عبد المجيد الشرفي لـ"حقائق أون لاين": الإسلام السياسي ظاهرة هامشية في مجتمعنا… ولا مناص من الحرب على "داعش"

يعدّ المفكّر الإسلامي والباحث الجامعي عبد المجيد الشرفي أحد أبرز الوجوه التونسية التي سخّرت سنوات عطائها الأكاديمي في مساءلة الإسلاميات، مراكما في الأثناء رصيدا بحثيا مهمّا يربو على عشرات الكتب والدراسات والمقالات.

وتقوم أطروحة الشرفي على ضرورة تجاوز التأويلات القديمة للنصوص الدينية وتحيينها بما يتماشى مع مقتضيات الحداثة، عبر اعتماد منهج البحث العلمي في إعادة قراءة الموروث الديني الإسلامي.

حقائق أون لاين، التقت الأستاذ عبد المجيد الشرفي وكان لها معه حوار انطلق بالحديث عن إصداره الأخير "مرجعيات الإسلام السياسي" وامتدّ ليسائل قراءته للواقع السياسي الراهن في تونس والمنطقة وتوقّعاته بخصوص حاضر الحركات الإسلامية ومآلها، إلى غير ذلك من المواضيع… وفيما يلي نصّ الحوار كاملا:

*أصدرتم مؤخّرا كتابا جديدا بعنوان "مرجعيات الإسلام السياسي"، فهل يمكن القول بأنّه مواصلة لنهج البحث الأكاديمي الذي عرفتم به، أم أنّه ردّة فعل تجاه الجدل السياسي المطروح في تونس بعد الثورة؟

الكتاب ليس ردّ فعل، إنّما هو يندرج في نطاق المجهود الذي أقوم به منذ سنوات في فهم الظواهر المتعلقة بالفكر الإسلامي التي إمّا حصلت في الماضي أو تحصل في حاضرنا. وهذا الكتاب بالذات، كان باقتراح من دار التنوير قصد عرض القضايا التي يثيرها الإسلام السياسي عرضا في متناول القارئ العاديّ لا المتخصّص فقط. لا أقول إنها عملية تبسيط، بقدر ما هي عرض يرمي للوصول إلى أكبر عدد ممكن من القرّاء الذين يهتمّون بالقضايا النظرية التي تثار في نطاق الفكر الإسلامي عموما.

*في علاقة بالإسلام السياسي دائما، وباعتبار حركة النهضة إحدى أبرز وجوهه في واقعنا التونسي، هل تعتقدون بإمكانية تطوّر المرجعية الفكرية للحركة؟ بعبارة أخرى، هل يمكن القول فعلا ب"تونسة حركة النهضة"؟

في هذه المسألة لا توجد حتمية، فالمواقف التي اتّخذتها حركة النهضة فيها من التنوّع وأحيانا من التناقض ما يعسر معه التنبّؤ بما ستؤول إليه. وفي اعتقادي أنّ مستقبل الحركة هو بأيدي أبنائها أوّلا، لكنّه لا بدّ أن يتأثّر أيضا بالوضع التونسي وكذلك بالوضع الإقليمي والعالميّ. وعلى هذا الأساس، فان مستقبل النهضة سيكون رهين الشجاعة في مراجعة بعض المقولات التي شبّ عليها أبناؤها والتي تبيّن أنّها لا تستجيب لمقتضيات الواقع التونسي. ولهذا نلاحظ ما يعتبره البعض تطوّرا وما يمكن النّظر إليه أيضا على أنه تناقض في المواقف. سنرى على كلّ حال، ما إذا كانت النهضة قادرة في مؤتمرها القادم على مراجعة الأسس النظرية التي قامت عليها والتي هي شبيهة بالأسس التي قامت عليها حركة "الإخوان المسلمين".

*يذكّرني قولكم هذا، بتشبيه لكم سبق وأن ذكرتموه في حوار لمجلّة "الفكرية" منذ سنتين. حيث قلتم إنّ حركة الإخوان المسلمين تأسّست على نمط الجماعات الفاشية والنازية وهي تشترك معهم في سمات عديدة.

