دوّن محامي شهداء الثورة وجرحاها الاستاذ شرف الدين القليل إصدارا فيسبوكيا جاء فيه ما يلي:
"بقدر سعادتي لجميع اللذين سوف ينتفعون بالعفو الرئاسي هذه الليلة و يغادرون سجن إيقافهم لمعانقة الحرية، بقدر انزعاجي و استغرابي من تواصل سجن "القائمة النهائية لشهداء ثورة الحرية و الكرامة" بين رفوف مكتب السيد رئيس الجمهورية منذ يوم 17 ديسمبر من السنة المنصرمة، تاريخ تسليمها له من السيد توفيق بودربالة رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان و الحريات الأساسية!!!
مرد انزعاجي هو بالتأكيد طول المدة الزمنية، خاصة و أن القانون لا يمنح لرئيس الجمهورية غير سلطة التأشير على القائمة المقدمة إليه و إمضائها( دون إمكانية حتى مجرد التدقيق فيها أو مراجعتها ) و من ثمة نشرها بالرائد الرسمي، و فتح باب الطعون فيها ممن له المصلحة…و أعتقد أنهم سوف يكونون كثرا كثر.
و لكنني مستغرب أيضا من عدم إكتراث السيد رئيس الجمهورية لا بمعاناة عائلات الشهداء و قرب نفاذ صبرهم من طول انتظار هذه القائمة التي لن تزيدهم غير بعض استنهاض معنوياتهم ليس إلا… و لابحملات التشكيك و التشويه وقلة الحياء و المعروف التي باتت بشكل لافت تستهدفهم و تستبيح ذكرياتهم المخضبة بالدماء و الآلام و…بعض الأحلام المغتصبة…. و لا بتعالي الأصوات الحرة و بتهاطل بيانات الأحزاب والمنظمات المطالبة بدورها بإصدار القائمة…و لا بما يفرضه عليه الدستور و نص القانون في ختم القوانين و السهر على تطبيقها… و لا أصلا بصفته كرئيس لكل التونسيات و التونسيين( و لا أعتقد أن سيدي الرئيس يستثني منهم عائلات شهداء و جرحى الثورة… حتى و إن كان لا يؤمن بالثورة أصلا و يعتبرها مجرد "هراء" و "صفحة يجب التعجيل بطيها و الإجهاز عن جميع استحقاقاتها و..و..و…)
و لكن أكثر من انزعاجي، فأنا مستغرب حقا و في حيرة من أمري حول الدوافع الحقيقية لهذا التأخير المتكرر و الغير اعتباطي بالمرة في إصدار القائمة النهائية للشهداء…خاصة على ضوء بعض التسريبات المتعلقة بها و التي تفيد إقصاء شهداء الأمن و الجيش و السجون و الديوانة الذين استشهدوا بين 17 ديسمبر 2010 إلى 26 فيفري2011 منها، و خصهم في المقابل بقائمة أخرى سوف يقع تسميتها ب "قائمة شهداء الوطن"…و كأني بشهداء الثورة المجيدة كانوا قد استشهدوا من أجل شيئ آخر غير هذا الوطن الذي أحبوه أكثر منا و استبسلوا من أجله أفضل منا و عرفوا كيف يودعوه خيرا منا….و في ذلك إمعان في مواصلة نهج التفرقة بين أبناء الوطن الواحد مهما كانت مواقعهم و مهما كانت طريقتهم في عشق هذا الوطن .
بعض التسريبات الأخرى شبه المؤكدة تفيد إسقاط الشهداء ( و أنا أصفهم كذلك لا مزايدة و لا تعتيما و إنما اقتناعا و تكريما) الذي سقطوا في السجون التونسية و في مخافر الشرطة من تلك القائمة!!! و أنا أستغرب لأن ذلك الإسقاط قد تم دون أن تخبرنا دولتنا الموقرة، و من ورائها هيئتنا الموقرة العليا لحقوق الإنسان و الحريات الأساسية، عن حقيقة ما وقع بمختلف السجون خلال الثورة…و دون أن تنتظر كلمة القضاء في الموضوع( الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بالمنستير و الدائرة الجنائية بالمحكمة العسكرية الدائمة بصفاقس..)
والتسريبات تتكاثر و تتنوع، و العائلات تنتظر، و… سيدي الرئيس لا يكترث، أو ربما هو يتحين الفرصة، أو….لست أدري.
كل ما أعرفه سيدي الرئيس هو أن انتظارنا قد طال، و أن أن معاناتنا تكاد تصبح دائمة، و أنكم مسؤولون-و لو جزئيا- عن ذلك… و لكننا صابرون و صامدون…كما عهدتنا دوما يا سيادة الرئيس.
أتمنى لك قيلولة هادئة سيدي الرئيس، و المعذرة عن الإزعاج سيدي الرئيس، و لنا عودة للموضوع بالتأكيد بعد صدور القائمة يا….. سيدي الرئيس.