بن ڤردان، أم المعارك

هي المعركة الأولى من نوعها التي يقودها جيشنا وقواتتا الأمنيّة الباسلة على تراب هذا الوطن. إذ لم يسبق وأن شهدت بلادنا معركة نوعيّة حاسمة ودمويّة بمثل هذا الحجم على امتداد عقود طويلة. لقد كان عدد الشهداء من أبنائنا وعدد قتلى الارهابيين المعتدين مرتفعا.

لقد برهنت قواتنا المسلّحة أنها على أهبة الاستعداد وأنها تتشوّق الى الحاق هزيمة نكراء بهؤلاء الأشقياء الذين ألحقوا بنا الأذى في مواقع عديدة وبطرق خسيسة تنِمُّ عن دناءة ورداءة منقطعة النظير. لقد كان الردّ من قبل حماة الديار في مستوى الآمال المعلقة عليهم. معركة بن ڤردان، انتهت أو تكاد رغم بعض محاولاتهم اليائسة التي هي أشبه برقصة الديك المذبوح.

انتصارنا لا لبس فيه وهزيمتهم نكراء لاغبار عليها. تجرّؤ هؤلاء الجرذان وتجّار الموت على بلادنا والخطوة التي أقدموا عليها تؤكد أن تنظيمهم أوهن من بيت العنكبوت وأن لعنة الموت تحت أقدام شرفاء هذا الوطن من أهالي وأمنيين ستلاحقهم متى وسوست لهم شياطينهم محاولة إيذاءنا أو اقتحام أراضينا أو مجرّد إزعاجنا. مدينة بن ڤردان التي كانت مسرحا لملحمة وطنية جديدة تنضاف الى رصيد هذا الشعب الأبيّ والعصيّ على أعدائه دخلت التاريخ من أوسع أبوابه.

لقد اعتقد هؤلاء المرتزقة والقتلة المأجورين أن هذه المدينة الحدوديّة التي تعيش أوضاعا اقتصادية مزرية وتنمية هشّة ستكون لقمة سائغة وأن أهلها الأبطال الأشاوس سيقدمون لهم قرابين الولاء والطاعة بمجرد دخولهم لها «فاتحين».

هذا ما اعتقدوه، أو هذا ما خٌيِّلَ لهم. ولكن، هيهات هيهات، اذ لم تكن توقعاتهم الا أماني وأضغاث أحلام انقلبت في لمح البصر إلى كوابيس ستقٌضّ مضاجع أسيادهم وأمرائهم وقادتهم الذين أعماهم غرورهم وكبرياؤهم الزائف وغباؤهم الفطري وأنساهم أن يتصفحوا تاريخ هذا البلد الذي طالما كان مقبرة لكل الغزاة والطامعين. إمارتهم المزعومة التي يتوهّمون إقامتها على تراب بن ڤردان سيكون ثمنها أرواحهم النجسة . حتى أجسادهم النتنة العفنة لن تهنئ في قبورها فتراب هذه الوطن الذي خانوه لا يتشرف بإيوائها وديدان هذه الأرض الطيبة تتأفف من مجرّد الاقتراب منها .

بن ڤردان اقتحمت التاريخ ليس لأنها دحرت هؤلاء الخونة والعاقين من أبنائها الذين «أخذتهم العزة بالإثم» والذين كانوا «يظنون أنهم يحسنون صنعا» فحسب، بل أيضا لأن هذه المدينة أصبحت اليوم رمزا للمقاومة والمنعة والنضال ضد صنف جديد من الاستعمار والغزو يفوق في وحشيته ربما، غزو المغول والتتار والهلاليين. اسم هذه المدينة، الأشاوس أهلها والكرماء الطيّبون سيبقى عقدة وشوكة في حلق المتآمرين والطغاة الحقيقيين الملطخة أياديهم بدماء الأبرياء في العراق وسوريا وليبيا واليمن. الهبّة الشعبية والالتفاف حول قواتنا الأمنية واقبال اهالينا في بن ڤردان على الاستشهاد في سبيل هذا الوطن لوقف زحف الارهابيين المعتدين هو فصل جديد يكتب في حياة هذه الأمّة. هو درس يجب على كل وطني في ربوع هذا البلد أن يتلقاه وهي رسالة مضمونة الوصول الى كل الذين اعتقدوا يوما أن للارهاب مكان في حياة شعبنا ومستقبل على أرضنا.

موقعة بن ڤردان، ملحمة أخرى في رصيد ملاحم شعبنا وأبنائنا في شمال البلاد كما في جنوبها. هي المعركة الكبرى والمفصليّة والحاسمة ضد ثقافة الموت والجهل والرجعية والتخلّف التي يبشّر بها هؤلاء الارهابيون والخونة، تاتار هذا الزمن. هي المعركة الحقيقية، بل هي أم المعارك.

آخر الأخبار

الأكثر قراءة

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.