11
بقلم: نبيل الأحمدي –
سقط الفخفاخ، وسقط معه تحالف حكومي بني على الإكراهات والصراعات ما عجل بزواله. ولأن حركة النهضة دائما ما تدير معاركها برصانة ودهاء، فقد كانت المستفيد الأبرز من فضيحة "الفخفاخ غيت".
قد يكون الحكم غريبا وصادما للبعض، لكن المكاسب التي حققتها حركة النهضة تبدد كل غرابة وتؤكد بأنها الطرف الأكثر إستفادة من إستقالة إلياس الفخفاخ وإن كانت المكون الرئيسي لحكومته.
أولى " مغانم" النهضة من الأزمة هي التخلص من رئيس حكومة عنيد لا يدين لها بالولاء، وهو من استمات لأشهر في رفض كل دعواتها لتوسيع الحزام الحكومي ليشمل على الأقل حزب قلب تونس.
وقد كانت النهضة تعول على هذا الخيار لتحقيق نوع من التوازن في الحزام الحكومي لأنها وببساطة ولعدة أسباب لم تعد تثق في شريكيها في الحكم، التيار الديمقراطي وحركة الشعب، لكن دعواتها ومساعيها باءت بالفشل بسبب رفض رئيس الجمهورية الشديد لهذا التوجه.
أما ثاني المكاسب وأكثرها أهمية، ذلك الذي حققته النهضة من مغادرة الفخفاخ القصبة صاغرا بسبب قضية تضارب المصالح، فهو إرتداد الفضيحة عكسيا على منافسها و خصمها في مهمة تكليف رئيس الحكومة، وهنا الحديث عن رئيس الجمهورية قيس سعيد، بما أنه أصبح مسؤولا بالدرجة الأولى عن إختيار وتكليف رئيس حكومة تلاحقه تهم الفساد، وهو المتزهد الذي كانت نظافة اليد جسر وصوله إلى قرطاج.
ولأن رئيس الجمهورية الذي أعاد ورقة التكليف إليه بدهاء، أصبح محاصرا الآن بإنتقادات سوء الاختيار، فإن النهضة تعول على هذه الفرصة لفرض مرشحها كحزب فائز في الانتخابات التشريعية، من منطلق أن أي خيار آخر خاطئ سيكون قاتلا بالمعنى السياسي بالنسبة لرئيس الجمهورية.
ولأنها الحزب صاحب العدد الأكبر من المقاعد في البرلمان، والذي يصعب الحكم بدونه، تسعى حركة النهضة الآن إلى إعادة ترتيب المشهد والتخلص من عبئ شركاء يناصبونها العداء وفرض حلفاء جدد تتقاسم معهم الرؤى والتوجهات العامة .
ولا يجب المرور هنا مرور الكرام على تصريح الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي هذا الأسبوع لإذاعة شمس أف أم، والذي أكد فيه بأن حركة النهضة كانت على علم بملف تضارب المصالح حتى قبل أن يمنح الفخفاخ ثقة البرلمان رئيسا للحكومة، إستنادا على ما يبدو إلى تصريح سابق لرئيس كتلة الحركة في مجلس نواب الشعب نور الدين البحيري لقناة حنبعل بتاريخ 17 فيفري 2020 تحدث فيه عن القضية دون الافصاح عن الأسماء المورطة في القضية .
تصريحات الطبوبي والبحيري تفتح الباب على مصرعيه لمجموعة من الأسئلة والتساؤلات، وأبرزها: ألم يكن بإمكان النهضة الإعتراض على تعيين الفخفاخ من خلال إعلام رئيس الجمهورية (صاحب التكليف) لمراجعة خياره أو التنبيه للقضية مرجع النظر لتسويتها؟
وهل تكتمت النهضة على قضية تضارب المصالح لإستغلالها ضد رئيس الحكومة المستقيل ومن كلفه؟
وبعيدا عن هذه التساؤلات، فإن واقع الحال يشير إلى فوز النهضة بأولى جولات معركة الحكم، وتحقيقها مكاسب كبيرة، ستسهل عليها التعامل مع مشهد سياسي مشتت وخناق بدأ يضيق حولها خاصة في البرلمان.
*نبيل الأحمدي: صحفي تونسي