عن إصابة 95 شخصا ، هذاويتم تسجيل 100 حادث قطار سنويا، وتسجّل أغلبها في تقاطع السكك مع الطرقات، بحسب إحصاءات الشركة التونسية للسكك الحديدية 
وهذه من أهم الأسباب التي تجعل المواطن اليوم يلجأ إلى وسائل بديلة مثل سيارات الأجرة الفردية ليجد نفسه أمام كم هائل من تطبيقات النقل وغياب شبه كلي للتاكسي الفردي العادي.

فراغ تشريعي وغياب الرقابة يفتحان الأبواب لتطبيقات النقل الذكي

ساهم ظهور تطبيقات النقل الذكي في اختفاء خدمات سيارات التاكسي  العادي بصفة تدريجية، فمنذ بداية العمل بها في تونس أصبح الوصول إليها اليوم شبه مستحيلا خاصة خلال صائفة 2022 فقد عرفت تعريفة التاكسي العادي هذه السنة ارتفاعا مشطا في مختلف التطبيقات التي تزايدت بأسعار تتجاوز السعر العادي بأضعاف دون أي رقابة من قبل وزارة النقل أو وزارة التجارة.

ووفقا لوزارة تكنولوجيا الاتصال فإن التطبيقات التي تعمل داخل تونس لا تحتاج الى رخصة أو كراس شروط لإطلاق أي نشاط كان لذا فعمل التطبيقات يعتبر قانوني.
أما من جهة ثانية لا يحق لهذه التطبيقات أن تخلق تعريفة جديدة للتاكسي الفردي فالتعريفة المحددة  وفقا للمقرر عدد 34 المؤرخ في 1 نوفمبر 2019 من وزيري النقل والتجارة  تم ضبط تعريفة تنطلق من 540 مليما ويقدر سعر مسافة 79 مترا ب40 مليما أما بالنسبة لسعر الانتظار لمدة 18 ثانية فهو مقدر ب 40 مليما أما فيما يخص الطرود الكبيرة "حقيبة سفر" التي يفوق وزنها 10 كلغ تقدر ب 1000 مليم عن كل قطعة، هذا وتوظف زيادة قدرها 50% فقط على المبلغ المسجل بالعداد بالنسبة لكل نقلة تقع ما بين الساعة التاسعة ليلا والخامسة صباحا.أما فيما يخص السفرات التي تنطلق من محطة التاكسي بالمطار فإن  الزيادة قدرها 3250 مليما على المبلغ المسجل بالعداد .
اليوم تعمل تطبيقات النقل الذكي بتعريفة جديدة فرضتها وهي ثلاث أضعاف السعر العادي أي تنطلق من 1.650 مليم وذلك للاختلاف خدماتها عن التاكسي الفردي العادي  و احتساب التوقيت والمسافة وحالة الطقس  الذي يرفع السعر بصفة آلية على عكس التاكسي العادي التي لا تتغير تعريفاته باستثناء الفترة المسائية .
خورزميات تطبيقات النقل

في محاولة لتخفيف العبء عن المواطن الذي يجد صعوبة في الحصول على وسيلة نقل فعالة استهلت بعض الشركات الناشئة الدخول الى تونس لتقديم تطبيقات النقل ومن بين هذه التطبيقات نذكر أولها تطبيق     INTIGOالذي غزى الشوارع  في أواخر سنة 2019.  
هو أول التطبيقات الذي ظهر  في تونس باستعمال " سكوتر" حيث تم بعث هذا التطبيق كحل بديل للتقليل من أزمة  النقل العمومي و للتقليل من الازدحام وبسعر اقل من سيارات التاكسي.
لكن مع مرور الوقت لقيت هذه التطبيقة العديد من الانتقادات أولها عدم احترامها لقواعد المرور هذا بالإضافة لغياب قانونية عملها  وأيضا لارتفاع أسعارها وأمام هذه المشاكل التي اعترضتها لازالت تعمل في تونس العاصمة لكن دون استعمال التطبيق وبتعريفة متنوعة حسب العرض والطلب بين الحريف وصاحب الدراجة.

