الاستفتاء الدستوري … استشاري ونتائجه غير مُلزِمةٌ

 بسام حمدي –

"يدخل الدستور حيز التطبيق ابتداء من تاريخ الإعلان النهائي عن نتيجة الاستفتاء من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات"… فصل ورد بمشروع الدستور المعروض على الاستفتاء الدستوري يوحي بأن عملية الاستفتاء مجرد استفتاء استشاري ونتائجه غير ملزمة قانونيا، بل هي مجرد أداة لاضفاء الصبغة الديمقراطية على عملية تمرير الدستور الجديد.

وورد هذا الفصل في باب الأحكام الانتقالية لمشروع الدستور الذي نشره رئيس الجمهورية قيس سعيد بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية وعدده مائة وتسعة وثلاثين، وتؤكد صياغته على أن هذا المشروع سيدخل حيز التطبيق مهما كانت نتيجة الاستفتاء الذي سيجرى يوم 25 جويلية 2022.

ولا يفترض هذا الفصل إمكانية سقوط المشروع وعدم دخوله حيز التطبيق في صورة التصويت عليه بالأغلبية بإجابة "لا" ولا تبدو صياغته بريئة بل إنها حمالة وجه واحد ألا وهو الانطلاق في تطبيق مشروع الدستور بعد الاعلان عن النتائج النهائية للانتخابات مهما كانت طبيعة هذه النتائج.

ويدعم هذه القراءة التصريح الصحفي للباحث في القانون الدستوري رابح الخرايفي الذي لاحظ فيه أن مشروع الدستور الجديد لم ينص على سقوط المشروع خلال عرضه على الاستفتاء ونص فقط على دخوله حيز النفاذ بعد إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج النهائية مباشرة.

ويقول إن "مشروع الدستور افترض مرور مشروع الدستور ولم يفترض سقوطه وذلك في باب الأحكام الانتقالية".

عكس ذلك، نصت مسودة الدستور التي سلمها الرئيس المنسق للهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة على دخول مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء حيز التطبيق في صورة التصويت عليه بالأغلبية بإجابة " نعم" بأغلببية المقترعين.

وجاء في مسودة الدستور التي نشرها بلعيد في صحيفة الصباح وتحديدا في الفصل 138 بالباب التاسع أنه "يمكن لرئيس الجمهورية أن يعرض تعديل الدستور على الاستفتاء ويتم قبوله في هذه الحالة بأغلبية" وهو ما يعني أن مشروع الدستور أو التعديل الذي يعرض على الاستفتاء لا يقبل ويدخل حيز النفاذ إلى صوت له أغلبية المقترعين بالقبول.

ولم يتغافل القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 مؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء عن شرط تصويت الأغلبية بالقبول لدخول المشروع حيز التطبيق ونص في فصله عدد مائة وسبعة عشر أنه "إذا أفضى الاستفتاء إلى قبول مشروع النص المعروض، يتولى رئيس الجمهورية ختمه ويأذن بنشره في أجل لا يتجاوز أسبوعا من تاريخ الإعلان عن النتائج النهائية للاستفتاء، وتصرح الهيئة بقبول مشروع النص المعروض على الاستفتاء في صورة تحصل الإجابة بـ"نعم" على أغلبية الأصوات المصرح بها". 

لا يبدو أن أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد، وهو صاحب المشروع الذي سيعرض على الدستور، قد تغافل عن تفصيلة مهمة في الفصل المتعلق بدخول المشروع حيز التطبيق، ولكن يبدو أن الأمر قد حُسم وسيتدخل مشروعه الدستوري حيز التطبيق وسيتم بمقتضاه تطبيق بعض أحلام الرئيس وأهمها تغيير النظام السياسي من برلماني معدل وإلى رئاسي ، فضلا عن تطبيق ما يسمى بالديمقراطية المجالسية أو ديمقراطية البناء القاعدي التي ينظر لها دستور الجمهورية الجديدة.

 

 

 

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.