كتب الصحفي محمد بن رجب اصدارا فايسبوكيا علّق فيه على الجدل والمناكفات التي صاحبت القمة الافريقية الأخيرة ولا سيما بخصوص مشاركة الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتونسي محمد المنصف المرزوقي. وقد جاء فيه ما يلي:
بالله عليكم قدموا لنا خبرا بلا مزايدات .. ولو مرة ثورية واحدة .. لقد أصبحت أتشوّق لخبر صحيح واحد صادر عن التونسيين، سياسيين واعلاميين ..واليكم نموذجا جديدا من الطريقة الجديدة في صياغة الأخبار ، وذلك من متابعة اخبار الرئيس المصري والرئيس التونسي اللذين يشاركان في القمة الافريقية :
بعض الأخبار التي يصوغها كارهو الرئيس المنصف المرزوقي تؤكد أن السيسي رئيس مصر الانقلابي// حسب وصف السيدة هيليري كلينتون في مذكراتها التحليلية // تجاهل المرزوقي ولم يصافحه .
أخبار أخرى نشرها أصدقاء المرزوقي كما نشرها موقع الرئيس نفسه تؤكد أن المرزوقي الرئيس تجاهل السيسي ولم يمد اليه يد المصافحة ثم اغتنم فرصة القاء السيسي لخطابه وغادر قاعة الاجتماعات الكبرى امعانا في اهانته والتأكيد له على أن المرزوةقي لا يحب رئيساعسكريا انقلابيا …
وأريد أن أعلق بشيء مهم وهو أن التونسيين الذين يكرهون المرزوقي عبروا عن فرحتهم الكبرى بالاهانة التي تعرض لها المرزوقي من نظيره المصري وأكدوا بذلك عن عمق الروح التونسية الثورية الوطنية ..وفي نطاق عمق هذه الروح أشادوا بعظمة الرئيس المصري العسكري الذي لم ينتصر في أي حرب باستثناء حربه على رابعة وقتله لأكثر من خمسة الاف معتصم لا ذنب لهم سوى انهم مختلفون مع الرئيس الانقلابي ..
تلك هي الوطنية التونسية الجديدة الزاخرة بالثورية …تونس الثائرة تساند الانقلابي القاتل سي السيسي ، وتونس الثائرة تهاجم الرئيس التونسي المنتخب في المجلس التأسيسي بأغلبية الأصوات وهي الطريقة المتبعة في كل الأنظمة البرلمانية . وتونس الثائرة ترحب باهانة السيسي للمرزوقي في وقت أكدت فيه هيلاري كلينتون أن المظاهرات الحاشدة التي كانت بالملايين مع التضخيم طبعا لم تكن تلقائية بل نظمها الجيش وأعد لها لأكثر من شهر وأنفق عليها ميزانية ضخمة وهي المظاهرة التي اعتمدها السيسي لقلب الرئيس محمد مرسي بدعوى استجابته لرغبة شعبية مصرية عارمة ..
على كل ليست هذه مشكلتنا فلكل شخص رؤيته لتونس وطريقته في محبة تونس. مشكلتي تتمثل أساسا في هذه الطريقة في صياغة الأخبار ..الى درجة اننا لم نعد نثق في أي خبر يصدر في تونس. قبل الثورة كنا لا نثق في أخبارنا لان عبد الوهاب عبد الله كان يصوغها بمفرده في القصر الرئاسي وتفرض علينا فرضا .و بصفتي اعلاميا انا شاهد على أن 90 بالمائة من أخبار تونس كانت تصاغ في الرئاسة …ويا ويل من يحاول أن يكتب الخبر بطريقته . تصوروا يا اخوتي أن خبرا عن هزة أرضية في باردو رفض مدير التلفزة التونسية بثه الا بعد أن استشار عبدالوهاب عبدالله.. و الفيضانات التي أصابت ولاية جندوبة قبل الثورة بخمس سنوات كانت سببا في ايقاف الفريق الذي ذهب على عين المكان لتصوير ما حدث في جندوبة والمدن القريبة ولم يبث الشريط عن تلك الفيضانات الى يومنا هذا وما تم بثه هو بضع صور يبدو انها من انتاج وكالة تونس افريقيا للانباء..
قلنا اذن ان 90 بالمائة من الأخبار كانت تصاغ في القصر الرئاسي فلا تتصوروا أن بقية النسبة المائوية 10 بالمائة كانت تسمح بالتصرف الحر .. لا أبدا بل ان هذه النسبة كانت تتعلق بالأخبار الأدبية والرياضية حيث كان يسمح بهامش معين من حرية الصياغة فقط ..واليوم الحرية المطلقة لصياغة الأخبار جعلت أخبارنا تصاغ وفق المصالح الحزبية واذا لم نجد الخبر المصوغ وفق المصلحة التي يريدها هذا الاتجاه أو ذاك نعمد الى اختلاق الأخبار أو تضخيم تفاصيلها وفق توجهات معينة …وهو ما يؤسف له فعلا ..
والسؤال هو الى أي مدى نحن ذاهبون بهذا التزييف ..؟ ألا تعرفون يا سادة يا مادة أن الخبر مقدس والتعليق حر …؟ اعطونا ، الله يبارك فيكم الخبر، الصحيح ثم علقوا عليه كما شئتم ..أم أن من كلفكم أعطى الأوامر بصياغة الأخبار بعيدا عن قداسة المعرفة ..؟وبالمناسبة أنا أدعو معهد الصحافة وعلوم الأخبار الذي تخلص والحمد لله من هيمنة عبد الوهاب عبد الله أن يدعو طلبة الأستاذية والماجستير أن يعدوا أطروحاتهم ورسائلهم الجامعية حول اخبارنا الثورية المنفلتة من جحيم عبد الوهاب عبد الله لتدخل جحيم الكذب والفبركة والترهات .