نعم…وحتّى تنظيم حركة النهضة كان تنظيما كليانيا، ويكفي أن نستعرض أسماء من انسحبوا منها لأنّهم لم يكونوا موافقين لها في خياراتها. لكنّ الدروس التي تفرض نفسها في العمل السياسي في تونس هي ربّما التي تساعد النهضة على هذه المراجعة. أي أنّ البيئة التونسية يمكن اعتبارها نوعا من الاستثناء بالنسبة إلى المنطقة العربية، على الأقلّ في شرقها.

وهذا الاستثناء له جذوره التاريخية، غير أنه أيضا نتاج لخيارات مجتمعية بدأت مع الحركة الوطنية وربّما حتى قبل ذلك مع الحركة الإصلاحية في القرن التاسع عشر، ثمّ تدعّمت بسياسة حكومة ما بعد الاستقلال لتخلق نوعا من المكتسبات التي يعسر التراجع عنها سواء على صعيد منزلة المرأة في المجتمع أو التعليم أو الصحّة أو التغطية الاجتماعية. قد يكون هناك ضعف في هذه المكتسبات وقد نرى في بعض الأحيان أنّها مهدّدة جزئيا، ولكنّني أظنّ أنّها مكتسبات يطمح التونسيون عموما الى دعمها لا التراجع عنها. فهي حقائق تفرض نفسها على الفاعلين السياسيين و من بينهم النهضة.

*تحدّثتم قبل قليل عن الشجاعة ثمّ عن الواقعية، أي من هاتين الصفتين تختارون لوصف قرار النهضة بالتخلّي عن الشريعة في الدستور التونسي؟

الشجاعة أمر أخلاقي أو نفساني…أنا أصف هذا الموقف بالواقعية السياسية، لأنّ عكسه يؤدّي إلى الانتحار السياسي للحركة ويجعلها في تصادم مع المجتمع…والواقعية السياسية هي التي قد تفرض عليها أن تدعّم تلك المكتسبات الذي ذكرناها، ممّا يتناقض مع منطلقاتها عندما كانت حركة دعوية في السبعينات.

*ذهبتم في حوار لكم مع موقع قنطرة في 2013، الى القول بأنّ الحركات الإسلامية ظاهرة هامشية وهي بالتالي آيلة الى زوال. والحال، أنّ الإسلام السياسي لا يعدّ اليوم محطّ اهتمام المنطقة العربية وحدها بل والعالم قاطبة. أفلا يتناقض هذا مع قولكم؟

لا بدّ هنا من التمييز بين الظاهرة السوسيولوجية والظاهرة الإعلامية. فالإعلام قد يضخّم دور بعض الفاعلين السياسيين ويوهم، لاعتبارات عدّة، بأنّهم ممثّلو ما يدور في صلب المجتمع. لكنّني ما زلت على اعتقاد بأنّ الإسلام السياسي في مجتمعنا لا يمثّل إلا شريحة هامشية تنضاف إليها بعض الفئات المحافظة. ولكن لا يمكننا اعتبار هذه الأخيرة محرّكا للمجتمع التونسي. فأنا أعتبر مثلا،أنّنا عندما نحلّل السلوك المجتمعي لا الخطاب فقط، سنجد أنّ مجتمعنا "معلمن" في عمقه. "معلمن" لأّنه أوّلا وبالذات، يقبل القانون الوضعي ولا يعتبر الفقه أساس تنظيم المجتمع. ثمّ ثانيا، بالنظر إلى كون سلوك الأفراد والجماعات هو في الأغلب لاعتبارات دنيوية بحتة أكثر ممّا هو لاعتبارات دينية. فمثلا، قديما كان الشابّ أو الفتاة يذهب الى الكتّاب أو الجامعة لغاية دنيوية تجسّدها رغبته في أن يصبح قاضيا أو عدلا أو مفتيا، لكن أيضا إيمانا منه بكونه يقوم بواجب ديني من خلال طلب العلم (طلب الأجر). في المقابل، لا أظنّ أن هناك من يذهب اليوم الى الجامعة طلبا للأجر. وهناك أيضا مثل الفقر، فقديما كان هذا الأخير يعدّ قضاء وقدرا أي أنه يضفى عليه تفسير ديني غيبيّ. لكن لا شكّ أنّ الذين يطالبون اليوم بالشغل وبالزيادة في الأجر وبتحسين ظروف السكن والنقل الخ، يريدون بلوغ غايات دنيوية بحتة. لهذا يصحّ الحديث عن أنّ المجتمع التونسي "معلمن" في أساسه.

