“MA’RACIL”.. مشروع مداده الحب والمقاومة

يسرى الشيخاوي-
ليس الموت فقط أن ترقد أجسادنا تحت التراب وتصّعد أرواحنا بعيدا عن هذا العالم، للموت هيئات أخرى كأن تكتم انفاس الأمل الساكن فيك، كأن تظل الطريق إلى الحياة، كأن تتخلى عن المقاومة من أجلك، ومن اجل من يستمدون منك القوة، من أجل من رحل وهو يقاوم.
يزورنا الموت دون إيذان، يحمل معه في كل مرة قطعة من قلوبنا، وتتعطل كل الساعات ويسكن الزمن ولا يتحرك وتتمدد نقطة الصفر ويستوي الوجود بالعدم، لكن نظرات الراحلين وابتساماتهم ورسائلهم التي كتبوها بأحرف من إرادة تدفعنا دفعا إلى استكمال المسيرةّ.
"رسيل" واحدة من هؤلاء الآنام الذين يبهرونك بقدرتهم على استنطاق الأمل على تخوم اليأس، "رسيل"  أصابها سرطان نادر ولكنها لم تستسلم له وسندها في المقاومة عائلة تخلق الامل من كل تفصيل وتتشبث بالحياة هي تعانق الموت.
هي ووالدها سيف الظريف، ووالدتها خلود البرقاوي وشقيقها مرسال، واجهوا السرطان بابتسامات لا تنضب وامل لا يخبو حتى لتبدو قصتهم ملهمة لكل من يواجه مرضا أو وجعا.
لا انهزام ولا انكسار امام المرض، هذه رسالة رسيل التي غادرت هذا العالم تاركة سيلا من المقاومة لن يتوقف، ولعلها تنظر إلى عائلتها من عليائها وتبتسم لأنها مازالت تسقي الاحلام وتنثر الأمل حيثما مرّت.
لا مكان لليأس في عائلة الظريف والبرقاوي ولكل الأسئلة إجابة واحدة "نحن نحيا بالحب والمقاومة"، وحينما تختبرهم الحياة يواجهونها بأسلحة لا تعترف بالهزيمة، يواجهونها بقلوب دمها الحب ونبضها المقاومة. 
في مستشفى الأطفال حيث غرفة رسيل لا شيء يوحي بالمرض حتى ان رائحة "الشيميو" التي تملأ الأرجاء تخجل وتنسحب في صمت امام ألوان الغرفة وابتسامة الطفلة وأهلها، هذه الغرفة كانت فضاء لخلق الحياة والامل وطاقة لا تنضب مهما كان التعب.
وفي الحرب ضد اليأس والألم، كانت خلود تعدّ لابنة قلبها حلويات بلا سكر وبكثير من الحب، حب مذاقه يطغى على مذاق العسل، كل الاطفال الذي يعانون مرض رسيل تستوجب حالتهم حلويات مغمّسة في كثير من الحب الذي ينسيهم غياب السكّر.
من هنا تشكلّت ملامح مشروع "MA’RACIL"، مشروع مداده الحب والمقاومة، بتفاصيل هذا المشروع قاوم سيف وخلود ومارسال فكرة غياب رسيل عنهم جسدا وإن كانت روحها حاضرة في كل زاوية وتفصيل.
العائلة التي تحدت المرض وتبعاته في اختبارات عديدة وانتصرت، تنتصر مرة أخرى لذكرى رسيل وللحياة، وإن كانت تسمية المشروع بالفرنسية تعني رسيل خاصتي أو رسيلي فإن نفس التسمية بالعربية أي مراسيل تعني الرسائل وفي هذه الخطوة رسائل كثيرة لكل من يواجه المرض أو الفقد أو أي ألم آخر، رسائل تصب كلها عند تجاوز الألم وتحويله إلى سلاح للمقاومة.
"مراسيل" فضاء لصناعة الحلويات الصحية يمتد من تخليد ذكرى رسيل واحتواء مرسال إلى نثر الأمل في قلوب أطفال أصابهم المرض والمقاومة في قلوب أهلهم، فضاء يجد فيه الاطفال ضالتهم دون ان يؤثروا سلبا في علاجهم.
والمشروع منفتح أيضا على من يتبع أنظمة غذائية للتنحيف ومرضى السكري وكل من ينشد أكل حلوى صحية ومنفتح على كل سيناريوهات الحياة التي لا طعم لها دون مقاومة 
 
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.