أمل الصامت –
اختتمت جمعية “أوريدو الخير” يوم الجمعة 19 جانفي 2018، أشغال إعادة بناء منزلين بمنطقة سيدي محمّد بمعتمدية عين دراهم من ولاية جندوبة، وذلك في إطار برنامجها الخيري الرامي إلى تعويض المنازل البدائية (الأكواخ) بمنازل تحفظ الكرامة لمتساكنيها.
وقد تم إطلاق هذه الأشغال منذ شهر جويلية 2017، ليشرف متطوّعو الجمعية على إتمامها من خلال طلاء المنازل وتأثيثها وتسليم العائلات مساعدات من اغطية وملابس، وذلك بحضور رئيسة الجمعية إيمان بلحاج نصر وأمين مالها كريم الحاج سالم وعدد من ممثلي وسائل الاعلام.
طريق وعرة نحو أحلام تختلف عن أحلامنا
حقائق أون لاين كانت من بين الذين واكبوا اختتام الأشغال بهذه المنطقة الجبلية التي لم يكن الطريق إلى بلوغها سهلا بين طريق معبّدة غلبت عليها المنعرجات وأخرى تملؤها الحفر والمنزلقات، طريق تتعب الزائر العابر فيتساءل: كيف لمتساكنيها تحمّل العناء؟
هذه الطريق هي نفسها التي كان يسلكها أمين مال جمعية أوريدو الخير كريم الحاج سالم في كل نهاية أسبوع منذ شهر جويلية الفارط للإشراف على نقل معدات البناء والعاملين في البداية حتى أصبح التواجد هناك “إدمانا” بالنسبة إليه بحسب شهادة رئيسة الجمعية التي كانت تحدثنا عن ذلك طول الطريق بحماسة ومشاعر صادقة تجاه كل من تطوّع من زملائها في مؤسسة “أوريدو” لرفع هذا التحدي.
وصلنا بالحافلة عند نهاية طريق معبّدة ثم ترجلنا لمسافة تبلغ حوالي 200 متر حتى تجلى لنا المنزل الأول وكان فريق من المتطوعين منهمكا في أشغال الطلاء، وتحت شجرة محاذية كانت الخالة ربح تجلس على قالب آجرّ محاطة بعدد من أفراد عائلتها وفي عينيها شوق لاكتمال “قصرها” الجديد. وكيف لا يكون قصرا بالنسبة إليها وهي لم تكن تملك سوى كوخ سقفه لا يقي من حرّ ولا مطر؟
الخالة ربح التي تعول ابنة مطلقة بطفلين وابنا مريضا، لا يساعدها على تحمّل اعبائهم سوى ولد وحيد يشتغل كعامل يومي “نهار فما ونهار مفماش” على حدّ تعبيرها، لا تهتم بالسياسة ولا تهمها الرفاهية والكماليات، وإنما كل أملها بيت يحفظ كرامتها وكرامة العائلة التي تعولها بمبلغ الشيخوخة الذي يصلها كل شهر والذي لا يتجاوز 150د.
العم صالح لا تختلف ظروفه كثيرا عن الخالة ربح، غير أن الكوخ الذي يعيش فيه لم يجد له المختصون الذين استعانت بهم الجمعية حلاّ مطلقا، لولا أن كان له في الجهة المقابلة قطعة أرض كان قد انطلق في وضع أساسات بسيطة عليها قصد بناء منزل آخر إلا أن قلة ذات اليد منعته من المواصلة، وهاهي جمعية أوريدو الخير تحقق له ما عجز عنه.
كان يقف أمام كوخه القديم يتأمل بيته الجديد بعينين حالمتين تنتظران متى تسكنان تحت سقف لا تتسرب منه مياه الأمطار أو تطل من بين شقوقه أشعة الشمس الحارقة ولفحات البرد القارسة. توجهت إليه بخطوات مثقلة أسأل عن شعوره وياله من سؤال اعتباطي كنت اعرف انه لا يجوز طرحه ولكنه المدخل الذي خطر ببالي حينها لأطلع على الحال التي يعيشها.
هو أب لـ6 بنات وأولاد، المرض العصبي تملّك أكثرهم ومعهم أمهم التي شاهدتها من وراء الباب خلسة ممددة على السرير لا تكاد تقوى على الحراك، ومصاريف علاج كبيرة ملقاة على عاتقه يحاول تغطيتها بمنحة الشيخوخة وبعض أعمال الفلاحة ومنّة من فاعل خير إن وُجد.
جمعية “أوريدو الخير” تحقق الحلم
هناك فوق سفح الجبل لا يزور هؤلاء “المواطنين التونسيين” سياسي أو مسؤول، إلا أن “جمعية أوريدو الخير” استطاعت، بالتعاون مع فرع الهلال الأحمر التونسي في عين دراهم بقيادة الدكتورة دارين السهيلي وبدعم من المدير العام لأوريدو تونس يوسف المصري، كسر القطيعة بينهم وبين حلم مسكن لائق يحفظ كرامتهم ويقيهم موجات الحرارة والبرد التي غالبا ما تكون في المناطق الجبلية شديدة للغاية.
وأفادت رئيسة الجمعية إيمان بلحاج نصر في تصريح لحقائق أون لاين، بأن الفكرة انطلقت بالبحث عن عائلات معوزة في مثل هذه المناطق الجبلية التي تكون فيها العوامل الطبيعية قاسية خاصة في فصل الشتاء، قبل أن تتواصل مع رئيسة فرع الهلال الاحمر بعين دراهم والتي اعلمتها بالحالة التي يعيشها عدد من العائلات بالمنطقة خاصة في ما يتعلق بالسكن غير اللائق، مشيرة إلى أنه كان من المفترض إعادة تهيئة 5 منازل بدائية إلاّ ان حالة المنزلين اللذين تم العمل عليهما كانت تستدعي إعادة بناء كامل مما تطلب إنفاق كل المبلغ المرصود للبرنامج.
من جهته عبّر أمين مال الجمعية كريم الحاج سالم عن فخره بالنتيجة التي وصل إليها هذا المشروع الذي انطلق بمساعدات بسيطة قدمتها جمعية “أوريدو الخير” حديثة التأسيس على إثر الحرائق التي جدت بغابات المنطقة خلال الصائفة الفارطة، ليتم العمل فيما بعد على اختيار العائلتين المعنيتين بإعادة تهيئة منزليهما في منطقة سيدي محمّد من بين حوالي 40 عائلة باعتبار أنهما الاكثر حاجة للمساعدة بشهادة جميع المتدخلين.
وأكد محدثنا أن الأشغال انطلقت منذ أربعة أشهر بعد أخذ التراخيص اللازمة من السلطات المعنية لضمان ملكية الأراضي لمستحقيها، لافتا إلى أن إعادة البناء كانت كلية ومدروسة بطريقة علمية محكمة خاصة في ما يتعلق بالأساسات والأسقف بما يضمن عدم تأثرها بالعوامل المناخية الصعبة.
وعما إذا كان هذا البرنامج سيشمل مزيدا من العائلات سواء في نفس المنطقة أو في أماكن أخرى، عبّر الحاج سالم عن أمله في تواصل هذا البرنامج موجها رسالة لكل من يريد مدّ يد العون والمساعدة سواء بمواد بناء أو أغطية أو أثاث أو مال أو تطوّع أن لا يتردّد في الاتصال بجمعية “أوريدو الخير”.