صدرت أسبوعية "أخبار الجمهورية" يوم 17 جوان الجاري بعنوان كبير نصه "تونس بحاجة إلى رئيس حكومة من الجيش الوطني" . و لأن منا من لا يقرأ من الصحف إلا العناوين ، و يسمح لنفسه مع ذلك بالحكم على ما لم يقرأ ، فإن بعضهم يروج منذ صدور الجريدة إلى كذبة مفادها أن مدير "أخبار الجمهورية" دعا إلى انقلاب عسكري على غرار ما حدث في مصر منذ سنتين..
إن ما كتبه ابن مراد هو التالي و لا أظن عاقلا واحدا يختلف معه فيه : " المشكل الكبير أننا نواجه مخاطر الإرهاب و الإفلاس الاقتصادي بفريق من الهواة من الدرجة الثالثة !"..
و الحل الذي يراه ، هو قوله حرفيا "أقترح على رئيس الجمهورية تعيين ضابط وطني و صلب من الجيش سنه لا تتجاوز 55 سنة كرئيس للحكومة " قبل أن يضيف "..و يكون عادلا و فوق كل الأحزاب و محترما للدستور"..خاتما بالقول إن "أغلبية الشعب التونسي – ما عدا المتطرفين و الديمقراطيين المزيفين – سترتاح لتعيين رئيس حكومة قوي و حازم و ذي شخصية فولاذية "..وهو محق في ذلك إذ يعرف القاصي و الداني اليوم أن المؤسسة الوحيدة التي مازالت تحظى بثقة أغلبية التونسيين هي مؤسسة الجيش..و بالتالي رجالاتها..
فهل في هذا الكلام دعوة إلى انقلاب عسكري ؟ و هل يجوز أصلا الحديث عن انقلاب عسكري و الرجل يقدم اقتراحه إلى رأس السلطة المدنية ؟؟
أختلف مع المنصف بن مراد في الكثير من المواقف..و لكنني لا أشك لحظة في وطنيته و شديد غيرته على تونس ..و في هذه النقطة بالذات – تعيين عسكري رئيسا للحكومة – أتفق تماما معه..لأنني مثله تماما يائس من وجود مدني واحد ممن يتحركون الآن على الساحة يمتلك مواصفات الرجل الذي تحتاجه تونس اليوم ..و مثله تماما أقول : لتذهب الديمقراطية إلى الجحيم إذا كان ثمنها تدمير أسس الدولة ..
إن في قول ابن مراد عن رئيس الحكومة الذي يقترحه " يكون عادلا و فوق الأحزاب و محترما للدستور" ما ينفي التهمة التي يحاول بعضهم إلصاقها به ..أما سخافة الذهاب إلى حد الزعم بأن مقاله مدفوع الأجر من الخارج فحماقة لا تستحق الرد عليها..فالمنصف بن مراد الإنسان – بقطع النظر عن أفكاره التي قد نختلف فيها معه – أرجل صحفي عرفته في حياتي منذ أربعين سنة..و الرجال لا يُباعون و لا يُشترون أيها الذين لا تعرفون هذا الرجل..
