لا يفوت الالاف من مستعملي الميتروات التونسية يوميا، أن يلاحظوا أن أموالهم تنهب منذ سنوات على مرأى ومسمع المسؤولين، ممّا يبعث عن التساؤل هل هو غضّ نظر لأنهم مستفيدون أو أنهم يعتبرونها حالة عادية لا تستوجب التدخل ؟
فنسبة كبيرة من أعوان شركة نقل تونس وإن لم نقل 50 بالمائة منهم لديهم تجاوزات وخروقات في حق المواطن وفي حق شركتهم .
ملايين من المليمات ضائعة
ويكمن الاشكال هنا في معلوم التذكرة ذات قيمة 470 مليما حيث يُرجع عون الاستخلاص 20 مليما ويغض الطرف عن 10 مليمات، وإن طالبه الحريف بإرجاع المبلغ كاملا، أي 30 مليما، يتعلّل بعدم توفّر الصّرف، ونفس التجاوز في التّذكرة ذات قيمة 320 مليما، حيث يُرجع العون 20 مليما ويرفض ارجاع العشرة مليمات بنفس التعلة .
وفي هذا السياق، أكدت المواطنة (م.م) لحقائق أون لاين، أنها منذ سنوات تستقل المترو عدد 2 الرابط بين ولاية أريانة والعاصمة، وأنها تقطع التذكرة 470 يوميا، وكلّما أعطت 500 مليم لعون الاستخلاص يرجع لها 20 مليما فقط ولا يكلّف نفسه حتى عناء الاعتذار عن الـ10 مليمات، وفق تعبيرها.
وقالت(م.م) إنها أصبحت توفر الصرف وتمنح عون الاستخلاص قيمة التذكرة كاملا (470م)، لكن عندما لا تملك الصرف يرفض الأعوان ارجاع العشرة مليمات، مبينة أنها اعتادت على هذا الأمر ولم تعد تستغرب عدم ارجاع المبلغ المتبقي كاملا.
ونفس الشيء أكده المواطن عمر بلقاسم، الذي يستقل المترو عدد 2 يوميّا الذي أكد أيضا أنه نادرا ما يرجع له عون الاستخلاص الـ10 مليمات، إلى درجة أنه اعتاد على هذا التصرف ولم يعد ينتظر ارجاع المليمات المتبقية.
وعن استفسارنا عن هذا الموضوع، أوضح أحد أعوان الاستخلاص بإحدى محطّات العاصمة فضلنا عدم ذكر اسمه، أن غياب الصّرف يفرض على أعوان الاستخلاص عدم إرجاع الـ10 مليمات، مبينا أن شركة نقل تونس لا توفر الصرف لأعوان الاستخلاص.
وفي سؤالنا إن كانت المداخيل المتأتية من فئة 10 مليمات تذهب إلى الشركة، نفى عون الاستخلاص هذا الأمر وقال إن هذه المداخيل يأخذها أعوان الاستخلاص، ولا تذهب إلى الشركة، مقترحا أن يتم تغيير المعلوم لتجنب هذا الأمر.
هذا واعتبر عديد المواطنين ممن التقينا بهم أن الملايين من المليمات تذهب إلى جيوب أعوان الاستخلاص ولا تنتفع بها الشركة، مجمعين على أن هذا التجاوز الخطير هو شكل من أشكال الفساد الذي استشرى في شركة نقل تونس وفي كل القطاعات، وفق تعبيرهم.
أقارب لأعوان شركة نقل تونس لا يدفعون معلوم التذكرة؟
وفي موضوع متّصل، أكد الشاب (ي.د)، أنه نادرا ما يقطع تذكرة عند ركوبة في المترو أو الحافلة، وأنه عند الامساك به وتحرير خطيّة في حقه يقوم بالاتصال بعمّه وهو عون استخلاص متقاعد، فيقوم بإجراء اتصالاته ويقع إيقاف اجراءات الخطيّة.
وأضاف أن أغلب أعوان الاستخلاص عندما يتّصل بهم شخص"معرفة"حرّرت في شأنه خطيّة، يقومون فورا بإلغائها، وفق قوله.
وهنا يمكن الاستنتاج بأن استهانة أعوان استخلاص شركة نقل تونس بقيمة 10 مليمات لا مبرّرلها فبعملية حسابية بسيطة يمكن التأكد من الملايين التي تضيع يوميّا على المواطن والشركة، فضلا عن تجاوزاتهم من خلال تطبيق القانون على مواطنين وعدم تطبيقه مع آخرين يؤدي حتما إلى خلق حالة من القهر والغضب لدى المواطن، وبالتالي فإن تطبيق القانون يجب أن يكون على الجميع دون تمييز.
لذلك فعلى وزارة النقل المسارعة بمراجعة بعض القرارات ومنها مراجعة تعريفة 470 مليما و320 مليما، فضلا عن معاقبة المتجاوزين والخارقين للقانون من أعوانها، حتى تكون العبرة ويتم الحد من الفساد الذي نخر كل ادارات الدولة.
معلم متقاعد يقترح حلا على وزارة النقل
وكان المعلّم المتقاعد، عبد السلام بن عامر، قد اقترح في شبكة التواصل الاجتماعي الفايسبوك على وزارة النقل حلاّ ليستفيد الجميع من المليمات الضائعة يوميا وهو النزول بـ320 مي إلى 300 مي ..والترفيع من 470 مي إلى 500 مي وبذلك تتحقق الأهداف التالية:
– سهولة اقتطاع التذاكر
– ربح الوقت
– ربح الشركة لـ 10 مي (التخفيض بـ 20 مي / الترفيع بـ 30 مي يعني أن الشركة تربح في المحصلة 10 مليمات)
– القضاء على ظاهرة "سامحني ما عنديش 10..سامحني ما عنديش 30" ..هذا إذا أراد القابض أن يكون ذا أخلاق..أما في أكثر من 50 في المائة من الحالات فإنك لا تسمع ذلك منه و كأن الاستيلاء على نقودك صار حقا مكتسبا لسيادته !
– تجنيب أعوان الشركة ما يفسد أخلاق بعضهم
– تجنيب المواطن الشعور بالقهر وهو يُستَولى – يوميا أحيانا – على حقوقه لمجرد أنه لا يتوفر على 320 أو 470 مي بالضبط..