المؤرخ عبد الجليل بوقرة: أنا ضدّ إعادة كتابة تاريخ تونس.. وما تقوم به هيئة الحقيقة والكرامة مجرّد “تخميرة سياسية”

مروى الدريدي-

شدّد المؤرخ عبد الجليل بوقرة على أنه ضدّ فكرة إعادة كتابة التاريخ التي طفت على السطح مؤخرا، معلّلا ذلك بأن تاريخ تونس كتبه ولايزال الكثير من المؤرخين الجامعيين المحترمين.

 

وتابع بوقرة، في تصريح لحقائق أون لاين اليوم الأحد 26 مارس 2017، أن المكتبات الجامعية تعجّ بعديد المؤلفات المهمّة حول تاريخ تونس، الذي كتبه العديد من المؤرخين التونسيين والأجانب المحايدين والموضوعيين على غرار جون غانياج، أندري نورشي وشارل ديباش وغيرهم.

 

وأقرّ بأن التونسي لا يقرأ وأن البعض ينادي بإعادة كتابة التاريخ في حين كان الأجدى بهم أن يقرأوا ما كتب عن تاريخ تونس ثم يبدون رأيهم فيه.

 

وأكّد أن من يتابع الجلسات العلنية التي تعقدها هيئة الحقيقة والكرامة يلاحظ أولا رغبة الهيئة في انصاف اليوسفيين، ما يعتبر أمرا محمودا من الناحية المبدئية لأنه لا يمكن نفي ما تعرض له اليوسفيون من قمع وتهميش واقصاء على امتداد سنوات، مستدركا بالقول:" لكن هذا العمل يبقى مشكوكا في مصداقيته من طرف الرأي العام إذا لاحظ انحيازا من جانب المشرفين على هذا العمل إلى طرف دون آخر وغياب الموضوعية، وأن هذا ما لمسه شخصيا في تلك الجلسات.

 

وتابع:" لئن تؤكد الوثائق أن اليوسفيين تعرضوا إلى التنكيل فإن الوثائق التاريخية تؤكد أيضا أن اليوسفيين مارسوا بدورهم العنف خاصة سنة 1956، وعلى سبيل الذكر لا الحصر أذكر عملية اغتيال المناضل الدستوري حسين بوزيان في مثل هذا اليوم، 26 مارس 1956، من طرف مجموعة من اليوسفيين بقفصة بعد يومين فقط من انتخابه عضوا للمجلس القومي التأسيسي عن دائرة قفصة، فضلا عن المحاولات العديدة الفاشلة لاغتيال بورقيبة من طرف اليوسفيين بل إنهم انتقموا أيضا من كل من قرر الانسحاب من المعارضة وتسليم سلاحه بعد 20 مارس 1956 مثلما حصل للمقاوم اليوسفي يوسف بوقرة الذي انحاز إلى بن يوسف سنة 1955 لكنه بعد الاستقلال قرّر تسليم سلاحه على اعتبار أن الغاية من المعارضة انتفت لأن تونس حققت استقلالها التام لكن مجموعة يقودها صالح النجار ذبحته في جبل بوهدمة الواقع بين سيدي بوزيد وقفصة، والأمثلة كثيرة..".

 

واعتبر أنه كان من الأجدى على هيئة الحقيقة والكرامة الاستعانة بمؤرخين محترفين ومحايدين وليس بطلبة التاريخ لإيصال الحقيقة إلى الرأي العام دون انحياز أو تحامل، وتابع :" عدا ذلك يبقى الأمر مجرد "تخميرة سياسية" وانفعلات عابرة وثرثرة سرعانما سينساها التونسيون كما نسوا أكاذيب سابقة".

 

وشدّد على أنه يبقى من حق اليوسفيين الإنصاف المعنوي ومن حق عائلاتهم تقديم شهاداتهم ومن حق الرأي العام التونسي أيضا الاستماع إليهم، مبينا أن هذه الحقبة الحساسة من تاريخ تونس آن الأوان للحديث عنها بموضوعية دون تقديس أو شيطنة.

 

وحول إن كانت هيئة الحقيقة والكرامة تعمدت تغييب المؤرخين ممن عاصروا فترة الاستعمار واستقلال تونس، أجاب قائلا:" لا أعرف مقاصد الهيئة لكن كل ما أعرفه أن الهيئة على علم بوجود مؤرخين محترفين ومحايدين من اتجاهات فكرية مختلفة لكنها تغافلت عنهم إذ لا يمكن أن نتحدث عن القضاء التونسي دون مشاركة مختصين في القانون والقضاء ونفس الشيئ بالنسبة للصحافة والمجالات الاخرى لأن ذلك سيتركها محلّ شبهات ويدعو إلى الشكّ.

 

وقال بأن التونسي ذكي وليس غبي ويحس أن عمل هيئة الحقيقة والكرامة غير مقتع ولا تقدم الحقيقة التي ينتظرها. 

 

وتجدر الإشارة إلى أن رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين دعت الجامعات التونسية والمؤخين إلى إعادة كتابة تاريخ تونس استنادا إلى المادة الأولية التي جمعتها الهيئة والمستندة إلى أعمال تقصّ وشهادات على حدّ قولها، وقالت إنه بات ضروريا مواجهة الحقيقة بعيدا عن التوظيف السياسي والرواية الرسمية لتاريخ تونس.    

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.