الغنوشي: سنتفاعل مع مبادرة المساواة في الارث.. لقاءات غير معلنة جمعتني بالسبسي

حقائق أون لاين-

أكد رئيس حركة النهضة راشد العنوشي التزام الحركة التام بخيار التوافق مع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي واعتباره الإطار الأمثل للحوار حول كل القضايا للوصول الى حلول وبدائل وتوافقات حسب ما تم التوافق عليه في اجتماع باريس بعيدا عن منطق الغلبة وفرض الرأي.

وأفاد الغنوشي في مقال نشره على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي، بمناسبة الذكرى الخامسة للقاء باريس الذي جمعنه بالباجي قائد السبسي، بأن الحركة ستتفاعل مع مبادرة رئيس الجمهورية المتعلقة بالمساواة في الميراث بين الجنسين عندما تقدم رسميا الى البرلمان بما تقتضيه من الحوار والنقاش للوصول الى الصياغة التي تحقق المقصد من الاجتهاد وتجعل من تفاعل النص مع الواقع أداة نهوض وتجديد وتقدم لا جدلا مقيتا يفرق ولا يجمع، ويفوت على التونسيين والتونسيات المزيد من فرص التضامن والتآلف، وتساعدنا جميعا على المضي قدما في تحقيق ازدهار المرأة التونسية.

تأكيد على التمسك بالتوافق

واعتبر الغنوشي أن التوافق أرضية خصبة لكل حوار جدي بين مكونات المجتمع مشددا على أنه خيار استراتيجي لحركة النهضة وتجلى في موقفها من الدستور الذي كان رهانا على ان يكون موحدا لا مقسما أو مفرقا معتبرا أن جلسة المصادقة عليه كانت عرسا وطنيا خالدا.

ودعا زعيم حركة النهضة الى تبني نفس استراتيجية الحوار والبحث عنها في معالجة المستجدات والنأي بالمجموعة الوطنية عن كل ما من شأنه احلال الفرقة والتطاحن والتباغض.

واعتبر رئيس حركة النهضة أن التوافق السياسي لا ينفصل عن التوافق الاجتماعي والمجتمعي مجددا الدعوة الى اعادة الاعتبار لثقافة العمل والإنتاج والمبادرة باعتباره السبيل لتنمية الثروة الوطنية والتقليص من الحاجة الى التداين .

وعبر عن دعم النهضة الكامل لكل ما من شأنه تحسين المقدرة الشرائية للإجراء في تناسب مع إمكانيات الدولة والقطاع الخاص داعيا كل الأطراف الى دعم المؤسسة الاقتصادية وبذل الحوافز للمستثمرين التونسيين والأجانب لتشجيعهم على احداث المشاريع وخلق مواطن الشغل وخاصة للشباب وأبناء المناطق الداخلية وازالة كل معوقات الاستثمار، ولا سيما ما يتصل بمنظومة التشريع وخاصة في مجال حرية الصرف وإزاحة القيود والعراقيل التي تكبل العملاق التونسي المتحفز للانطلاق.

أسباب معارضة التحوير الوزاري  

وأفاد راشد العنوشي بأن دعوة الحركة الى الاستقرار الحكومي لم تكن متعارضة مع خيار التوافق مع رئيس الجمهورية أو بحثا عن أُطر بديلة عنه بل تقديرا للمصلحة الوطنية .

واعتبر أنه ” لم يكن من الممكن تغيير حكومة في ذروة الانتخابات البلدية وقبل ان تستلم المجالس المنتخبة مسؤوليتها، ولا في ذروة الحوار مع المؤسسات الدولية المانحة، ولا في ذروة الموسم السياحي في ظل تهديدات ارهابية لا مجال لمواجهتها بحكومة تصريف اعمال، ولا قبل فترة قصيرة من الأجل الدستوري لإيداع قانون المالية القادم في مجلس نواب الشعب.”

ودعا الغنوشي كل الأطراف الى معالجة الاختلافات حول هذا الموضوع في إطار الحوار والبحث عن الحلول المعقولة سياسيا والمقبولة دستوريا في كنف الاحترام الكامل للمؤسسات، والنأي بتونس عن كل ما من شأنه ان يعيق مسار انتقاله الديمقراطي في ظل وضع اجتماعي واقتصادي يحتاج حوكمة رشيدة وعادلة ومستقرة وناجعة في معالجة مشاكل الناس قبل تحولها إلى أزمات مستفحلة، وفِي مواجهة ارهاب متربص يرى تونس باعتبارها نموذجا للتعايش بين الاسلام والديمقراطية خطرا على استراتيجيته التكفيرية الاجرامية الشريرة.

وأكد انفتاح الحركة على كل الحلول عبر الحوار الجاد بحثا عن التوافقات الضرورية.

