أليس هذا مما يغذي الإرهاب ؟

ما صار يرعبني بعد كل عملية ارهابية شعور بنوعين من الغثيان :

غثيان الحزن الشديد على ما آلت اليه الاوضاع في بلدي ..وغثيان القرف مما يتقيؤه كل مرة نفس الاساتذة و السياسيين في بلاتوهات التلفزات ، هؤلاء الذين يشنفون أسماعنا كل مرة بنفس الخطاب الذي يقطر كراهية للآخر المختلف ، وتحديدا لكل من له نفس اسلامي ، مما لا يمكن الا ان يغذي الارهاب .

يجرّمون في كل مرة قرار الإفراج بعيد 14 جانفي عمن كانوا يموتون عرقا عرقا في سجون بن علي ، يستوي في ذلك المتهم بعمل ارهابي فعلي و المتهم بمجرد أداء صلاة الفجر بالحاضر..لا لشيء احيانا الا لأن له خصومة مع ابن عم خالة رئيس شعبة في التجمع على سبيل المثال..

و يذكّرون في كل مرة بـ"الجريمة النكراء" التي "ارتكبها" المرزوقي حين تصرف كرئيس لكل التونسيين فعلا و استقبل في قصر قرطاج مجموعة من السلفيين – علما و ان ذلك حدث قبل بداية الاعمال الارهابية الحقيقية – و الحال ان ذلك ، حسب رايي ،  كان من أفضل ما فعله المرزوقي طيلة وجوده في قصر قرطاج . فهوأسقط للتاريخ ذريعة  الالتجاء الى الارهاب من قبل أفراد اعترف بهم أمام الملإ و اعتبرهم جزءا من الشركاء السياسيين ..وبتجريم الرئيس بسبب تلك الفعلة يشرّع استئصاليو العهد النوفمبري و ورثتهم ،بطريقة او باخرى ،  من حيث يدركون اولا يدركون ، رفع السلفيين للسلاح في وجه الدولة و لسان حالهم يقول :"كيف لا و انتم تستكثرون علينا استقبالنا من قبل رئيس هذه الدولة ؟"

ليس ذلك فقط . انهم لا يغفرون للمرزوقي حتى اعتذاره للسلفيين بعد ارتكابه خطأ تشبيهه لهم بالجراثيم . يا سبحان الله .لا فقط لا يعتبرونهم شركاء في هذا الوطن من حقهم ان يستقبلهم رئيسهم ..بل و يعتبرونهم جراثيم و ليس من حق الرئيس ان يعتذر لهم ..ثم يفاجؤون حين يخرجون علينا شاهرين أسلحتهم !

شيء آخر يستكثرونه على أبنائنا الضالين الطالحين  (نعم ، هم أبناؤنا ، شئنا ام أبينا ) الذين تتلاعب بهم عصابات الإجرام . انه  فتح باب العفو عمن يعلن منهم التوبة و يعود الى حضن الوطن . و لأنهم جهلة و سيئو النوايا في نفس الوقت ، يحاسبون المرزوقي على ذلك و الحال انه كان مجرد ناطق باسم المجلس الاعلى للامن الذي ينعقد دوريا ، وعنه انبثقت تلك الدعوة الى التوبة . وهو قرار سليم . فالذي ينبغي ألا يتفاوض مع الارهابيين هو الجندي و الامني على الميدان ، أما المسؤول السياسي فتلك مهمة من مهامه .

ذلك غيض من فيض مغذّيات الارهاب في هذا البلد..دون التذكير بكل ذلك النهش الذي تعرضت له حركة النهضة إبان تحملها مسؤولية الحكم ، نهش ارتقى الى حد العنصرية لم يسلم منه لا رجل ولا امرأة .. و هكذا انضاف الى انعدام الكفاءة لدى وزراء الترويكا الإرباك و الهرسلة المتعمدان ..و كان ما لم يكن منه بد : ما يعيشه البلد اليوم من مآسي…

تبقى أربع ملاحظات :

1- هذا ليس دفاعا عن المرزوقي .فانا من اول من قال اننا خسرنا مفكرا و لم نربح رئيسا.

2 – ..و ليس دفاعا عن النهضة و الاسلاميين عموما .فانا غير متدين أصلا.

3 -..و لكنني أعترف ان لدي شعور ذنب إزاء من صاروا إرهابيين من بني وطني . فأنا الذي عملت 35 سنة في التعليم الابتدائي أعترف انني اتحمل جزءا من المسؤولية في تخريج مدارسنا لهذا الكم الهائل من الجهل و الغباء و الإجرام…

4 – و غني عن التأكيد على أن هذا الرأي لا يلزم إلا شخصي و لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع الذي قبل مشكورا نشره.

 

آخر الأخبار

الأكثر قراءة

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.