الوجه الآخر لعملية شارع الحبيب بورقيبة الإرهابية

يسرى الشيخاوي-
 
لاشك في أن المؤشرات المحيطة بالعملية الإرهابية التي جدت أمس الاثنين في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة لا تخلو من خطورة، فأن يضرب الإرهاب في قلب العاصمة وعلى بعد أمتار من وزارة الداخلية، أمر يدل على نقلة نوعية لتحركات الإرهابين، زد على ذلك توقيت العملية الذي يسبق انعقاد الدورة الـ29 لأيام قرطاج السينمائية.
 
والعملية الإرهابية تحيلنا مباشرة إلى الحادثة الارهابية التي جدت بشارع محمد الخامس تزامنا مع  أيام قرطاج السينمائية، حادثة محمد الخامس نفذها انتحاري فيما نفذت عملية شارع الحبيب بورقيبة انتحارية غير معروفة لدى السلطات الأمنية، وهو ما يفتح باب التساؤلات حول التجاء الجماعات الإرهابية إلى عنصر غير ملاحق أمنيا لتنفيذ العملية.
 
ومنذ أن انطلقت الضربات الإرهابية في تونس، تعدّ هذه العملية الأولى من نوعها التي تنفّذها إمرأة، إذ كان دور المرأة فيها يقتصر على الإسناد أو الدعم اللوجستي أو التواصل مع هذه العناصر، والحادثة الإرهابية التي جدّت بالشارع الذي يسمّيه البعض شارع الثورة وإن كانت حبلى بالرسائل فإنّها أثبتت أن الشعب التونسي لا ترهبه العمليات الإرهابية.
 
الفيديوهات التي تداولها روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، تصوّر تهافتا من المواطنين على تصوير جثّة الانتحارية، غير عابئين بدعوات أعوان الأمن لمغادرة الساحة المحيطة بالجريمة، وعلى امتداد الشوارع المؤدّية إلى شارع الحبيب بورقيبة، وقفت الحشود لمراقبة تحركات اعوان الأمن والشرطة العلمية وهي ترفع آثار التفجير.
 
نساء ورجال شيب وشباب هبوا إلى مكان الحادثة الإرهابية، رغبة في الإطلاع على الجثة، وفضول لمتابعة سير الإجراءات الأمنية قبالة المسرح البلدي، ما عبئ المواطنون بنهر الأمنيين وجابوا الطرقات المؤدّية إلى  شارع الحبيب بورقيبة باحثين عن مكان تمتدّ إليه أنظارهم ويراقبون فيه الامور عن كثب.
 
وغير بعيد عن مسرح العملية الإرهابية، ظلت أبواب المقاهي والمطاعم مفتوحات، وأصوات الباعة المتجوّلين لم تخفت، والحركية في أسواق المدينة العتيقة على حالها، وانت تدبر عن مسرح الجريمة وتولّي وجهك شطر المدينة العتيقة يطالعك وجهان للعملية الإرهابية، ذلك الوجع البشع الذي يبعث على الرهبة والمتمثّل في المؤشرات المتعلّقة بالعملية في حدّ ذاتها، ووجه آخر مخفي للعملية، هو طريقة تفاعل المواطنين معها.
 
غياب  الرهبة والخوف عن ملامح المواطنين، إصرارهم على البقاء في محيط الجريمة، هي مؤشرات على أنّ الإرهاب ما بات يرهب التونسيين، وهي مؤشرات إيجابية في ظاهرها ولكنّها قد تخفي تعوّدا من المجتمع على العمليات الإرهابية.
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.