وفي أواخر سنة 2020 ظهرت العديد تطبيقات أخرى ولكن بتعاقد مع التاكسي الفردي منها INDRIVER   هي خدمة نقل ركاب أمريكية روسية الأصل  تملك أكثر من 80 مليون مستخدم في أكثر من 546 مدينة في 34 دولة  يقترح هذا التطبيق خاصية حصرية وهي نظام مفاوضة السعر بين الحريف والسائق، مما يوهم الحريف بالتحكم في السعر المدفوع، لكن سائقي التاكسي لا يقبلون طلب الحرفاء إلا بالسعر الذي يريدونه و عادة ما يفوق  تعريفة التاكسي العادي بثلاثة أضعاف  .
تطبيق   "YASSIR" هو أيضا احد التطبيقات التي دخلت تونس في نفس الفترة وهو تطبيق جزائري الأصل بتمويل أجنبي وموجود في 25 مدينة حول العالم تتوزع على دول المغرب العربي وكندا وفرنسا  ويمثل أحد التطبيقات الإلكترونية المعتبرة في سوق النقل التشاركي في منطقة شمال إفريقيا (المغرب العربي) وأيضا بأسعار تفوق سعر التاكسي العادي.
هذا بالإضافة لتطبيقة "BOLT" الإستونية الأصل والتي دخلت تونس في نفس الفترة خلافا لعدة دول أخرى ويعد هذا التطبيق الأكثر استعمالا في تونس وذلك لتعاقده مع عدد هام من أصحاب التاكسي الفردي نظرا لغلاء أسعار التعريفة مقارنة ببقية التطبيقات وهو ما جعل الحرفاء يلجؤون لاستعماله عند غياب التاكسي العادي.

وغيرها من التطبيقات الأخرى  مثل "HEETCH"  و " FUZE" التي لا تختلف تعريفاتهم عن بقية التطبيقات التي تبلغ في معظم الأحيان ثلاث أضعاف  سعر التاكسي الفردي العادي . 
تعمل خوارزميات هذه التطبيقات عن طريق استخدام الموقع الجغرافي للحريف لنقله من مكان إلى مكان آخر، عبر إستعمال  التطبيق وفي خلال ثوانٍ يتلقى رسماً بيانياً يعرض عدد السائقين المتاحين وأفضل الخيارات المتاحة، مع شرح عن فترة الانتظار ومكان وجود السائق ونقطة الالتقاء، بالإضافة إلى التكلفة التي سيدفعها  مقابل هذه الخدمة.

 ويحصل الراكب أيضاً على فرصة الاطلاع على الملف الشخصي للسائق، بما يتضمن تقييمه المهني وتوصيات الراكبين السابقين، نوعية السيارة واسم السائق ورقماً للاتصال به. لا يستغرق هذا الأمر أكثر من ثلاثين ثانية عادة، وتختلف فترة الانتظار بين نقطة جغرافية إلى أخرى وبين وقت وآخر بالإضافة الى ذلك أيضا يضطلع السائق على ملف الحريف الشخصي وتحفظ الشركة بيانات الحريف  ولا يتم محوها من قاعدة بيانات الشركة وهو ما قد يعرضه لاستغلال معطياته الشخصية.

