تحتل القرية الحرفية الوحيدة في مدينة تطاوين، موقعا متميزا، خاصة من حيث سهولة الوصول اليها، وقد اختارت البلدية الساحة الواقعة بين القرية والمكتبة العمومية، مكانا لمحطة الحافلات والسيارات رباعية الدفع السياحية، التي تؤمن رحلات السياح في اطار مسالك محددة، ويفترض تبعا لذلك ان تكون القرية محطة مهمة من محطات هذه المسالك وتشكل فرصة للزوار للاطلاع على كيفية صنع ونسج وانتاج عديد الصناعات التقليدية الاصيلة، الا ان هذا الامر لم يتحقق، على حد قول العاملين في هذا الفضاء.
وعبر كافة الحرفيين في القرية عن امتعاضهم، ونددوا بشدة بتجاهل الادلاء السياحيين للقرية وتوجيه مرافقيهم من السياح الى وسط المدينة، دون ان يتركوا لهم فرصة الاطلاع واقتناء ما طاب لهم من منتجات في القرية.
…
وقال زيد عسل، المختص في نحت منتجات الخشب وصنع التحف في حديثه لصحفي “وات” انه ركز في عمله على صنع تحف صغيرة قابلة للحمل ووظيفية بالنسبة للمشترين، فضلا عن ضغطه على اسعارها ، الا ان فرص البيع في القرية غير متوفرة، وارجع ذلك خاصة الى موقف الادلاء الذين يستثنون القرية من جولة السياح، معتبرا انه حتى في حال اصرار السياح على الزيارة فلا يسمح لهم الا بقليل من الوقت، بتعلة عدم ادراج القرية في المسلك المحدد لهم.
وشدد عسل على ضرورة ايلاء مختلف الاطراف المعنية لهذا الموضوع الاهمية اللازمة، حتى يتوفر للحرفي مورد رزق، ويتمكن السائح من اقتناء ما يذكره بالزيارة، لما للصناعات التقليدية من اهمية في الدعاية واستقطاب المزيد من السياح، وفق تعبيره.
ومن جهته، اكد الحرفي في مجال الحلويات المحلية “قرن غزال” محمد خلفة، ضرورة التعريف بالجهة والسياحة الصحراوية واعطاء المحطات السياحية حقها في مختلف المسالك السياحية والتعريف بالمنتوجات وخصوصيات السياحة في الجهة، حتى تزدهر وتنمو ولا تقتصر على ان تكون منطقة عبور، واشار الى ان مستقبل القرية مهدد اذا ما لم يعالج موضوع الادلاء، منبها من ان الحرفيين البالغ عددهم الان 20 حرفيا في هذه القرية سيرحلون في حال لم يتحسن وضعهم المادي من خلال ترويج بضاعتهم، وذلك رغم عشقهم وتعلقهم بحرفهم، وشدد على ان تكون القرية منارة للصناعات والمنسوجات التي ستندثر اذا ما لم يتم التعريف بها والتشجيع على المحافظة عليها، على حد تعبيره.
كما طالب الحرفي الفاتح تلاحيق بدوره بفسح المجال للسياح للاطلاع على محتويات القرية ومنتوج الحرفيين، بالاضافة الى الاهتمام بجانب النظافة امام القرية، حتى لا تسيء مظاهر الاهمال والاوساخ بسمعة المكان والجهة.
وردا على كل هذه الطلبات، اكد المندوب الجهوي للسياحة بتطاوين ياسين الدغاري لصحفي “وات” ان جميع تصنيفات وسائل النقل السياحي تتوقف امام القرية الحرفية وفق قرار من السلط الجهوية بناء على اتفاق جميع الاطراف المعنية وهي محطة رئيسية، وقال ان على الادلاء السياحيين الامتثال لكافة محطات المسلك السياحي المصادق عليه من قبل المندوبيات وتطبيق البرنامج وبالتالي فتح المجال للسياح لزيارة القرية والاطلاع على نشاطها وانتاج الحرفيين فيها، واشار الى وجود اشكال في المتابعة، لمحدودية الموارد البشرية، مؤكدا ان المتابعة ستكون متواصلة حتى تبقى القرية الحرفية وسوق الصناعات التقليدية من اهم محطات السياح الوافدين على الجهة.
يذكر ان القرية الحرفية بتطاوين انجزت سنة 2006 لتكون حافزا للحرفيين حتى يحافظوا على الموروث المادي للجهة وعلى الابتكار في هذا المجال الذي يشغل عددا كبيرا من شباب وشابات الجهة في عديد الاختصاصات الصحراوية الاصيلة والمتفردة.
واعتبارا لاهمية هذه المشاريع تم انجاز قرى حرفية اخرى في غمراسن وذهيبة وسوق للصناعات التقليدية بمدينة تطاوين لمساعدة الناشطين في هذا القطاع على التطوير وتنويع المنتوج والسعي الى تصديره لما له من مردود اقتصادي هام.
وات