*نبقى مع الحركات الدينية، حيث نلحظ بروز ما يسمّى بالدولة الإسلامية كبديل حقيقي أو وهمي لآلاف الشباب المسلم في المنطقة العربية والغرب. فكيف تفسّرون هذا الانخراط الحماسيّ للشباب في التنظيم؟

هذه الظاهرة معقّدة ممّا يجعل ردّها إلى سبب واحد أمرا غير ممكن. لكن في نظري، نستطيع أن نركّز على العوامل الأساسية لنجاح هذه الحركة إلى حدّ الآن وأقصد النجاح العسكري تحديدا. العامل الأوّل، هو أنّ هذا التنظيم قد انخرط دون وعي من زعمائه في خدمة مخطّط أمريكي إسرائيلي لإنهاك شعوب المنطقة وإعادة رسم خارطة المشرق العربي قصد إيجاد كيانات طائفية واثنية ومذهبية تصبح فيها إسرائيل كيانا عاديا (باعتبارها كيانا دينيا طائفيا بدورها). ثمّ هناك العامل الثاني، وهو امتداد لصراع تاريخي بين الإمبراطورية الساسانية والإمبراطورية البيزنطية، ليتواصل مع الدولة الصفوية والسلطنة العثمانية، وهو اليوم صراع كذلك بين إيران وتركيا وكلاهما وريث لهذا التاريخ. أمّا العامل الثالث، فيتمثّل في كون هذه الدولة المزعومة، تستعمل تقنيات متطوّرة جدّا، من شأنها أن تستقطب لا الشباب المسلم فقط بل وحتى غير المسلم. ونفسّر ذلك بأنّ هؤلاء الشباب يجدون في سلوك هذا التنظيم ما وجده أنصار الحركات التي عرفتها أوروبا منذ أواخر القرن التاسع عشر وتواصلت في فترات لاحقة، أي تلك الحركات العنيفة التي ترغب في تغيير المجتمع والتي تتبنّى إيديولوجيا الفانيّة (Millénarisme) سواء كانت من أقصى اليمين أو من أقصى اليسار. وبما أنّ هذا التنظيم يشترك مع هذه الحركات في كونه يوفّر نوعا من الثوابت والمثل العليا في ظرف تطغى عليه الاعتبارات الاقتصادية البحتة، فانّه يضفي بالتالي نوعا من المعنى على الحياة لدى من هم ضائقون بهذه العولمة التي تلغي الجانب القيمي بل ولا تهتمّ بتاتا بقيمة الإنسان بقدر ما تعتبره كائنا مستهلكا فقط. اذن فهذه العوامل الثلاث مجتمعة، إلى جانب عوامل أخرى، لا يمكن فصل بعضها عن بعض، إذ أنّ تنظيم الدولة المزعوم، لا يختلف عمّا عرفه التاريخ الإسلامي مع تنظيم "القرامطة" الذي هجم على مكّة واقتلع الحجر الأسود من الكعبة لمدّة أكثر من عشرين سنة وقتّل الآلاف من معارضيه. ثمّ هناك حركة "الحشّاشين" والتي بدورها مارست سياسة العنف والتقتيل وكانت من معقلها في قلعة آلموت تبثّ الرعب في كلّ المنطقة. ولكن رغم كلّ هذا، فانّ هذه الحركات ومثيلاتها لا مستقبل لها. وفي اعتقادي أنّ التعامل مع تنظيم داعش ينبغي أن يكون في مستويين اثنين. وهما أوّلا المستوى الأمني، حيث لا مناص من مواجهة لهذا التنظيم بالوسائل التي من شأنها أن تقضي عليه…