رسم بياني لخوارزميات عمل تطبيقات النقل 
 

ما الذي يحصل فعلياً في الثلاثين ثانية؟
 الأمر كله تديره منظومة الخوارزميات الموصولة بالتطبيق، بما في ذلك الولوج  للموقع الجغرافي للراكب. تحدد هذه المنظومة السائق الأفضل من بين السائقين المتاحين (الأقرب جغرافياً، والأفضل من حيث تاريخ الخدمة، خاصة إذا ما كان الراكب قد اشتكى سابقاً من مشاكل معينة مع سائقين آخرين)، وترشيحه مع تحديد التعريفة المطلوبة. هنا أيضاً، تلعب هذه المنظومة الدور المحوري في تحديد التعريفة من خلال قدرتها على تحليل مختلف بيانات الركاب والسائقين المتاحين بالإضافة إلى عوامل أخرى، كالطقس مثلاً، أو فترات الطلب الشديد، كالأعياد والمناسبات وعطل نهاية الأسبوع  وهذا من بين العوامل التي ترفع في سعر التعريفة. مثلاً، فإذا أراد الحريف الانتقال خلال أحوال جوية رديئة، تمكنه منظومة خوارزميات التطبيق من الحصول على سيارة نقل في أقل من خمس دقائق في الوقت الذي يتطلب تأمين تاكسي تقليدي نحو ساعة وهذه من بين الحجج التي تقدمها الشركات لشرح أسباب غلاء أسعارها، وهكذا يمكن التطبيق أن يضمن ألا ينتظر الراكب وقتاً كثيراً في فترات الذروة بمقابل باهظ يصل أحيانا الى خمسة أضعاف السعر العادي. كل هذا يجري عبر منظومة الخوارزميات التي تدرس السوق وتتخذ الإجراءات التنفيذية المناسبة (مثل تقديم زيادات التعويضات المالية للسائقين الذين يتوجهون إلى منطقة محددة حيث يوجد طلب مرتفع)لضمان استمرار  العمل مهما كانت الظروف. من ناحية السائق، تُعلمه المنظومة بالموقع الجغرافي للراكب دون أي معلومة عن وجهته النهائية، وتعطيه ثواني معدودة للقبول أو الرفض.
تعتمد هذه التطبيقات على شركات  ولكل منها إدارة تنظم عمل السائقين وعقودهم وغيرها من الإجراءات. بمعنى أن التطبيق الذي يحمله السائقون يتضمن ما يشبه مكتباً تمثيلياً لقسم إدارة الموارد البشرية في الشركة، فهو المكان الذي يطلعون من خلالها على شروط العمل مع التطبيق والمستلزمات الإدارية، بالإضافة إلى كونه البنية التي تبدأ عبرها علاقة العمل المفترضة وتنتهي (علماً أن السائق المفترض سيتطلب منه الحضور شخصياً لمركز الشركة  لتقديم الأوراق الثبوتية والانتهاء من العملية التعاقدية) ليتم إدراجه بقاعدة البيانات الخاصة بالشركة ثم انشاء حساب بالتطبيق يكون تحت رقابة الشركة للاطلاع على كل الرحلات. 
من جهة ثانية تضم هذه الشركات أقسام خاصة بالاتصال وأقسام خاصة بالجانب التقني وأيضا قسم حل النزاعات.

تطبيقات النقل تعيد الاعتبار لأصحاب التاكسي الفردي وتعزز ضعف القدرة الشرائية للحريف 

انطلق عداد سيارة الأجرة في سنة 1980 ب 160 مليمًا  حين كان سعر لتر البنزين يقدر  بـ 50 مليمًا، لكن حاليًا في سنة 2022، وبعد 42 عامًا، أصبح العدّاد بـسعر 540 مليمًا، أي  تضاعف قرابة أربع مرات فقط بينما في المقابل  سعر البنزين اليوم أصبح 1800 مليمًا ، وهو ما اعتبره أصحاب التاكسي الفردي غير منصف خاصة مع ارتفاع أسعار البنزين الذي صاحبه ارتفاع مشط في سعر قطع الغيار والصيانة والتأمين.
التجأ أصحاب التاكسي الى هذه التطبيقات كحل بديل خاصة مع ضعف التعريفة مقارنة بالتعريفة العادية التي تفرضها التطبيقات، وقد أصبح السعر ثلاثة أضعاف السعر العادي، وتمثل عمولة السائق 15% عن كل نقلة  و 85 % للشركة، هذا ويقدر أقل سعر للتنقل بهذه التطبيقات أربع دنانير وقد يصل الى خمسون دينار أو أكثر حسب المسافة وحسب توقيت طلب السيارة.
في المقابل نجد ضعف القدرة الشرائية للمواطن التونسي التي تراجعت بما لا يقل عن 40% منذ سنة 2010 ومن أكثر الطبقات المتضررة هي الطبقة الوسطى الناشطة وأصحاب جرايات التقاعد وكذلك الطبقة ذات الدخل الضعيف وهم في العادة الأكثر استعمالا للنقل العمومي رغم رداءة خدماته.
هذا ويبلغ حجم الإنفاق على التاكسي الفردي باستعمال التطبيق بصفة يومية شهريا بين 150 ويصل الى ما يقارب 500 دينار .

