الدولة التونسية على كفّ عفريت: هل يكتفي الشاهد بـ"تسخين البايت"؟

تتواصل مشاورات رئيس الحكومة المكلف يوسف الشاهد بنسق بطيء وحذر بسبب التردّد في الحسم بخصوص تركيبة وهيكلة فريقه الحكومي المرتقب.

المناقشات ولئن دخلت المنعطف الاخير ، حيث ينتظر أن يتم الاعلان مطلع الاسبوع القادم على أقصى تقدير عن تشكيلة الحكومة التي يختارها الشاهد بعد ورود مقترحات الاحزاب عليه لاسيما الرباعي المكون للائتلاف وفتح باب الحوار مع مكونات من المجتمع المدني والمعارضة السياسية والبرلمانية،فإنّ نقاط استفهام عديدة مازالت تطرح بخصوص المقاييس والاليات الموضوعية التي سيختارها رئيس الحكومة المكلف للبتّ في قائمة الوزراء وكتاب الدولة الذين سيعملون معه خلال المرحلة المقبلة.

من الواضح أنّ الشاهد ومن خلال الاصداء الواردة من قصر الضيافة في قرطاج يسعى جاهدا لتوسيع القاعدة السياسية والاجتماعية لحكومته على قاعدة مبادرة "الوحدة الوطنية" التي أطلقها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وتوجت باتفاق قرطاج الذي أمضت عليه 9 أحزاب و 3 منظمات وطنية كبرى.

بيد أنّ ألغاما جمّة تعترض الشاهد في طريق تشكيل حكومته في ظلّ المطالب غير العقلانية والمجحفة الصادرة من قبل بعض الاحزاب ولاسيما من قبل حركة نداء تونس.علاوة عن تدخل رئاسة الجمهورية وبعض أعضاد الباجي في المقترحات والذي من شأنه أن يزيد في لخبطة الامور وربّما الدفع نحو إعادة انتاج أخطاء الماضي القريب التي عمّقت أزمة البلاد.

الشاهد الذي أكّد على كونه سيجعل من حكومته عنوانا للكفاءة والتشبيب وتشريك المرأة في دوائر صنع القرار في احد رأسي السلطة التنفيذية يبدو أنّه يعيش على وقع اكراهات وضغوطات نجح في تصدير بعضها للأحزاب عبر وضعه لشروط انطوت على مناورة سياسية ذات حديّن كشفتها أيضا محاولته ترويض واستمالة وجوه من المعارضة لتشريكها في الحكومة فضلا عن شخصيات انسخلت عن حركة نداء تونس.

لاشكّ في أنّ الحسم في هويّة أعضاد الشاهد في ديوانه وفي فريقه الحكومة لن يتأخر كثيرا بالنظر إلى الآجال الدستورية التي تنتهي يوم 3 سبتمبر المقبل،ليبقى الاهم هو أن تكون المضامين وسرعة الانجاز وخلق مناخ يسمح باعادة ولو جزء قليل من الثقة في السلطة السياسية الحالية التي ستكون منذ الساعات الاولى التي سيتسلم فيها الشاهد المسؤولية المناطة بعهدته بعد أن ينال ثقة البرلمان إزاء تحديات وانتظارات تفوق التوقعات.

إنّ الفترة القادمة ستكون جدّ مؤثرة على مسار الانتقال الديمقراطي في تونس التي رغم النجاح الحاصل في ايجاد توافقات أنقذت البلاد من سيناريوهات الخراب والفوضى والدماء إلاّ أنّ الوضع العام لاسيما على المستويين الاقتصادي والاجتماعي ينذر  بمخاطر محدقة باستقرار الدولة والمجتمع على حدّ السواء.

في المحصّلة،حكومة يوسف الشاهد لا يجب أن تكون مجرد "تسخين للبايت " كما يقال باللهجة التونسية الطريفة والفريدة،بل من الضروري أن يحصل التغيير لا على مستوى الاسماء فقط بل أيضا من ناحية منهجية العمل والسياسة الاتصالية وتحديد الاولويات للاصلاح واخراج البلاد من المأزق الراهن مع الشروع في التطبيق والتفعيل منذ الوهلة الاولى من خلال التمييز بين المهم والاهم بعيدا عن الترضيات الفجّة والمصالح الضيقة،زيادة عن مصارحة الشعب بـ"الحقائق الاربع" بخصوص الاوضاع المالية والاقتصادية والتحديات الامنية والاجتماعية بشكل خاص.

إنّ نجاح الشاهد سيبقى رهين مدى خروجه من عباءة النداء والباجي ليكون رئيس حكومة لكلّ التونسيين يتكلّم أفعالا في علاقة بملفات من قبيل التنمية والحرب على الارهاب والتشغيل ومقاومة الفساد ووقف نزيف المديونية كما يجب أن ينطق ارادة سياسية واضحة المعالم تراعي خطورة الوضع الحالي الذي بات فيه البيت التونسي مهدّدا أكثر من أي وقت مضى بالانهيار لا قدّر الله.

 

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.