الحقوق والحريات في تونس.. إلى الوراء در

 يسرى الشيخاوي-

يظهر أن واقع الحقوق والحريات في تونس يسير بشعار " إلى الوراء در"، اذ يشهد في الآونة الأخيرة مؤشرات تنذر بعودة التضييق الذي وإن كان مقنّعا في غالبه إلا انه يثير الكثير من المخاوف.

وكانت عديد الاصوات الحقوقية، قد أثارت تمظهرات ضرب مقومات الديمقراطية ودولة القانون في تونس زمن الحالة الاستثنائية والعودة شيئا فشيئا الى مربع القمع تحت مسميات كثيرة أبرزها "الإجراءات الاستثنائية".

وفي خطوة لا تعدو ان تكون ذرا للرماد على العيون، استثنى رئيس الجمهورية قيس سعيد الباب الثاني من الدستور المتعلق بالحقوق والحريات حينما علق العمل به، معتقدا انه بذلك يحصن نفسه إذا ما تبادر له ان ينتهك حقا أو حرية.

بهذا القرار، قد يبدو  سعيد في الظاهر ضامنا للحقوق والحريات، ولكن إذا ما تمعنا في الواقع التونسي اليوم نلاحظ ان استبدادا مستترا ودكتاتورية ناعمة تتشكل على إيقاع ممارسات عناوينها القمع والتضييق والاحتجاز.

ولعل الاختبار الاول للحقوق والحريات، زمن الإجراءات الاستثنائية، كان في الوقفة الاحتجاجية للكشف عن حقيقة الاغتيالات السياسية امام المسرح البلدي، والتي انتهك فيها الأمنيون الحق في التظاهر السلمي والاحتجاج واعتدوا على الحرمة الجسدية للمحتجين والمحتجات والناشطين والناشطات والصحافيين والصحافيات.

المداهمات لم تحترم الحياة الخاصة وحرمة المسكن، وحماية المعطيات الشخصية باتت شعارات واهية وسط تحويل ملفات هيئة مكافحة الفساد إلى الداخلية، هذه بعض من ملامح المرحلة الراهنة.

حرية الإعلام تنازع من أجل البقاء والتلفزة الوطنية اليوم أضحت بلون واحد، لا مكان فيها للأصوات المعارضة، والمحاكمات العسكرية تطل برأسها بين الحين والآخر.

تونس اليوم ليست بأفضل حال مما مضى، والتخلص من أثقال عشر سنوات تلت الثورة دون ان تلبي شعارات الثائرين يجب ألا يكون الشجرة التي تخفي غابة من الغموض والارتجال والسير نحو المجهول.

القطع مع حقبة لامس فيها الوضع الحضيض، لا يعني منح صك أبيض لرئيس الجمهورية ليستأنس بهواجسه ويدوس على الحقوق والحريات وهو يقتفي أثرها ويطارد ال"الهم" التي لا تغيب عن خطاباته.

واليوم، في ذكرى الرابع عشر من جانفي، ذلك التاريخ الذي هرب فيه بن علي على إيقاع الأصوات المدوية أمام وزارة الداخلية، حلقة أخرى من حلقات الدفع نحو مربع القمع والتضييق.

الاسيجة تحاوط شارع الحبيب بورقيبة من كل صوب، والمرور إلى الشارع يستوجب إجراءات استثنائية، تبدأ بالتفتيش وتنتهي عند الهرسلة والاستفزاز، كأن ينتهك بعض الامنيين المعطيات الشخصية لمصورة صحفية.

خمسة أميين (من بينهم إمرأة)، وفق شهادة المصورة الصحفية أميرة الجبالي، يطلعون على فيديوهات خاصة ويمعنون في الضحك ويستمعون إلى رسائلها الصوتية، مشهد يثير الغثيان والكثير من المخاوف.

تضييقات طالت الصحفيين وامتدت إلى المحتجين، بدعوى تطبيق الإجراءات الوقائية للحد من انتشار فيروس كورونا والتي تقضي بمنع التجمعات، هذه التعلة التي ركنت إليها السلطة لتقمع الحراك الاحتجاجي.

مرة أخرى، تحاول السلطة التذاكي بإعلان قرارات في ظاهرها صحية وباطنها سياسية، يوما قبل انطلاق التحركات الاحتجاجية المعلن عنها منذ مدة، لترتكز الوحدات الامنية على قرار منع التجمع وتمنع المواطنين من التقدم باتجاه شارع الحبيب بورقيبة.

وفي انتظار انطلاق المسيرات الاحتجاجية، مع الساعة الثانية بعد الزوال، بدأ التعامل الامني يكشف عن بعض ملامحه التي تتسم بالقمع والتضيق، حتى انه تم تفريق بعض التجمعات التي تعد بعض الافراد.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.