ووفقا لآخر إحصائية للمعهد الوطني للإحصاء فإن هيكلة مصاريف الأسرة للاستهلاك تقدر شهريا ب 360 دينار شهريا وفقا لآخر إحصائية نشرت سنة 2015 أي تقارب نصف إنفاق شخص واحد على التنقل عبر التطبيقات.

تحديد تعريفة موحدة
انتشرت على موقع التواصل الفايسبوك حملات  لمقاطعة  هذه التطبيقات منها حملة بعنوان "يزي مرجتونا " تنادي بحجب هذه التطبيقات لاحتكارها التاكسي الفردي هذا إلى جانب مجموعة "  "BOYCOTT  BOLT  INDRIVER TUNISIE   والتي تنادي هي الأخرى بحجب هذه التطبيقات.
هذا وقد نفذه عدد من المواطنين يوم 16 جويلية 2022 أمام وزارة النقل تنديدا لما اعتبروه استغلال تطبيقات سيارات التاكسي للتونسيين واعتمادها لأسعار مشطة.
من جهة ثانية نشرت العديد من المقالات الصحفية حول تطبيقات النقل التي اجتاحت البلاد بصفة غير مسبوقة دون خضوعها الى رقابة أو تعريفة محددة مسبقا.
وفي المقابل جاء رد وزارة النقل ووزارة تكنولوجيا الاتصال من خلال بلاغ مشتركتعلم فيه أن استعمال التطبيقات في مجال النقل العمومي غير المنتظم للأشخاص مقبول من الناحية المبدئية باعتبار مساهمتها في تحسين خدمة النقل ومزيد تقريبها من المواطن إلا أنه يتعيّن على مستغلي تلك التطبيقات التقيّد بالتراتيب القانونية خاصة فيما يتعلّق بالتعامل مع وسائل النقل المرخّص لها واحترام التعريفات.

حلول لحل الأزمة: تحديد تعريفة موحدة
يكمن الحل أمام هذه التجاوزات في تحديد تسعيرة موحدة تكون في متناول المواطن وصاحب سيارة الأجرة ومن المهم التحدث هنا عن تضاعف أسعار التطبيق خلال فترة الذروة وتغير الأحوال الجوية وهو ما يعد خرقا صارخا لتعريفة التاكسي العادي المحددة من وزارة النقل والتجارة، لذا يمكن تعديل السعر ويكون سعر ثابت سواء كان في فترة الذروة أو مع تغير الأحوال الجوية ويكون بالإتفاق بين وزارة النقل ووزارة التجارة.
في نفس السياق على وزارة النقل والتجارة بالتعاون مع وزارة تكنولوجيات الاتصال في مرحلة ثانية العمل على تخصيص قاعدة بيانات لأصحاب هذه الشركات وتحديد عدد السائقين المتعاقدين مع سيارات التاكسي للتصدي   لاحتكار   التاكسي الفردي من قبل التطبيقات لذا يمكن تحديد عدد معين من العقود وأيضا عدد ساعات تنقسم بين العمل بالتطبيق والعمل بالتاكسي العادي مناصفة وهو ما يمكن اعتباره من بين الحلول الناجعة لتنظيم القطاع.

بعث قانون خاص بتنظيم تطبيقات النقل للخروج من الفراغ التشريعي 

حسب الخبير القانوني علاء الخميري فان الحل يكمن في الإدماج أي إدراج قانون ينظم هذه  التطبيقات التي غزت البلاد ويوضح الخبير ان العقوبة أو الزجر لا تعتبر حلا جذري لبعض التجاوزات خاصة وأن عديد الدول اليوم تستعمل هذه التطبيقات  منذ سنوات مثل أوبر وغيرها .لذا يجب إدراج قانون ينظم هامش الربح و عمل التاكسي الفردي  بالعداد  وبالتالي يصبح لكل صاحب تاكسي فردي حرية الاختيار سواء كان العمل بالتطبيق أو بالعداد الكيلومتري.

