أزمة التعليم الثانوي تكشف النقاب عن طبيعة النظام السياسي الحاكم

بقلم: بسام حمدي

مثلت أزمة التعليم الثانوي الملف الوطني الحارق الذي تداخلت فيه أطراف عديدة، حكومية وسياسية ونقابية، نظرا لشموليته ومدى أهميته في الشأن الوطني السياسي والاجتماعي وحتى الاقتصادي وحسمت الجدال في التساؤلات القائمة حول طبيعة النظام السياسي الحاكم في البلاد.

وبقدر ما كشف تداخل المسؤولين والسياسيين في ملف التعليم الثانوي التوتر العميق بين الاتحاد العام التونسي للشغل وحكومة يوسف الشاهد رغم ما أظهره الطرفان في جلوسهما على طاولة “وثيقة قرطاج” من توافق مسموم، كشفت الأزمة طبيعة النظام السياسي الحاكم في البلاد ومدى ثقل القرارات والمواقف الصادرة عن حاكم قصر قرطاج وذلك بعد أن رُحّل من باب بنات، وزارة التربية، الى قصر الحكومة بالقصبة لتٌحسم في مراحلها الأخيرة في قرطاج لدى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي.

أفق الحوار والتفاوض انسدت وتعطلت كليا بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الثانوي وأصبح مجال التفاوض فيما بعد تحت سقف قصر الحكومة القصبة بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد والأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي ثم تحولت فيما بعد جلسات النقاش الى باردو مع مجلس نواب الشعب لكن دون جدوى، فتحوّل  بعد ذلك الطبوبي الى السبسي واتفقا على استئناف الدروس وهو ما قررته الهيئة الادارية الوطنية لاتحاد الشغل.

التسلسل في عمليات التفاوض والحسم في الأزمة بعد اللقاء الذي انتظم بين رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي  أظهر أن كلمة الحسم بيد السبسي فلجوء الطبوبي اليه لا يمثل طلب توسط بقدر ما يمثل احتكاما لصاحب السلطة العليا.

هذا الملف أكد لكل التونسيين أن تونس تحتكم خلال هذه الفترة الى نظام رئاسي لا الى برلماني أو برلماني معدّل، فبصمة الباجي في هذه الأزمة برهنت أن بيده كل مقاليد الحكم وكل صلاحيات السلطة التنفيذية رغم أن الدستور لم ينص على ذلك.

وهذا الملف ليس الوحيد الذي تدخل فيه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ليكون الأول والأخير الدال على طبيعة النظام السياسي الحاكم للبلاد، لكن وزن قراره وموقفه في هذه المرة مثّل مطرقة القاضي التي أصدرت الحكم السياسي في مسألة تعليق الدروس.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.