أوذنة سحر الطبيعة والآثار.. مدينة تزخر بالأسرار

 مروى الدريدي-

سهول خصبة شاسعة، خُضرة توشّح الأرض، أشجار زيتون يانعة، شمس ساطعة وزُرقة سماء، وآثار منتصبة تروي تاريخا وحضارة، هذه ليست رسمة على جدار حائط إنه المنتزه الأثري بأوذنة، مكان يُشبعك جمالا وسحرا وثقافة، وطبيعة هادئة تُنسيك ضوضاء المدينة، وتغريك لزيارتها مرات ومرات.

أوذنة أو "أوتنا" قديما، هي منطقة أثرية تقع على بعد 30 كيلومترا عن العاصمة تونس وتتبع ولاية بن عروس، نظّمت على شرفها وكالة احياء التراث والتنمية الثقافية، زيارة لممثلي وسائل الاعلام في إطار برنامج التعريف بالمواقع الأثرية التونسية وبالموروث الثري الذي تحظى به بلادنا من معالم ومتاحف، تشجيعا على زيارتها.

وتطلّ أوذنة التي اُنشئت فوق مرتفع، على سهل زراعي خصب يمتدّ بين جبل الرصاص وجبل بوقرنين ووادي مليان، وهي حسب قول الباحثين كانت بلدة سابقة للحقبة الرومانية كما تفيد بذلك قطع الفخار التي عثر عليها بالموقع، ولعلها كانت تجمّعا سكانيّا بربريّا بونيّا تحوّل لاحقا إلى مستوطنة في عهد الامبراطور أوكتافيان أوغسطين.

محافظ موقع أوذنة الأثري نزار سليمان، أكّد أن "الحفريّات التي أُحدثت للمدينة لم تكشف إلاّ عن 10 بالمائة فقط منها، إذن فنحن أمام مدينة بأكملها مغمورة تحت التراب، فالموقع لم يحض بالكثير من عمليات الاستكشاف الأثري، باستثناء الحفريات العرضية التي شملت في القرن التاسع عشر البيوت الفخمة الاكروبول (الكابيتول الحالي) وهي الاشغال التي أنجزها الفرنسي رينياي في عام 1947"، وأتاحت أشغال الإحياء في سنة 1993 رفع الأنقاض عن جزء من المدينة بعد أن طواها النسيان، وتمّ ترميم معالمها الرئيسية لتبعث من جديد وتتحول إلى منتزه أثري.

ولكن ما يزال موقع مدينة أوذنة الأثري يزخر بالأسرار التي لم تُسبر أغوارها بعد ولم يُكتشف الجزء الكبير منها، فأرضها تختزن كنوز هذه المدينة الضاربة في القدم، وتنتظر اهتماما أكثر من الباحثين، ولتحقيق هذا الأمر فلا بدّ من تدعيم ميزانية وزارة الثقافة حتى تتمكن من الاهتمام أكثر بعمليات الحفر واستكشاف الموقع الأثرية، ونفض الغبار عن هذه المدينة الثرية، حتى يتم ادراجها ضمن التراث العالمي كمدينة واضحة المعالم.

ومن المعالم الرئيسية لموقع أوذنة الأثري التي شهدت أعمال تهيئة وترميم هو الكابيتول وهو أحد أكبر المعابد الرومانية، والمسرح الدائري، والحمامات العمومية الكبرى، والمنزل المنسوب إلى عائلة لابيري، وحمامات عائلة لابيري، والصهاريج الكبرى، والفسقية الكبرى بالفوروم، والقنوات العلوية "الحنايا" والمسرح.

لكلّ من هذه المعالم جمالية خاصة، وسمحت الحفريات بإبراز ميزة كل معلم، فالتصاميم المذهلة والأعمدة الشامخة والارضيات الموشحة بلوحات الفسيفساء، كلها ميزات تدلّ على ثراء هذه المدينة وحكمة سكانها وعلمهم، خاصة في فنون الهندسة والبناء والنقش فهلموا لزيارة أوذنة..

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.