استبدت به الاستقالات:”الشعب يريد” ينساق إلى دائرة الانقسامات

 بسام حمدي –

"من المرسى بدينا نقذفوا ".. قبل تحقيق أي خطوة من خطوات التأسيس لمشروع البناء الديمقراطي القاعدي" الشعب يريد"، استبدت الخلافات بهذا الطرح السياسي وشدته إليها حد العناق، وباتت تجذبه نحو دائرة الفشل في إرساءه في ظل حالة التفكك التي بدأت تعصف بمعكسر قيس سعيد وتجره إلى مصير عدة أحزاب وصلت إلى الحكم وهي نداء تونس والتكتل من أجل العمل والحريات والمؤتمر من أجل الجمهورية.

ولا يبدو الطريق إلى تحقيق الحلم المنشود مفروشا بالورود، وكل الارتدادات والرجّات التي تحيط بقيس سعيد تترجم الصعوبات العميقة التي تعترض تأسيس مشروع البناء القاعدي وتوحي بوجود خلافات جوهرية ضمن الفريق الداعم لطرحه الفكري وهي خلافات قد تجهض ما بدأ في بناءه.

ألغام الاستقالات والخلافات في مشروع قيس سعيد انفجرت في مؤسسة الرئاسة، وخرجت الانقسامات في صفوف حاملي فكر البناء القاعدي إلى العلن من أبواب القصر، وبلغت ذروتها إلى حد استقالة "العقل المدبر" والذراع الأيمن للرئيس، نادية عكاشة، وهي الاستقالة العاشرة في صفوف القيادات المفسرة والداعمة للمشروع السياسي الداعمين لقيس سعيد.

ولا يمكن أن تفسر هذه الاستقالة الثقيلة حالة من الملل فقط، بل هي أعمق وتؤشر حتما إلى حدة التجاذبات في معكسر قيس سعيد، حتى أن عكاشة أرجعت استقالتها من رئاسة الجمهورية إلى وجود خلافات جوهرية دون أن تفسرها.

ويتضح أن المشروع السياسي لسعيد كغيره من المشاريع الحزبية والسياسية في تونس من خطر الانشطار إلى شقين، شق نادية عكاشة وشق توفيق شرف الدين، وهما محركان رئيسيان في الحملة التفسيرية لقيس سعيد قبل الانتخابات ومحركان أساسيان في تسيير دواليب الحكم بعدها.

ورغم تحفظ القيادات الداعمة للرئيس سعيد عن أسباب الخلافات، إلا أن الكواليس المستقاة من أرجاء القصر توحي بتنازع عكاشة وتوفيق شرف الدين عن سبل إدارة الحكم خلال هذه الفترة وطريقة التعامل مع الأحزاب وكل الأطراف المعارضة للرئيس، وجاءت استقالة عكاشة من الرئاسة لتعلن اصطفاف قيس سعيد وراء التمشي الذي ينصحه به وزير الداخلية شرف الدين.

شمولية الاستقالات لكل التوجهات العامة للمشروع السياسي، تنبؤ بكونها عميقة، فالرئيس استقال من فريقه من كُلف بالشأن الأمني القومي وهو محمد صالح الحامدي، وانفصل عنه من عُين لإدارة الشأن الاتصالي وهي رشيدة النيفر، وغادره من أداروا الملف السياسي وهم نادية عكاشة ومدير ديوانه طارق بالطيب، ومستشاره السياسي عبد الرؤوف بالطبيب.

وما هذه الخلافات في الحقيقة إلا دليلا عن تغلغل الخلافات داخل معكسر "ديقمراطية البناء القاعدي" وتواترها دليل على كونها عميقة ولا تتعلق فقط بالاختلاف في بعض دواليب الحكم.

وأبعد من ذلك مضى شق آخر ضمن الحملة التفسيرية لقيس سعيد قُدما في انتهاج مسار يتناقض كليا مع ما يدعو إليه مشروع البناء القاعدي، وأسست مجموعة رافدة لقيس سعيد حزبا سياسيا جديدا تنوي من خلال خوض الاستحقاقات الانتخابية القادمة.

وكل ما يهم في هذه المسألة هو هاجس، تأثر تسيير دواليب الدولة بأزمة مشروع قيس سعيد، الذي اختار تسيير  الحكم تزامنا مع تأسيسه مشروعه السياسي وتطبيقه في السلطة، وهو ما يجعله تحت طائلة الفشل في تحقيق حكم عادل وناجح وتأسيس مشروع مكتمل وناجع.

 

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.