وكتب الغنوشي “التنافس الحر هو من صميم الديمقراطية وان الطموح الشخصي للوصول الى الحكم عبر الصندوق حق دستوري لا يمكن المساس به أو إدانته، ولكن الديمقراطية الناشئة لها مقتضياتها فتونس لا يمكن ان تُحكم بمنطق الأغلبية والأقلية وأن نتيجة الصندوق لا يجب ان تتنافى مع ضرورة الحفاظ على إمكانية التوافق على منظومة حكم مستقرة والنموذج الألماني خير مثال وحافز”.

وجدد الغنوشي تأكيده على أن مواجهة تحديات المرحلة القادمة تقتضي تفرغ الحكومة لمهمتها في التنمية ومحاربة الفساد بعيدا عن التجاذبات الانتخابية والحزبية.

دعوة موجهة الى وسائل الإعلام

وأدان راشد الغنوشي حملات التشويه التي تدار بطريقة منهجية عبر ترويج الاكاذيب وبث الفتن والتحريض على الشخصيات السياسية والأحزاب ورموز الدولة وإطاراتها بما قد يعكس لدى البعض رغبة في العودة الى اجواء الاحتقان والتشنج، وفق رأيه.

كما أدان بشدة ما تعرض له بالخصوص رئيس الدولة من ثلب وتهجم داعيا أجهزة الدولة الى التحرك ضمن القانون لضرب العابثين بالشبكات الاجتماعية وداعيا  وسائل الإعلام الى الانخراط في ميثاق وطني ضد العنف اللفظي وثقافة التشويه ونشر الأخبار الزائفة حتى تبقى حرية التعبير التي أهدتها الثورة لتونس عنوانا من عناوين الحرية والديمقراطية لا سببا للفوضى والتشرذم، وفق رأيه.

 

لقاء باريس 

واعتبر أنه قد تم بفضل لقاء باريس تحقيق الكثير لتونس مشددا على أن البلاد تحتاج الْيَوْمَ اكثر من اَي وقت مضى استحضار الدروس واستلهام العبر من تلك المبادرة التي كانت تبدو وقتها حلما صعب المنال في ظل أزمة سياسية ما زالت تراوح مكانها رغم النجاح في الحد من تأثيرها السلبي في استقرار منظومة الحكم، حسب رأيه.

كما أكد ان الادارة الجيدة للتوافق خلال السنوات الماضية ماتزال مفتاحا للحل وخزانا للأمل والتفاؤل بالمستقبل.

واعتبر الغنوشي أن اللقاء الذي جعمه بالباجي قائد السبسي في باريس كان منطلقا لمسار حمى البلاد من الفتنة والانقسام، وهيأ للثورة التونسية سبل النجاح لتواصل شق طريقها لطي صفحة الاستبداد والدكتاتورية بعد انهيار اغلب تجارب الربيع العربي.

وشدد على أن “الأمور كانت أنذاك تسير نحو الفوضى التي لم يكن يفصل تونس عنها سوى سلك رفيع يحول بين جمهور المعارضة المحتشد في ساحة البرلمان المعطل {اعتصام الرحيل}واعتصام {الشرعية} في نفس الساحة”.

وذكّر أن التحريض كان على أشده حتى تلحق تونس بركب الثورات المجهضة، وكانت التوقعات ان تحاول النهضةـ العمودي الفقري للترويكاـ استغلال الدولة لمصادمة معارضيها، وان يندفع النداء ـالقوة الاساسية في جبهة الإنقاذـ الى تأجيج الشارع لاستنساخ السيناريو المصري، وفق رأيه.

وأشار الى أنه ورغم ان كل أطياف المعارضة يميناً ويسارا قد تداعت على التسليم بالسبسي زعيما لجبهة الإنقاذ رغم اختلافاتها الراديكالية معه، إلا أنه (السبسي( أطل من شاشات التلفزة في مثل هذا الشهر من سنة 2013 مادا يده للحوار مبرزا أن استجابته لم تتأخر وأن و من لامه وقتها على الذهاب الى باريس للقائه ، اجابه لو كان الذهاب الى غواتيمالا مفيدا لتونس في درء الفتنة المخيم شبحها على البلاد ما ترددت ، المهم المضمون لا الشكل، ان مصلحة الوطن مقدمة عنده على كل مصلحة اخرى، حسب ما دونه.

وذكر الغنوشي في مقاله” أن المهمة لم تكن سهلة بالنسبة للطرفين ، رغم أنه كنت قبل اقل من أسبوعين قد خطب في ساحة القصبة يوم 3 أوت 2013 في تلك الجموع الهادرة {قدرت بأكثر من ربع مليونا} كان المنتظر ربما من رئيس حركة النهضة خطابا حماسيا يرد على خطاب الكراهية والتحريض من الطرف الاخر ، وليس الدعوة الى الوحدة الوطنية والمصالحة بين التونسيين”.

