في ذكرى استشهاد بلعيد: فخامة السبسي يكرم الباجي الشهيد

محمد العبدلي-

قبل أربع سنوات كنت في مكتبي أجمع المادة الصحفية وأسارع الزمن لإعداد صفحات الرياضة وتمريرها إلى قاعة المونتاج قبل أن يأتينا خبر استشهاد شكري بلعيد ليبعثر كل شيء..

لم نصدق. قلنا إنها إشاعات.. ثم تجاوزنا. لعلها مجرد تهديدات.. فالرجل تلقى منها العشرات وربما المئات.. لكن سرعان ما جاءت التأكيدات.. ثم انطلقت التحقيقات التي ربما لن نعيش لمعاصرة ما ستعرفه من النهايات.. فهي قضية تسويات.. ومزايدات وحرب تصريحات ومناكفات..

مرت إذن سنوات على رحيل شكري بلعيد وعن حقيقة اغتياله لا جديد..

ذكرى رحيل ستظل ملعونة.. لعنة شعب فقد بذرة صالحة ومشروع زعيم وسط حقل سياسي غصّ باللئام وقلّ فيه الكرام..

6 فيفري ستظل أيضا ذكرى كريمة في نفوس من أحبوا الرجل الذي لم يخاتل ولم يساوم في أحقية شعب بالكرامة والعيش الرغيد بعد أن استُعبِد لعقود وفرض عليه أن يقنع بالموجود..

شكري كان مشروع زعيم.. وهو الأصل في اغتياله.. فبلعيد كان أشبه بالنبوءة أو الحلم.. وهم اغتالوا المشروع والحلم.. فصراحته ممقوتة.. وشجاعته مبغضة.. وفي اغتياله اختطاف لما حلم به لجميعنا..

رحل بلعيد وترك لنا أثرا طيبا.. ذكرى نضال.. ماضيا لمحام لم يتأخر في الدفاع عن قضايا المظلومين من اليمينيين قبل رفاقه اليساريين.. ترجل كفارس غدر من الخلف.. وهل للجبناء جرأة المواجهة؟

اليوم وبعد أربع سنوات من رحيله يكرم بلعيد بإطلاق اسمه على ساحة حقوق الإنسان بشارع محمد الخامس.. ساحة اختاروا لها اسم "ساحة الشهيد شكري بلعيد لحقوق الإنسان"..

التكريم ازدراه الكثيرون.. ولعنه آخرون.. ومقته العالمون.. واستهجنه المطلعون.. فقد ترك انطباعا سلبيا لدى الجميع وخاصة ممن تداولوا صورة اللافتة الرخامية التي علقت على الساحة حيث بدا المشهد وكأن الشهيد هو من كرم فخامته على رأي الزعيم الآخر عادل إمام..

تكريم حولت وجهته إلى الرئيس الباجي قايد السبسي وهو الذي نقش اسمه بأحرف من ذهب في حين تذيل اسم الشهيد اللافتة بأسود لا يختلف عن قلوب مغتاليه..

صورة اللافتة تضمنت 4 أخطاء عددها الزميل مكي هلال في تعليق مقتضب لكنه معبر وكاف ليصف درجة الحنق التي انتابت الكثيرين ممن رأوها حيث قال "في الصورة أربعة أخطاء ، خطأ فني وآخر اتصالي وثالث أخلاقي والرابع تزلف لا مبرر له!"..

المكي أخطأ ربما في النقطة الرابعة باعتبار أن التزلف له دائما ما يبرره خصوصا عندما يتحول إلى رياضة وطنية يمارسها كبار اللعبة قبل الصغار وهو في رأينا قمة العار..

إذن مرة أخرى تكون ذكرى اغتيال الشهيد فرصة للحديث عن غيره أو ربما هكذا هو قدر زعمينا أن يكون كابوسا يتربص بكل من أرادوا به سوءا حيّا كان أو متوفّى..

رحم الله بلعيد.. ولا نامت أعين الجبناء والمتزلفين والمنافقين وبقضيته متاجرين سواء كانوا رفاقا أو من أهل المخاتلة والنفاق..

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.