*تقصدون هنا إمكانية بعث تحالف عسكري ضدّه؟

نعم، أقصد كلّ السبل الممكنة لمواجهته سواء كانت حربا أم سجنا أم محاكمات… وثانيا، تجفيف المنابع التي تغذّي هذا التنظيم، وذلك عن طريق التعليم والتربية. وكذلك عن طريق سياسيات ذات بعد اجتماعي وثقافي لا تترك فئات من المجتمع على هامش الدورة الاقتصادية أو المصعد الاجتماعي. أمّا الذين يدعون إلى الحوار مع هذه التنظيمات الإرهابية، فهم بنظري لن يصلوا إلى نتيجة. فأنت لا تستطيع أن تتناقش مع أشخاص لا يعترفون لك بأي مشروعية في التكلّم لا باسم الإسلام ولا حقوق الإنسان ولا الأخلاق، بما أنّهم وكما يسمّيهم البعض "مجانين اللّه". وأنا أعتقد أنّ الحلّ الأمني من شأنه أن يجعل العديد ممّن انخرطوا في هذا التنظيم وغيره إلى مراجعة أنفسهم، فمنهم من تلطّخت أيديهم بالدماء، لكنّ عددا من بينهم مغرّر بهم.

*طرحت داعش، كما تزعم، مسألة القيام بمراجعة حقيقة للمنظومة التربوية والتراثية، فهل أنتم من أنصار مطلبية المراجعة؟

أعتبر أنّ مراجعة الخيارات السائدة في ميدان التعليم أمر مستعجل، وذلك عبر توجّهات بسيطة في واقع الأمر ولكنّها جوهرية. الخيار الأوّل، هو أن تكون المدرسة إلزامية ومجانية لأنها اليوم غير إلزامية (بحكم الانقطاع المبكّر عن الدراسة) وغير مجانية (باعتبار أنّ الدروس الخصوصية تطغى عليها). وذلك يقتضي أن يتولّى النظام التعليمي عموما إعانة الشباب الذي ليس في المستوى على تدارك النقص العائد لأسباب اجتماعية، وأقصد بهم أولئك الذين تمثّل ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية عائقا يحول دون نجاحهم في الدراسة. أمّا الخيار الثاني، والذي أراه ضروريا، فيتعلّق بحذق اللّغات. فمن أسباب ضعف المستوى في تعليمنا أنه مزدوج اللغة، باعتبار أن الموادّ العلمية تدرّس أوّلا بالعربية ثمّ بالفرنسية. وفي نظري، أنّ التدريس باللغة الوطنية من رياض الأطفال الى الدكتوراه من شأنه أن يسهّل عملية استيعاب المعارف وبالتالي إنتاج المعرفة لا فقط الحفظ والتكرار. لكن في الآن نفسه، لابدّ لشبابنا أن يحذق في سنوات الدراسة الإلزامية لغتين حيّتين على الأقلّ، وهما الفرنسية لاعتبارات تاريخية والانقليزية كونها لغة العلم في عصرنا. وأي إصلاح لا يعطي المسألة اللغوية ما تستحقّه من اهتمام فهو لن يؤتي أكله. والخيار الثالث، يكمن في ضرورة أن ترفع مدرستنا تحدّي الثورة المعلوماتية التي تخلق اليوم بين مرتادي المدارس تفاوتا عميقا جدّا، بين من لديه حاسوب أو "تابلات" ومن لا تسمح ظروفه الاجتماعية وأحيانا الجهوية بالحصول على هذه الوسائل الحديثة. أي أنّ تعميم الانتفاع بالثورة المعلوماتية غدا اليوم ضرورة لا اختيارا موكولا إلى الصدف، وذلك حتى تكون الحظوظ على الأقلّ متقاربة، وهي وظيفة الدولة بامتياز.

