الثقافة زمن الوباء.. حينما يرسم حمدي مجدوب طريقا ثالثة

 يسرى الشيخاوي-

"أنا حمدي المجدوب فنّان تونسي معطّل عن العمل لأسباب فيروسية بحتة، مثقّف ونحبّ نقوم بواجبي في التفرهيد كيما طلبت منّي الدولة، نفس الدولة الّي قامت بإلغاء التظاهرات الثقافية والفنيّة."، كلمات تلخّص وضع الفنان التونسي زمن الوباء وتسائل دولة مازالت إلى اليوم عاجزة عن رسم استراتيجية لمجاراة هذا الوضع قبل أن تتفاقم جراح الفنانين والعاملين في المجال الثقافي.

والكلمات السباقة فاتحة نداء أطلقه حمدي مجدوب على الفايسبوك، نداء يشرّح وضع الثقافة والفنون في تونس ويختزل معاناة الفنان الذي يجد نفسه مكبّلا وسط دولة متنصلة من مسؤولياتها وفيروس يمدّ يده إلى كل المنافذ ليمنع تسلل بوادر الامل.

وبين من اختار أن ينتظر قرارات الدولة في علاقة بالشأن الثقافي ومن تقوقع على نفسه ومن ظل يقاوم تسرب اليأس إلى داخله، رسم مجدوب طريقا ثالثة بين انتظار التغيير والتمرّد على الواقع وبعث ناد للسينما في الفضاء الثقافي "القناع" بالمحرس.

ومن المنتظر ان ينطلق النادي يوم غد السبت الرابع والعشرين من أكتوبر على الساعة الخامسة مساء، وفيه يتشبث صاحب الفكرة بالرابط المقدّس الذي يجمعه بالثقافة والفنون، المجال الذي يؤمن به وبقدرته على التغيير.

هو لا يجيد الحياة بعيدا عن الانشطة الفنية والثقافية ولم يرض بالعطالة التي فرضها الفيروس وعاضدته الدولة التي عمّقت أزمة العاملين في المجال الفني والثقافي، وفيما يتواصل  حظر التجوّل يشرّع ابواب الحياة  والخيال عبر السينما، بعيدا عن الواقع الموشّح بالسواد وبأنباء الموت.

هذه التجربة المتحرّرة من كل القيود ليست الأولى في قائمة تجاربه المتعدّدة، إذ خاض سنة ثمانية عشر وألفين تجربة شبيها بها وكان متساكنو معتمديات صفاقس على موعد مع جولة سينمائية بفلمي " شرش" و"على كف عفريت"، وفق حديثه لحقائق أون لاين.

لكن هذه المرة، لم يكن الأمر بالتنسق مع المندوبية الجهوية للثقافة في ظل الحصار المفروض على الأنشطة والتظاهرات الثقافية، بل كان بمبادرة فردية منه وفي تحرر تام من قرارات الوزارة ومبادراتها.

حاملا على عاتقه مسؤولية محاربة اليأس المتسلل من بين كل التفاصيل وإعلاء راية الثقافة والفنون رغم كل العوائق، عاد إلى المحرس بفكرة النادي السينمائي ليفتح للأطفال والكهول نوافذ من الأمل من خلال النقاشات التي يخوضنها حول الأفلام ويكسر حصار الفيروس وتبعاته من حولهم.

في انسجام مع البروتوكول الصحّي، تم تخفيض طاقة استيعاب قاعة العرض من مائة كرسي إلى ثلاثين كرسي يؤمهم الراغبين في مشاهدة الأفلام السينمائية بعد اقتنائ تذاكر بقيمة رمزية تقدّر بدينارين.

زاده الكثير من الإصرار والامل والشغف، وشاشة عرض وحاسوب وانترنت، وأفلام منشودة  سعى حمدي مجدوب إلى إيجادها عبر إشراك المخرجين الهواة والمحترفين في المسؤولية التي يحملها على عاتقه.

وكان ان أطلق نداءه إلى المخرجين السينمائيين التونسيين لمساعدته على تأمين أفلام تكون مادة للعرض والنقاش في النادي السينمائي، ولبى مخرجون هواة نداءه وتفاعل معه المركز الوطني للسينما والصورة ليتمكن من اختيار قائمة للأفلام توضع على ذمة النادي.

ومن المنتظر ان يكون عرض أول فيلم في نهاية الأسبوع مع تخصيص توقيت للعرض والنقاش خاص بأفلام والأطفال وآخر خاص بأفلام الكهول، غي انتظار أن يتغير البرنامج في ليشمل فيما  أيام الأسبوع الممتدة من الإثنين إلى الجمعة.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.