بعد تكرر حالات منع نساء من السفر: هل ستحتاج المرأة في تونس إلى "محرم" لتغادر البلاد؟!

على الرغم من ان الدستور التونسي ومجلة الأحوال الشخصية التونسية يُعدّان متقدمين من ناحية الحقوق التي يوفرانها للمرأة التونسية، فإن ممارسات المجتمع الذكوري لازالت طاغية إلى يومنا هذا. فإلى جانب التحرش والنظرة الدونية لها، لازالت المرأة تجد نفسها حبيسة تصرّفات وممارسات تنمّ عن عقلية ذكورية بحتة وصلت إلى حدّ منعها من السفر دون وجود مبرّرات قانونية تجيز المنع باستثناء قانون الجوازات الذي يمنع سفر أشخاص يسيئون إلى سمعة تونس.

أعوان يقررون المنع

ولئن كانت هذه المشكلة غير حديثة العهد، فإنها عادت للبروز بقوة خلال الأيام الأخيرة خصوصاً بعد منع شابة تونسية تدعى رحاب المي من السفر إلى بلغراد يوم 24 ماي 2016 رغم انها كانت تمتلك كافة الوثائق التي تتيح لها السفر على غرار الترخيص الأبوي وشهادة العمل ووثيقة حجز الفندق.

وقد كشفت رحاب في تدوينة فايسبوكية نشرتها على حسابها الخاص في موقع التواصل الاجتماعي انه تمّ البحث معها وكأنها إرهابية ، مبينة ان أحد الأعوان أشار إلى لون شعرها وقال إنه قرّر عدم السماح لها بالسفر.

وأضافت ان أحد الأعوان قال ان نساء اليوم "كثرولها ولازمهم الردة".

وأكدت رحاب في تدوينة أخرى عزمها على الدفاع عن حقها مشيرة إلى انها كلفت محامياً لاتخاذ الإجراءات القانونية الأخرى.

وفي سياق متّصل، تعرّضت سيدتان لموقف مشابه في نفس اليوم.

وأوضحت زينب العيادي، إحدى المتضررات، في تصريح لحقائق أون لاين، ان عون شرطة حدود منعها هي وصديقتها، وهي حامل، من السفر إلى بلغراد رغم ان جميع الوثائق المطلوبة كانت موجودة لديهن.

وأكدت العيادي ان هذا العون تعمّد الصراخ في وجوههن داخل مطار قرطاج الدولي مبينة ان أنظار جميع الموجودين كانت عليهن وان نظراتهم كانت سيئة جداً باعتبار انهم لم يفهموا ما يحدث، مبدية استغرابها لحصول أمر مماثل في عام 2016 في مطار مثل مطار قرطاج.

وأعربت عن استنكارها لما وقع خاصة وانها وصديقاتها لسن مجرمات بل بالعكس فهي مهندسة صاحبة شركة بصفاقس وصديقتها الحامل طالبة دكتوراه في حين تعمل صديقتها الثانية (رحاب) كمنسقة تجارية، مفيدة بأن عون الأمن حين علم بأنها تملك شركة أمرها بأن تعود إلى شركتها في صفاقس وتعمل هناك.

وأشارت محدثتنا إلى انها قابلت مدير شرطة الحدود بمطار قرطاج وان هذا الأخير اعتذر منها وعبّر عن استغرابه لتصرّفات العون المذكور.

وقالت إن صديقتها الحامل تضرّرت كثيراً وارتفع ضغطها وتردّت حالتها النفسية ولم تعد ترغب في رؤية أحد ولا التطرق إلى الحادثة لافتة إلى انها كلّفت محامياً لاتخاذ الإجراءات اللازمة ومقاضاة العون.

غياب أسس قانونية

وفي هذا الإطار، قالت عضو مجلس نواب الشعب بشرى بلحاج حميدة إن مثل هذه الحالات ليست بأمر جديد وأنها وقعت في السابق موضحة ان قانون جوازات السفر يمنع السفر على من يسيء إلى سمعة تونس وهو ما يتمّ الاعتماد عليه في حالات المنع.

وأفادت بلحاج حميدة، في تصريح خصّت به حقائق أون لاين، بأنها تحدثت مع السلط المعنية ومع المسؤول عن الرقابة الاجتماعية ووزير الداخلية في ما يهمّ هذا الموضوع، مبينة ان المنع يجب ألا  يكون مبنيا على مجرّد شبهات بل يتوجب إيجاد قرائن ثابتة.

وأكدت ان حق التنقل دستوري وان من يسافر يجب أن لا يكون لديه أية تتبعات مضيفة ان منع السفر يجب ان يكون بإذن قضائي لا أمراً إدارياً وان هذا الأمر يتمّ حالياً على أسس غير قانونية.

واستبعدت بلحاج حميدة ان تكون تصرّفات الأعوان فردية معتبرة انهم عندما يمنعون سفر أحدهم يطبّقون تعليمات.

الحاجة إلى "محرم"..؟!

وفي ظلّ قانون مبهم يتمّ تطبيقه بطريقة يصفها البعض بالعشوائية والمستهدفة للنساء، يعبّر العديد من المتابعين للشأن العام عن خشيتهم من أن يصبح منع سفر المرأة بمفردها سائداً باعتبار ان عدد النساء اللواتي تعرّضن لمثل هذه الحوادث ارتفع مؤخراً.

ويعرب هؤلاء عن خشيتهم من أن تتواصل مثل هذه الممارسات بتعلّات مختلفة كالخوف من أن تسافر المرأة لما يسمى بـ"الجهاد" في سوريا والعراق أو أن يتمّ استغلالها في شبكات الاتجار بالنساء والفتيات وغيرها، إلى أن يتفاقم الأمر وتصبح المرأة مكرهة على اصطحاب "محرم" حتى تتمكن من السفر والتنقل كما هو الحال في العديد من الدول التي لازالت متخلّفة في ما يتعلق بحقوق المرأة بشأن خاص.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.