رابعا وأخيرا، لا بدّ من تكوين المعلّم والأستاذ على أسس جديدة. فالمعلّم قبل جيل أو اثنين، كان هو مصدر المعرفة الوحيد تقريبا، بينما غدت المعرفة اليوم متوفّرة. فلا بدّ إذن، أن يتطوّر دور المعلّم والأستاذ ليكون دور المرشد إلى حسن استعمال المعلوماتية الحديثة وزرع الفكر النقديّ الذي يحول دون التأثّر بما يروج على الشبكة العنكبوتية دون تمييز. وإذا ما ساعد المعلّم التلميذ على الاستفادة، فلا شكّ أنّ ذلك سيؤدّي بطبيعته إلى إعادة النظر في نظام التقييم الذي نتّبعه اليوم والذي لا معنى له في إطار هذه المراجعة الشاملة. ولهذا، فعندما تدعو حركة النهضة أو غيرها، إلى إصلاح المنظومة التربوية، يجب أن نطرح عليها السؤال التالي: هل نحن متّفقون حول هذه الأسس المذكورة؟ ثمّ انّه من الأفضل لأي مراجعة تربوية أن تكون محلّ توافق وطنيّ وبعيدة عن التجاذبات السياسية.

*في حديثنا عن المراجعة دائما، أي حدود تضعون لمراجعة التراث العربي الاسلامي؟ بعبارة أخرى، هل أنّها تقتصر على النصوص الفقهية والتفسيرية، أم أنّها مطالبة بإعادة قراءة النصوص التأسيسية (القرآن والسنّة) ذاتها وتفكيكها؟

إنّ من يتصدّى للتراث الإسلامي إنّما يتصدّى لمنظومة تأويلية كاملة، قام بها أجدادنا في ظروف غير ظروفنا ووصلوا إلى حلول لا تستجيب لواقعنا. ولهذا، فنحن اليوم ينبغي أن نكون في حلّ من تلك الحلول التي ارتأوها هم لظروفهم المخصوصة. فإذا كانت المجتمعات القديمة كلّها تشعر بالحاجة إلى شرعنة المؤسسات على أساس ديني، فانّ علوم الإنسان والمجتمع في العصر الحديث قد بيّنت أنّ هذه الشرعنة تبرير مفتعل وأنّ المؤسسات الاجتماعية إنّما هي مؤسسات تاريخية وبالتالي نسبيّة. فيمكن القول إذن، بأن علوم الإنسان والمجتمع قد أسقطت القناع عن تنظيم المجتمع على أساس ديني. ومن بين المؤسسات التي برّرها الفقهاء دينيا، المؤسسة السياسية، في حين يؤدّي بنا الإقرار بالنتيجة الهامّة التي خلص إليها العلم الحديث، إلى ضرورة الفصل بين المجال السياسي والمجال العقدي. فلا ينبغي أن ننظر إلى عملية التحديث للفكر الإسلامي على أنها تنكّر للماضي، بل هي اعتراف بأنّ ذلك الماضي كان صالحا لزمانه ووعي في الآن ذاته بأنّ ظروفنا تقتضي حلولا جديدة كلّ الجدّة وغير مسبوقة. والمراجعة في الحقيقة، تهمّ كلّ الميادين بما فيها الأخلاقي كوننا نلاحظ أنّ التيارات المحافظة مازالت تحنّ إلى المجتمع التراتبي البطريركي وهو مناف للمساواة والحرية والمواطنة. إذن، ليس تحديث الفكر الإسلامي ترفا ذهنيا، إنّما هو ممّا يفرضه وضعنا بحكم عيشنا في مجتمع معقّد خلافا للمجتمعات القديمة. ومجتمعنا أيضا يتأرجح بين أنماط الإنتاج التقليدية والحديثة، دون أن ينجح في التخلّص من التوزيع الذي تفرضه الرأسمالية على الإنتاج الصناعي وغيره. لهذا، فنحن كسائر الشعوب المتخلّفة عموما، قد أوكلت إلينا الصناعات البسيطة دون غيرها… وعلينا إذن في المقابل، أن نغذّي العقلية الإبداعية التي من شأنها وحدها أن تخرجنا من وضعنا الرّاهن كمجتمع استهلاكي. إذ لا مجال للفصل بين الفكر الديني من ناحية والواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي من ناحية ثانية.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.