شهدت تونس خلال السنوات الأخيرة، وتحديداً بعد 14 جانفي 2011، إثر هروب الرئيس السابق زين العابدين بن علي وسقوط رأس النظام، عدّة تغييرات وأحداث وظروف – لا يمكن الحديث عنها هنا – جعلتها تجد نفسها في حرب ضروس ضدّ مجموعات إرهابية استغلّت تفاعل عوامل عديدة ونفذت عمليات إرهابية مختلفة في محاولة لزعزعة الاستقرار وبث الفوضى من أجل إرساء ما يسمونه بـ"الخلافة".
وقد تمركزت هذه المجموعات بشكل خاص في المرتفعات على الحدود التونسية – الجزائرية، من بينها جبال الكاف، الأمر الذي دفع بوحدات الجيش الوطني إلى التمركز في هذه المناطق الحدودية التي يمكن وصفها بالوعرة للتصدّي لمخططات العناصر الإرهابية وإحباطها.
وفي مرتفعات الكاف الواسعة وغاباتها الكثيفة، يتواجد الفوج 14 مشاة ميكانيكية، الذي تمّ إحداثه في 31 جويلية 1959، على الشريط الحدودي في هذه المنطقة ويقوم بمراقبة ورصد كلّ التحركات المشبوهة وجمع المعلومات، وفق ما أفاد به آمر الفوج مجموعة من الصحفيين الممثلين لمختلف وسائل الإعلام الوطنية خلال زيارة ميدانية للجهة.
كما يقوم الفوج بالتدخل في الحالات الطارئة لفائدة مراكز الحرس الحدودية المتقدمة والتدخل ضدّ أي تسللات مشبوهة واعتراض السيارات المشبوهة في مسالك التهريب والمناطق الخطيرة على الشريط الحدودي. وأكد آمر الفوج 14 مشاة ميكانيكية ان عمل الفوج يدخل كذلك في إطار بعث الطمأنينة في نفوس المواطنين والتدخل لفائدتهم.
ويشمل القطاع الذي ينتشر فيه الفوج 14 مشاة ميكانيكية سلسلة مرتفعات، من بينها جبل ورغة الذي يزيد طول أعلى قمة فيه عن 900 متر، في حين يبلغ طوله 12 كم وعرضه 4 كم، هذا إلى جانب جبال أخرى كحمام ملاق وللا عائشة…
وتزيد طبيعة الجبال والغابات الكثيفة والوديان والمنعرجات الضيقة التي يستغلّها الإرهابيون للاختباء والاحتماء بها، والظروف المناخية الصعبة صيفاً وشتاء، من صعوبة عمل الوحدات العسكرية، إلا أنها لن تثنيها عن مواصلة عملها للتصدي للمجموعات الإرهابية، حسب تأكيدات آمر الفوج 14 مشاة ميكانيكية.
فالوحدات العسكرية في حالة تأهب دائمة لمواجهة أي خطر، وهي تخضع لتدريبات وتمارين يومية في ميدان المناورات والرمي الوطني الموجود بمنطقة الدباديب، لصدّ أي هجوم محتمل أو عملية محتملة.
علاوة عن قيام دوريات عسكرية بعمليات تأمين المسالك بشكل يومي من خلال تفتيشها واستطلاعها، وتقف في كلّ مرّة في نقطة انتصاب وقتية تمكنها من تأمين الموضع على مدى 360 درجة والإشراف على كامل الميدان.
ولئن قدّم الفوج 14 مشاة ميكانيكية 12 شهيداً في الكاف بين سنتي 2014 و2015، إلا أن ذلك لم يحطّ من عزيمة وحداتنا العسكرية بل جاءت ردّة فعلها قاسية على الإرهابيين واستعادات زمام المبادرة وضجّت مضاجع العناصر الإرهابية التي اعتقدت لوهلة قصيرة أنها تستطيع التحصّن في جبال الكاف الشامخة التي طالما كان لها دور هام في صدّ المعتدي مهما كانت هويته أو الجهة التي ينتمي إليها.