قطاع السكك الحديدية واستراتيجيات الإصلاح

– حلحلة أزمة الإضرابات والصيانة 
كشفت العديد من التقارير الصحفية عن أزمة الشركة الوطنية للسكك الحديدية التي خلفت على إثرها حوادث قطارات خاصة في السنوات الأخيرة والتي لا زالت في ارتفاع متواصل  ويعود ذلك لعدة مشاكلأهمها اهتراء البنية التحتية للسكك هذا إلى جانب ضعف التمويل لصيانة السكك والقطارات من قبل وزارة النقل.
ولن تحل هذه الأزمة إلا بالإرادة الحقيقية للإصلاح أولها حل مطالب أعوان شركة السكك الحديدية والتي تخلف الإضرابات والتحركات الاحتجاجية المفاجئة التي تؤدي الى حتما تعطيل السفرات وهذا ناجم عن غياب حلول جذرية لمعالجة الأزمة. 

– التسريع في إحداث خط المترو الخفيف الرابط بين تونس البحرية و منطقة البحر الأزرق والبحيرة

مرت سنة على إعلان وزارة النقل في بلاغ لها عن استعدادها لضبط مسار مشروع إحداث خط  مترو خفيف المزمع إنجازه على طول المسلك الرابط بين تونس البحرية وضفاف البحيرة والمعرض الدولي بالكرم بما في ذلك حي 5 ديسمبر بالكرم الغربي ووصولا إلى منطقة البحر الأزرق عبر حدائق قرطاج وتعهدت الوزارة بمعية  وزارة التجهيز والإسكان التنسيق مع كافة المتدخلين المعنيين وخاصة لإقرار التمشي المتفق عليه لكن الى اليوم لم يتم التوصل إلى جديد حول هذا المشروع الذي بإمكانه تخفيف وطئت الزحمة في الطريق الرابطة بين تونس البحرية والضاحية الشمالية.
بالإضافة الى ذلك سيخفف هذا المشروع من الاكتظاظ خاصة في قطار الضاحية الشمالية الرابط بين حلق الوادي – المرسى. 

الاكتظاظ وتقادم الأسطول هما من بين معضلات قطاع النقل العمومي في تونس، وهذه المشاكل صارت ترهق المواطن والعاملين فيه على حد سواء، رغم مجهودات الدولة لتفادي الإشكال وتطوير القطاع إلا أنها وعود بقيت حبرا على ورق أمام غياب التنفيذ ومما زاد الطين بلة ظهور تطبيقات النقل الفردي التي ساهمت في ترفيع تعريفة التاكسي الفردي دون أي توضيح من وزارتي النقل أو تكنولوجيا الاتصال.
منذ سنتين الى اليوم لم تستجب وزارة النقل لنداءات المواطنين حول هذه التجاوزات التي تقترفها تطبيقات النقل وذلك نتيجة لضعف السياسة الاتصالية من وزارة النقل وكذلك لغياب استراتيجية واضحة أو خطة لتنظيم عمل هذه التطبيقات.

التوصيات

●    على وزارة النقل أن تخصص مركز رقابة لمتابعة عمل التاكسي الفردي بهذه التطبيقات أي العمل بساعات معينة التي لا يجب أن يتجاوزها صاحب السيارة فيؤثر سلبا على احتياجات المواطن. 
●    لوزارة النقل الحق في تشديد الرقابة على هذه الشركات وتخصيص عدد معين من العقود مع التاكسي الفردي لكي لا تحتكر التطبيقات عدد كبير من السيارات. 
●    تحفيز السياسة الاتصالية بين وزارة النقل والمواطن وقبول تشكياتهم فيما يخص التطبيقات 
●    لوزارة تكنولوجيا الإتصال أن تخصص خلية للتحري عن خلفيات شركات تطبيقات النقل قبل تقديم الخدمات في تونس.
●    يجب على تطبيقات أن تقدم تصريح ومطلب ترخيص مستوجب قانونا لدى الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية وذلك عند إحالة معطيات الحرفاء مستعملي التطبيق للخارج وذلك لن يكون إلا بعلم وزارة تكنولوجيا الاتصال.

●    على السلط الجهوية والوطنية ووزارات الإشراف كوزارة النقل إيجاد حلول جذرية لحل أزمة الشركة الوطنية للسكك الحديدية ولن يكون ذلك الا من خلال الحوار وإعداد خطة استراتيجية واضحة على المدى الطويل للإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.