لا ريب أن سعي المواطن ومحاولته اصلاح دولة بلا قيادة تتسم بالوطنية هو زعزعة لمكاسبه وإهدار لجهوده سواء عمله لتأمين اقتصاد قوي أو ادارة عتيدة قادرة على اسناد الدولة و استجماع قوى مؤسساتها.
ان المواطن ما لم يجد صوتا يسمعه أو ربان سفينة نزيه يقوده الى أهدافه بوضوح لن يمثل أداة ناجعة لتحقيق دولة الرفاه ، وقد أثبت التاريخ أن الدول تقودها غايات الامتلاك وتحقيق الثروات في اطار سلمي قائم على العمل المفعم بتلك العلاقة الصادقة بين المواطن والدولة و الاعتبار من التاريخ هو فلسفة عميقة لا توجد الا في عقول السياسيين الأشداء الراغبين في ارشاد شعوبهم الى الأمجاد .
إن مفهوم الوطنية في أيامنا هذه أصبح مشوها وهو ما يعكر الجو العام في الدولة، تشويه أرهب ثقة التونسي في السياسي ، تشويه أهمل الشؤون الوطنية وجعل المسؤولين يقعون تحت هيمنة النزعات الحزبية التي لا تتوافق مع مصلحة البلاد .
ان السياسي الطموح هو من يسعى الى كسب ثقة المواطن و الى خدمة بلاده من أي موقع . فالمواقع تختلف لكن الهدف الأسمى يبقى راسخ ألا وهو خدمة البلاد .
ان ساسة البلاد هم مرشدي الشعب وهم قواد سفينة الدولة في أي زمان . و من المهم أن يكون قائدك ذو خبرة و كفء وعادل.لكن هذه الأوصاف تذهب مذهب الرياح اذا كان فاقد للوطنية .
وطنية حلوة أضفت عليها الانتهازية و البراغماتية الذاتية وما يحدث اليوم في اطار تصاعدي من خلال محاولة الهيمنة على المبادرة الرئاسية المتمثلة في حكومة وحدة وطنية مثال على ذلك ،وان الوحدة الوطنية ليست سعي الى توحيد حزب أو الى هيمنة حزب على الحكومة بل هي بحث عن أكبر توافق بإمكانه لملمة جراح البلاد و اضفاء الاستقرار اللازم للحكومة لممارسة مهامها بطريقة تجعلها خارج المسالك المجهولة .
إن كل مستمع للسبسي لحظة اطلاق مباردته يعتقد بأن الحكومة القادمة ستحمل في اطار لعبة الأسماء التى ستطفو على السطح ، رجالا قادرين على حماية البلاد و÷خراجها من مآسي الفقر والبطالة و العجز الاقتصادي الموجود طموحا في منشود أكثر استقرار ، إلا أن هذه المبادرة حركت البورصة السياسية في تونس بحيث أن الأسماء التى تعتلى الصحف و المقالات هي حزبية حد النخاع ليست لها دراية عميقة بعمق البلاد و حاجياتها .
قد تكون حكومة الصيد ستكون أكثر تعبيرا عن الوحدة الوطنية من الحكومة القادمة التى ستكون أكثر تجسيدا لنظرية الحزب الأوحد والتى لن توفر الهدوء السياسي في البلاد حسب الأسماء التي تنطق بها الكواليس.
ما من شك أن الدولة في هذه المرلحة في حاجة الى تآلف سياسييها والتفاف نخبتها حول مشروع موحد يحمل تونس الى المنشود الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتحقق بسرعة بل سيظل حلما معلقا بين الأرض والسماء منشودا من شعب تونس رهين الاستقرار على حكومة و دعمها و عدم خذلانها .