بعد خيبة الأولمبيين: هل حان آوان مراجعة "كاستينغ" المدربين.. أم ستتواصل إعدامات أجيال من اللاعبين؟

فشل المنتخب الأولمبي في بلوغ الدور الثاني من نهائيات كأس أمم إفريقيا لأقل من 23 سنة بعد أن تلقى هزيمتين متتاليتين أمام البلد المنظم السنغال ثم جنوب إفريقيا..

الانسحاب من الدور الأول ساوى أيضا عدم التأهل إلى الألعاب الأولمبية بريو دي جانيرو خلال الصائفة المقبلة وهو ما ترك ألما مضاعفا لدى الجمهور الرياضي..

الخيبة باتت السمة الأبرز لنتائج المنتخبات الوطنية من الأكابر إلى الأصناف الشابة وهو ما يدفع بالكثيرين نحو تقييمات يغيب عن أغلبها الطابع الفني بما أن أغلب المؤشرات والتشاخيص تقود نحو دروب أخرى..

الاتهامات بالولاءات والمحسوبية وخدمة أجندات السماسرة هي معطيات تقفز إلى السطح كلما مني أحد المنتخبات بالفشل سواء تعلق الأمر باختيار المدربين أو كاستينغ اللاعبين..

ولأجل ذلك صار النظر إلى هذه الزاوية من الطرح بأكثر موضوعية وجدية في التناول أمرا مستوجبا خصوصا أن بلوغ الأولمبياد هذه المرة كان في متناول هذا الجيل لو أن اختيار الإطار الفني واللاعبين تم وفقا للأحقية..

ولاءات وصداقات

لم يكن تعيين ماهر الكنزاري ضمن الإطار الفني للمنتخب الأول بقيادة البلجيكي جورج ليكانس إلا تخليصا من البطالة لهذا الفني الذي لاحقه الفشل والابعاد أينما مر باستثناء تجربتيه مع منتخب الأصاغر سنة 2007 والنادي البنزرتي في 2012..

الكنزاري الذي يتمتع بعلاقة صداقة مع وديع الجريء رئيس الجامعة منذ عملا معا في 2007 مع الأصاغر فاز بمقعد إلى جانب ليكانس ولما منيا بالفشل في "كان" غينيا الاستوائية حولت وجهة ابن البقلاوة إلى المنتخب الأولمبي باعتبار أن الفني البلجيكي قد عمل على تهميشه بعد أن خبر حقيقة إمكانياته وهو الذي فضل عليه حاتم الميساوي..

إذا علاقة الصداقة مع الجريء فتحت أمامه أبواب المنتخب الأول ثم المنتخب الأولمبي الذي مثل فرصة مواتية للكنزاري لكي يستعيد بريقه على الساحة التدريبية خصوصا أن التأهل إلى الأولمبياد والوصول إلى البرازيل سيكون كافيا له ليعيد اكتشاف نفسه..

ولأن ما بني على باطل فهو باطل فقد عانق الكنزاري الفشل رغم أن كل الظروف كانت مواتية ليحقق الحلم بلعب الأولمبياد وحتى المراهنة على "الكان" نظرا لتقارب مستوى كافة المنتخبات..

اتهامات ومحاباة

قبل شد الرحال إلى السنغال اتهمت قائمة اللاعبين بأنها نتاج لعبة السماسرة وأنها أعدت في إحدى المقاهي نظرا لكون الأسماء التي تم استبعادها تعرضت إلى مظلمة مقابل إكرام آخرين لم يكونوا ليستحقوا الدعوة..

ماهر الكنزاري تجاهل محمد علي الجويني ومحمد صالح المهذبي ومهدي الوذرفي و عمر زكري و أشرف بوضياف وسيف الله المسكيني والمنذر القاسمي وفضل عليهم آخرين يعانون من البطالة على غرار العابدي والشعلالي والغندري والماجري..

مدرب المنتخب الأولمبي آثر التعويل على بيفو كمركز مدافع محوري لتوفير حصانة لصديق الماجري في وقت تجاهل فيه جويني جرجيس الذي خاض كامل التصفيات أساسيا..

وتم التعويل على بيفو (وجدي كشريدة) كظهير أيمن (رغم نجاحه في أداء دوره الجديد) رغم أن بن علي البقلاوة كان قادرا على القيام بالمهمة وتم تغيير مركز العابدي من ظهير أيسر إلى متوسط ميدان في حين كان زكري الهمهاما قادرا على شغلها وكل هؤلاء يشتركون في معطى أن المبجلين مغيبون في فرقهم والمقصيون يصنعون نجاحات أنديتهم؟

ماهر الكنزاري اضطر إلى تغيير مراكز عدة لاعبين لفرضهم عنوة مقابل تجاهل آخرين وهنا يؤكد الكثيرون أن دور السماسرة كان واضحا وأن لعبة الكواليس هي التي فرضت وجودها..

ماذا يساوي إعلان الرحيل؟

أعلن ماهر الكنزاري أنه سيركن إلى الراحة وأن مهامه على رأس المنتخب الأولمبي قد انتهت بانتهاء التزاماته ذلك أن جيل أحمد خليل لم يعد أمامه أية استحقاقات إلا مع المنتخب الأول..

وبلغة أخرى أعلن الكنزاري نهاية الرحلة في وقت يعرف الجميع أن "القطار قد بلغ نهاية الخط" منذ السقوط أمام جنوب إفريقيا لغياب الاستحقاقات أولا ولعقد الأهداف الذي يشير للإقالة في صورة الفشل ثانيا..

