“انتفـاضـة” الاتحـاد على مشروع الرئيس !

واضح أن الخناق السياسي والاجتماعي ضاق على قيس سعيد خلال اليومين الأخيرين، بتلقيه رسالتين متنوعتين، أولى مفادها أن السلطة للشعب وثانية تفسيرها أنا مع سلطة الشعب، أولى صادرة عن الشعب وثانية أرسلها له اتحاد الشغل، وذلك بالتزامن مع ضيق خناق اقتصادي يسلط عليه مع استمرار صندوق النقد الدولي في رفض الموافقة النهائية لمنح تونس القرض.

وتختلف الانتقادات التي أطلقها الاتحاد العام التونسي للشغل سابقا ضد أداء الحكومة ورئيس الجمهورية قيس سعيد عن السهام الحادة التي أطلقها أمينه العام نور الدين الطبوبي يوما بعد صدور نتائج الانتخابات التشريعية 2022، وصلت حدتها إلى ما يمكن اعتباره تلويحا بفترة التقارب الجزئي والمساندة.

وينبؤ ما ألفيناه في خطاب الطبوبي  باستعداد الاتحاد للأخذ بزمام الأمور، ففي خطاب 20 ديسمبر، وللمرة الأولى  يتحدث فيها أمين عام اتحاد الشغل عن دكتاتورية وانفراد بالحكم في مسار 25 جويلية، وهي مصطلحات لا تعد اعتباطية أو غير مدروسة بل إنها تترجم الموقف الحالي للمنظمة الشغيلة تجاه تعثر المسار المتبع منذ يوم 25 جويلية.

وغذى الإقبال الشعبي الضعيف على المشاركة في الانتخابات التشريعية غضب الاتحاد على الرئيس ومؤاخذاته من أداء السلطة، ولم تعد الملفات الاجتماعية والاقتصادية والمقدرة الشرائية الهاجس الوحيد للاتحاد، بل إن إدارة الدولة باتت الشاغل الأكبر بعد أن قاطع أغلب التونسيين للاستحقاق الانتخابي.

وكنتيجة حتمية لغضب الاتحاد ،أكبر منظمة نقاببية في تونس، عن الرئيس وحكومته أطلق أمينه العام دعوة لمنظمات المجتمع المدني لاتحاذ قرار مناسب من أجل انقاذ تونس يكون مرفوقا بإطلاق حوار وطني جاد.

وما يعبر عن انتهاء مرحلة الود بين رئيس الدولة واتحاد الشغل، قول الطبوبي " " لن نترك البلاد في مهب الريح آن الأوان لم يعد هناك سكوت… لا للانفراد بالحكم و لا للديكتاتورية، الشعب فقد الثقة والرئاسة لم تفهم الرسالة والمعارضة لم تستوعب الدرس بعد، الخيار الحالي فشل في ادارة الأزمة ويجب الذهاب إلى حوار".

وهذا الموقف الصادر عن الاتحاد هو  رسالة ثانية يتلقاها رئيس الجمهورية قيس سعيد في ظرف يومين، فالرسالة الأولى وصلته من الشعب الذي ردّ الفعل على انشغاله بمشروعه السياسي على حساب الشأن الاقتصادي والاجتماعي بمقاطعة الانتخابات، والرسالة الثانية هي أن الاتحاد سيكون في صف الشعب الذي ملّ خطابات الرئيس وبدأ تدريجيا يفقد االثقة فيه كما فقدها في الأحزاب السياسية.

وربما تدخل أزمة تونس، طورا جديدا إذا ما انتفضت المنظمة الشغيلة على قيس سعيد وأنهت فترة الودّ معه، وخاصة إذا نجحت في لم شمل المنظمات الوطنية والمجتمع المدني حولها وشرعت في إطلاق حوار وطني قد تفرض مخرجاته على السلطة.

وستكون القرارات التي سيصدرها المكتب التنفيذي الموسع لاتحاد الشغل المنعقد خلال هذين اليومين لدراسة نتائج الانتخابات التشريعية، ذات أبعاد سياسية واجتماعية عميقة قد تجبر الرئيس على اتباع سياسات جديدة غير التي يراها.

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.