عبد الوهاب الهاني: سياسيون وقضاة ضربوا بقوانين الجمهورية عرض الحائط

دعا رئيس حزب المجد عبد الوهاب الهاني إلى ضرورة انتباه ديمقراطيتنا الناشئة إلى أطنان المال الفاسد المحلي والأجنبي التي تُسمِّمُ حياة التونسيين ومستقبلهم السياسي وإلى  المحاولات المفضوحة التي قام ويقوم بها البعض جهارا نهارا لاستغلال النفوذ والسلطة وهتك أسرار الأبحاث التحقيقية ليل نهار.

وأشاد الهاني في إصدار فايسبوكي بقرار إيداع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي السجن على ذمة التحقيق معتبراً ان موجة الاعتقالات التي تطال الرجل القوي السابق في فرنسا تضع حدًّا لطموح هذا الأخير وتُنهي ما يسميه الفرنسييون "نظام وشبكات ساركوزي" ولكنها وقبل كل شيء تضع حذًا لاستهتار السياسيين بالقوانين وتطويعها ولاستغلال النفوذ والسلطة والتدخل في سير الأبحاث التحقيقية وانتهاك أسرارها وتطويع أحكام القضاء. 

وشدد على ان الديمقراطية ليست صناديق انتخابات فقط بل هي مؤسسات وقوانين ونواميس نموذجية تسير عليها الدولة ويحترمها القائمون عليها ويراقبها سُلطان القُضاة.

وفي ما يلي النص الذي نشره عبد الوهاب الهاني على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك:

"قرر قاضي التحقيق الفرنسي اليوم الثلاثاء غرة جويلية 2014 إيداع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي (Nicolas Sarkozy) السجن على ذمة التحقيق رفقة مُحاميه الأستاذ تياري هرتزوق (Thierry Herzog) والقاضيَيْن جيلبار أزيبار (Gilbert Azibert) وباتريك ساسُّو (Patrick Sassoust) بتهمة استعمال النفوذ وانتهاك سر التحقيق للأول والمشاركة في الجريمة للثلاثة الباقين، في قضية تمويل الحملة الانتخابية الرئاسية للمعني بالأمر لسنة 2007 والتي فاز على إثرها بمنصب رئاسة الجمهورية الفرنسية. 

وكان قضاة التحقيق المُتعهدون بالقطب المالي للوكالة العامة للجمهورية بباريس قد أذنوا منذ موفى سنة 2013 بإخضاع الرئيس الفرنسي السابق وشركائه في الجريمة إلى التَّصنُّت الهاتفي في إطار البحث التحقيقي المفتوح منذ أفريل 2013 حول شبهة التمويل الأجنبي الليبي غير القانوني في حدود تُقدر على الأقل بخمسين مليون أورو (أكثر من مائة مليار من مليماتنا التونسية) للحملة الانتخابية للمظنون فيه في حملته الرئاسية لسنة 2007. 

وليست هذه القضية الأولى التي تلاحقُ المظنون فيه، بل عشرات القضايا المنشورة تشير إلى دوره المشتبه في تدليس حسابات حملته الانتخابية وفي الحصول على "عمولات عائدة" على غير وجه حق للتمويل غير المشروع لحملة انتخابية وفي ترجيح عمليات تحكيم تجارية لفائدة أصدقائه باستعمال نفوذ السلطة وفي التساهل في التصرف في المال العام عبر توقيع عقود سبر آراء دون إجراء طلبات عروض، وغيرها من التهم الخطيرة المخلة بنزاهة الدولة والقائدمين عليها وبالشرف والتي يعاقب عليها القانون..

وقد مثل هذا التطور الأخير صدمة للرأي العام في فرنسا التي تعاني سياستها منذ مدة من تواتر الشبهات حول التلاعب بالمال العام والمال السياسي الفاسد المحلي والأجنبي لتطويع إرادة الناخبين، حيث تتعالى الأصوات لاحترام نموذجية الجمهورية وإنقاذها من براثن الفساد. 

كما مثلت بطاقة الإيداع المُزدوجة ضد المحامي هرتزوق أحد أكبر المحامين الفرنسيين وأكثرهم صيتا صدمة حقيقية لسلك المحاماة بعد اتهام المعني بالأمر وهو رجل قانون بمساعدة حريفه في ارتكاب جريمة "استغلال النفوذ" و"انتهاك سرية التحقيق" لما كان رئيسا للجمهورية، وهو ما يعتبر "صراع مصالح واضحا" يضع المحامي المذكور في انتهاك صارخ لأخلاقيات مهنة المحاماة ويمنعه من الترافع في القضية المنشورة فضلا عن التهمة المباشرة الموجهة إليه. وهي نفس التهم الموجهة لاثنين من القضاة ،  أزيبار وساسُّو اللذين سهَّلا ارتكاب الجريمة عبر تسريب معلومات ثمينة حول أطوار القضايا الجزائية المتعلقة بالمضنون فيه وهو في سدَّة الحُكم. 

موجة الاعتقالات التي تطال الرجل القوي السابق في فرنسا تضع حدًّا لطموح المظنون فيه بل وتُنهي ما يسميه الفرنسييون "نظام وشبكات ساركوزي" (Système et réseaux Sarkozy) ولكنها وقبل كل شيء تضع حدا لاستهتار السياسيين بالقوانين وتطويعها ولاستغلال النفوذ والسلطة والتدخل في سير الأبحاث التحقيقية وانتهاك أسرارها وتطويع أحكام القضاء. 

فهلًّا انتبهت ديمقراطيتنا الناشئة إلى أطنان المال الفاسد المحلي والأجنبي التي تُسمِّمُ حياة التونسيين ومستقبلهم السياسي.. وهلَّا انتبهنا إلى المحاولات المفضوحة التي قام ويقوم بها البعض جهارا نهارا لاستغلال النفوذ والسلطة وهتك أسرار الأبحاث التحقيقية ليل نهار.. فكم من سياسي في السلطة وخارجها وكم من محام وكم من قاض وكم من صحفي ضربوا بقوانين الجمهورية عرض الحائط.. 

كم نادينا في حزب المجد وساندنا بعض نُظرائنا في الحركة السياسية وفي المجتمع المدني وفي المنتظم الإعلامي إلى ضرورة تكريس الشفافية في إدارة الشأن العام وفي إحكام التصرف في المال العام.. وكم نادينا بضرورة الرقابة على المال المشبوه الذي يتدفق من كل حدب وصوب لإفساد الانتقال الديمقراطي وتزييف إرادة الشعب عبر شراء ذمم الناخبين وحتى المنتخبين أحيانا.. 

كم دعونا إلى ضرورة تقييد السلطة، وكم نبَّهَ المَعَلِّمُ الأوَّل للدُّستور وكاتب وحافظ سرِّ الذَّولة سيدي أحمد ابن أبي الضياف "الحُكْمُ نَوْعَان، حُكْمٌ مُطْلَق وحُكْمٌ مُقَيَّدٌ بِقَانُون"..

فإن الديمقراطية ليست صناديق انتخابات فقط بل هي مؤسسات وقوانين ونواميس نموذجية تسير عليها الدولة ويحترمها القائمون عليها ويراقبها سُلطان القُضاة.. و "القُضاةُ لا سُلطان عليهم في قضائهم غير سُلطان القانون" كما علَّمنا دستور الجمهورية التونسية الأولى المؤرخ في غرة جوان 1959."

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.