في مصر لم ينتظر الفراعنة وصول حسام البدري من السنغال بل أن الإقالة أشهرت في وجهه منذ نهاية مباراة مصر ومالي للجولة الثالثة حيث اعتبر المصريون أن الانسحاب من الدور الأول مهين لكرتهم رغم قوة المجموعة في وجود نيجيريا والجزائر ومالي..

أما في تونس فيسمح للكنزاري بلعب دور المتعفف في وقت كان أقل ما يمكن أن اتخاذه هو الإعلان بأنه فشل وأن الإقالة هي مصيره لكن ماذا نفعل حينما تمر الصداقات في مقام أول؟

ثم وهو الأهم ماذا نشتري بإعلان الكنزاري ركونه إلى الراحة الإجبارية؟ ألم يقتل الكنزاري جيلا وأكساه لباس الفشل في أول الطريق؟ أبهذه الطريقة نشخص الأمور؟ 

الحقيقة مرور الكنزاري التلفزي الأخير كان مخيبا وزادته كآبة برود المكتب الجامعي في التعامل مع الخيبة حيث غاب الموقف والتصريح والتشخيص وربما التحضير للانتخابات القادمة أهم لجماعة الجريء..

مساعد لا يستحي

يمكن التأكيد أن المدرب نزار خنفير هو أحد أكثر الأسماء إثارة للجدل في الإدارة الفنية الوطنية ليس بحجم منجزاته أو نجاحاته التدريبية ولكن بسبب ما يسميه الكثيرون "سلبيته المفرطة"..

بعضهم قال إن خنفير رمز لـ"الانهزامية" وآخر قال إنه مثال لـ"الخُنوع" ومجموعة أخرى وصفته بـ"رجل الوديع" الذي لا يجيد إلا دور المطيع وبالتالي فهو يستحق عن جدارة أن يكون الثاني في حضرة الرجال..

لبعض ذلك أو لكله ربما.. تجده في كل مرة مضطرا للقبول بقرارات قد تحمل في طياتها إهانة لمسيرته كمدرب له خبرته وتجاربه بين عدة محطات..

وفي الحقيقة لخنفير سوابق عديدة فقد كان مدربا لمنتخب الأواسط الذي توج معه بالبطولة العربية فإذا بالجامعة تضع عادل السليمي مدربا أولا وتحيله إلى منصب المساعد..

وقبل ذلك حينما دعي سامي الطرابلسي للاختيار بينه وبين فريد بن بلقاسم فانتبذ عنه مفضلا بن بلقاسم عليه قبل أن يحول لاحقا إلى منتخب الأواسط عند الفشل في "كان" 2013..

خنفير استدعي لاحقا ليقود المنتخب الأول إلى حين الانتهاء من الاتفاق مع جورج ليكانس فما كان من البلجيكي أن فضل عليه حاتم الميساوي مع أول موعد..

وأخيرا وليس آخرا تقرر الجامعة تعيين الكنزاري مدربا أولا وتحيله إلى منصب المساعد وكنا ننتظر منه ردة فعل لكنه آثر الصمت ومعه جلب لنفسه نظرة دونية يستحقها بامتياز..

وفي الحقيقة لا يمكن إلا أن نكون سعداء برحيل هذا الفني عن الإدارة الوطنية بتعاقده مع الملعب القابسي فالرجل "مشروع متكامل للانهزامية" ومنحه شرف قيادة الأجيال الجديدة هو تمهيد لقتل الطموح والجرأة فيها عسى أن لا يكتوي جمهور الستيدة من خصاله..

سياسات فاشلة

عند النظر اليوم إلى المنتخبات الوطنية يرى الكثيرون أن الفشل هو الذي يفرض سلطانه وفي الحقيقة لا يمكن أن ننتظر أفضل من الذي تحقق ذلك أن سياسة انتقاء الفنيين تخضع إلى منطق آخر غير الأحقية..

فتواجد حاتم الميساوي في المنتخب الأول وماهر الكنزاري ونزار خنفير على رأس المنتخب الأولمبي وعلي بن ناجي على رأس منتخب الأواسط يكفي مؤونة التعليق..

ماذا حقق هذا الرباعي في مسيرته التدريبية حتى يحظى بشرف قيادة نخبة اللاعبين وهم الذين أخروا في سلم اختيار الأندية للمدربين فباستثناء الكنزاري الذي مر بالترجي لاعبا وحظي بتدريبه ماذا في سجل البقية؟

خنفير وبن ناجي اشتعل رأسيهما شيبا لكن رغم ذلك فلم يعيشا إلا الفشل في مسيرتهما كمدربين وبالتالي فإن الاختيار عليهما كان فاشلا من البداية..

أما حاتم الميساوي فإلى غاية اليوم لا نعرف كيف عين ومن اصطفاه وكيف تم الاختيار عليه ذلك أنه لم يحقق شيئا كلاعب ثم كمدرب حتى يقع ترسميه في المنتخب الأول ويغيّر الجميع إلا هو يظل صامتا..

سياسات اختيار المدربين هي أولى علامات الفشل وبالتالي لا يمكن أن نتحدث لاحقا عن لاعبين وفنيات طالما أن من يقودهم فاقد للأهلية وهذه هي المعضلة الأساسية..

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.