وأشار أن موقفه كان نابعا من أن تلك الجماهير الهادرة في القصبة أو المتواجدة في ساحة باردو تنتظر من قادتها وزعمائها شيئا اخر غير لغة الحقد والتحريض، غير الاستسلام للأمر الواقع وقتها وهو الانجرار وراء الفتنة والانقسام وفض الخلاف بالقوة لا بالعقل والحوار.

وبين ان أنصار النهضة كانت تحتاج دعوة الى العيش المشترك ونكران الذات وتقديم مصلحة الوطن على الأحزاب والكيانات والافراد والتأسيس لقيم التصالح والسماحة والتوافق والوحدة الوطنية والقبول بالاخر وملاحقة فكر الاستئصال والاقصاء والتطرف الخطر الأعظم على الثورة بالامس واليوم وغدا.

واعتبر أن لقاء باريس  هيأ الظروف لمسار كامل من التوافق السياسي والمجتمعي فتح الأبواب امام الاستجابة الشاملة لدعوة منظمات المجتمع المدني الى الحوار الوطني وهيأ لحزبي النهضة والنداء سبل النجاح في قيادة الحياة السياسية نحو التهدئة بوجود حزبين كبيرين لهما قدرة على تأطير الشارع وإحلال التوازن الذي اختل بعد انتخابات أكتوبر 2011.

وشدد على أنه قد تم الخروج من الأزمة بعد توافق، لم يكن صفقة انتهازية أو خيارا تكتيكيا أو مناورة ظرفية.

وشدد على أن النهضة خرجت من الحكم ولكنها لم تخرج من السياسة، لم تنقذ نفسها وحسب من محرقة كانت تعد بل انقذت بانسحابها من السلطة الثورة من الارتداد ، انقذت ما غدا يعرف بالنموذج التونسي والاستثناء التونسي : واحة للحرية والديمقراطية وسط فضاء عربي ضربه إعصار مدمر . لم يعد يسيرا بعدها ترداد: ان كانت كل الشعارات المرفوعة وقتها بأن الديمقراطية هي بالنسبة النهضويين مجرد سلم للوصول الى السلطة واحتكارها الى ما لا نهاية له.

واعتبر أن النداء  أعطى بتلك الخطوة التاريخية من زعيمه ومؤسسه طابعا جديدا للمعارضة في عصر الديمقراطية وهي انها فعل بناء وإيجابي يرفض العدمية والتطرف والخيارات القصووية.

ولاحظ راشد الغنوشي أن تونس نجحت في كتابة دستور الجمهورية الثانية وطوت بانتخابات 2014 صفحة الحكم الانتقالي، لتحقق الديمقراطية احد ابرز انتصاراتها بإجراء الانتخابات البلدية والشروع في تركيز أسس الحكم المحلي ليبقى الرهان الاقتصادي بكل تجلياته مشغل  لا يجب ان يغيب عن الطبقة السياسية في مرحلة تاريخية تترسخ فيها قدم تونس يوما بعد يوم في عالم الديمقراطية نموذجا ناجحا صامدا امام الصعاب والمخاطر، مؤكدا أن الاستثمار في الديمقراطية والحريّة ومهما بدا مكلفا وشاقا فإنه أفضل من الرهان على الدكتاتورية التي قطعت معها بلادنا دون رجعة.

 

لقاءات غير معلنة

وأشار الى أن سلسلة من اللقاءات انتظمت بعيدا عن الصخب الإعلامي في منزل السبسي أو في منزله بالتوازي مع الحوار الوطني والى غاية موفى سنة 2014 ، لتبدأ تقاليد جديدة في الحوار والتشاور بينه وبين السبسي ملاحظا أنه أصبحت لتونس تجربة في إدارة الاختلاف السياسي بطريقة ديمقراطية قائمة على التداول السلمي على السلطة.

وأشار الى أنه بادر بتهنئة رئيس نداء تونس الباجي قائد السبسي عند فوز حزبه سنة 2014 قبل صدور النتائج النهائية مسجلا حالة أولى من نوعها في بلاد العرب مبرزا أن النهضة قبلت بعد ان كانت تقود الحكومة المشاركة الرمزية في الحكم لتحصين المسار الجديد من العابثين والمتآمرين، وفق رأيه.

وعبر عن سعادته بأن “الشعب التونسي كافأ الحركة بالفوز في الانتخابات البلدية دون ان يتحول هذا الفوز الى مصدر لإرباك توازنات المشهد القائم، او مبعثًا لغرور وتغول، فحاجة البلاد وسكينتها تبحر في بحر متلاطم احوج الْيَوْمَ وغدا لنهج التوافق كما كانت أمس”.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.