تونس..الأسوأ قادم لا محالة؟!

على الرغم من مرور أكثر من 4 سنوات على حصول التحوّل السياسي في تونس بعد فرار أو ترحيل الرئيس السابق زين العابدين بن علي ،رأس أخطبوط الاستبداد والفساد،فإنّ الأسباب العميقة التي أدّت إلى انخرام أوضاع البلاد على جميع الاصعدة مازالت تراوح مكانها فدار لقمان على حالها وما تغيّر ليس سوى واجهة خدّاعة تحجب مكامن الداء.

عجزت النخب بكلّ مللها ونحلها عن استيعاب اللحظة التاريخية التي تلت حدث 14 جانفي فكانت النتيجة صراعات عقيمة خضعت لمنطق قبلي-عشائري قوامه التضامن الأعمى  والنعرات المتخلفة وحتّى الأفكار الطوباوية أحيانا، والضغائن وتصفية الحسابات الشخصية والفئوية أو المناكفات السياسوية حينا آخر.

سياسيا، كان جوهر الرهان والصراع الهلامي  هو  هوس السلطة و ألق كراسي الحكم فلا حديث عن برامج وتصوّرات تعكس ارادة صادقة لانقاذ ما يمكن انقاذه في سياق تاريخي محلي واقليمي زاد في اكراهات الواقع وتعثّرات الحاضر الذي كشف الوجه القبيح لأحزاب غير قادرة على حلحلة مشاكلها الداخلية  وحسم خياراتها السياسية وتوجهاتها الفكرية ضمن مشروع وطني يمكن أن يكون مطيّة لمراكمة واستنهاض تجارب جريئة في الاصلاح والتعصير منذ القرن التاسع عشر مع ثلّة نيّرة من رجالات التنوير و التقدّم.

تتعاقب الحكومات ويتغيّر الوزراء وكبار المسؤولين في أجهزة الدولة،بيد أنّ الحصيلة هي ذاتها: تجميل لواقع مأزوم و تنصّل من تركة ثقيلة تقتضي مصارحة للشعب و فضحا للمتورطين في سوء التصرّف في أموال و مقدّرات منهوبة.

ما أشبه اليوم بالأمس . مقولة في اعتقادنا تلخّص حال البلاد اليوم في ظلّ القصور السياسي و المداهنة النخبوية والانهيار الاقتصادي والمالي الناجم عن اجترار سياسات قديمة فاشلة من نفس الرؤى الرثّة والممارسات الدنيئة. فحينما تغيب المضامين البنّاءة فإنّ العطب يكون هو الأقرب من السلامة و النجاة بالنسبة إلى المستقبل وتحدياته. 

من المهم الاصداح بأنّ هيبة الدولة التي شنّفوا بها الآذان و سلبوا بها عقول السذّج هاهي تباع أمام الملأ على قارعة الطريق في مزاد علني يقوم على قاعدة العرض والطلب. أمّا عن المصلحة الوطنية العليا فحدّث ولا حرج فهي الأخرى لا قيمة لها إزاء إغواءات المصالح الشخصية و المآرب المقنّعة.

إنّ حال تونس بات شبيها بحال تلك البقرة التي حلبت حتّى خرج من ضرعها الدم فهي الآن عليلة مضرجة تنزف في الوقت الذي تواصل فيه لوبيات المال القذرة  وبعض هواة السياسة  نهش لحمها و ما تبقى من شحمها.

 و من المؤكد أنّ أزمة هذا الوطن قد أضحت شاملة وأخطر من أيّ وقت مضى ولا نخال أنّ أيّ ترياق قادر على إنقاذها من الموت الزؤام مادامت أسباب المرض قد استعصت على الفهم قسرا أو طوعا لدى جلّ الفاعلين من خلف الستار أو من أمامه ممن يؤثّثون هذا المشهد الرديء.

لهذا نكاد نجزم أنّ الأسوأ قادم لا محالة..؟!

 

 

آخر الأخبار

الأكثر قراءة

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.