ملايين من المليمات في جيوبهم وأقاربهم لا يدفعون معلوم التذكرة: من يوقف تجاوزات أعوان شركة نقل تونس؟!

مروى الدريدي-

يعاني الالاف من مستعملي الميترو الخفيف يوميا، من نهب أموالهم منذ سنوات على مرأى ومسمع المسؤولين، ممّا يبعث عن التساؤل هل هو غضّ نظر لأنهم مستفيدون أم أنهم يعتبرونها حالة عادية لا تستوجب التدخل؟

فنسبة كبيرة من أعوان شركة نقل تونس لديهم تجاوزات وخروقات في حق المواطن وفي حق شركتهم، طبعا باستثناء الأعوان الذين يحرصون دائما على تجنب أي تجاوز يسيء إليهم في أشخاصهم أو في شركتهم.          

ملايين من المليمات ضائعة

ويكمن الاشكال هنا في معلوم التذكرة ذات قيمة الـ470 مليما، إذ يُرجع عون الاستخلاص 20 مليما ويغض الطرف عن الـ10 مليمات، وإن طالبه الحريف بإرجاع المبلغ كاملا، أي 30 مليما، يتعلّل بعدم توفّر الصّرف، ونفس التجاوز في التّذكرة ذات قيمة الـ320 مليما، حيث يُرجع العون 20 مليما ويرفض ارجاع العشرة مليمات.

وفي هذا السياق، أكدت المواطنة (م.م) لحقائق أون لاين، أنها منذ سنوات تستقل المترو عدد 2 الرابط بين ولاية أريانة والعاصمة، وأنها تقطع التذكرة بـ470 مليما يوميا، وكلّما أعطت 500 مليم لعون الاستخلاص يُرجع لها 20 مليما فقط ولا يكلّف نفسه حتى عناء الاعتذار عن الـ10 مليمات، وفق تعبيرها.

وقالت(م.م) إنها أصبحت توفر الصرف وتمنح عون الاستخلاص قيمة التذكرة كاملا (470م)، لكن عندما لا تملك الصرف يرفض الأعوان ارجاع العشرة مليمات، مبينة أنها اعتادت على هذا الأمر ولم تعد تستغرب عدم ارجاع المبلغ المتبقي كاملا.

ونفس الشيء أكده المواطن عمر بلقاسم، الذي يستقل المترو عدد 2 يوميّا الذي قال إنه نادرا ما ُيرجع له عون الاستخلاص الـ10 مليمات، إلى درجة أنه اعتاد على هذا التصرف ولم يعد ينتظر ارجاع المليمات المتبقية.

وعند استفسارنا عن هذا الموضوع، أوضح أحد أعوان الاستخلاص بإحدى محطّات العاصمة، فضّل عدم ذكر اسمه، أن غياب الصّرف يفرض على أعوان الاستخلاص عدم إرجاع الـ10 مليمات، مبينا أن شركة نقل تونس لا توفر الصرف لأعوان الاستخلاص.

وفي سؤالنا إن كانت المداخيل المتأتية من فئة 10 مليمات تذهب إلى الشركة، نفى عون الاستخلاص هذا الأمر، وقال إن هذه المداخيل يأخذها أعوان الاستخلاص، ولا تستفيد منها الشركة، مقترحا أن يتم تغيير معلوم التذاكر لتجنب هذا الأمر.

هذا واعتبر عديد المواطنين ممن التقيناهم أن الملايين من المليمات تذهب إلى جيوب أعوان الاستخلاص ولا تنتفع بهم الشركة، مجمعين على أن هذا التجاوز الخطير هو شكل من أشكال الفساد الذي استشرى في شركة نقل تونس وفي كل القطاعات، وفق تعبيرهم.

أقارب أعوان شركة نقل تونس لا يدفعون معلوم التذكرة

وفي موضوع متّصل، أكد الشاب (ي.د)، أنه نادرا ما يقطع تذكرة عند ركوبة في المترو أو الحافلة، وأنه عند التفطن إلى أمره، ويقع تحرير خطيّة ضده يقوم بالاتصال بعمّه وهو عون استخلاص متقاعد، فيقوم بإجراء اتصالاته ويتمّ إيقاف اجراءات الخطيّة.

وأضاف أن أغلب أعوان الاستخلاص عندما يتّصل بهم شخص"معرفة"حرّرت في شأنهم خطايا مالية، يقومون فورا بإلغائها، وفق قوله.

وهنا يمكن الاستنتاج بأن استهانة أعوان استخلاص شركة نقل تونس بقيمة 10 مليمات لا مبرّر له، فبعملية حسابية بسيطة يمكن التأكد من الملايين التي تضيع يوميّا على المواطن والشركة، فضلا عن تجاوزاتهم من خلال تطبيق القانون على مواطنين وعدم تطبيقه مع آخرين، وهو ما يؤدي حتما إلى خلق حالة من القهر والغضب لدى المواطن، وبالتالي فإن تطبيق القانون يجب أن يكون على الجميع دون تمييز.

لذلك فعلى وزارة النقل المسارعة لمراجعة بعض القرارات منها مراجعة تعريفة الـ 470 مليما و320 مليما، فضلا عن أخذ الاجراءات الادارية والقانونية اللازمة في حق المتجاوزين والخارقين للقانون من أعوانها، حتى تكون العبرة ويتم الحد من الفساد الذي نخر كل إدارات الدولة.

معلم متقاعد يقترح حلا على وزارة النقل

وكان المعلّم المتقاعد من التعليم الابتدائي، عبد السلام بن عامر، قد اقترح على وزارة النقل حلاّ، ليستفيد الجميع من المليمات الضائعة يوميا وهو النزول بمعلوم التذكرة ذات الـ320 مي إلى 300 مي، والترفيع من معلوم التذكرة ذات الـ 470 مي إلى 500 مي وبذلك يتحقّق سهولة اقتطاع التذاكر وربح الوقت، وربح الشركة ل 10 مي (التخفيض ب 20 مي / الترفيع ب 30 مي يعني أن الشركة تربح في المحصلة 10 مليمات).

كما يمكّن هذا المقترح وفقا لعبد السلام بن عامر، من القضاء على ظاهرة "سامحني ما عنديش 10 فرنك..سامحني ما عنديش 30 فرنك"، مضيفا أنه في كثير من الحالات لا تسمع ذلك منه وكأن الاستيلاء على نقودك صار حقا مكتسبا!".

علاوة عن ذلك يقول بن عامر إن هذا الحلّ يجنّب أعوان الشركة ما يفسد أخلاق بعضهم، ويجنب المواطن أيضا الشعور بالقهر وهو يُستَولى يوميا على حقوقه لمجرد أنه لا يمكن أن يوفر 320 أو 470 مي كاملة، وفق قوله.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.