فتحي الشامخي: قرار الحكومة تمليك الأجانب مصادرة لحق التونسيين في وطنهم

أعلنت حكومة مهدي جمعة مؤخراً عن جملة من الإجراءات الاقتصادية الهادفة إلى الحد والترشيد من النفقات العمومية، وكان من ضمنها التخفيض في آجال منح رخص التمليك للأجانب من 3 سنوات إلى 3 أشهر.

وقد مرّ هذا الإجراء مرور الكرام على وسائل الإعلام التي اكتفت بتثمين قرار الوزراء التخفيض في رواتبهم ولم تتطرق إلى موضوع التخفيض في آجال التمليك رغم أهميته وتأثيراته على الاقتصاد التونسي.

وفي هذا السياق، اعتبر الخبير الاقتصادي والناطق الرسمي باسم جمعية "راد" فتحي الشامخي ان هذا القرار يدخل ضمن منطق عام يقوم على تعزيز سياسة الرئيس السابق بن علي والمتمثلة في مصادرة حق التونسيين في بلادهم وحقوقهم على جميع المستويات وهو شكل من الاستعمار المعاصر الذي انطلق مع بن علي، على حدّ قوله.

وأوضح الشامخي ، في تصريح لحقائق أون لاين اليوم الاربعاء 21 ماي 2014، ان تخفيض آجال منح رخص التمليك للأجانب يمثل بداية خطيرة لتمليك الأرض الزراعية للأجانب وهو ما يعدّ تراجعاً عن قانون 12 ماي 1964 الذي ينصّ على انه "لا يحق للأجانب امتلاك الأراضي الزراعية التونسية".

وأردف بالقول ان التخفيض في هذه المدة يبدو ظاهرياً إجراء للتخفيف من تعقيد الإجراءات الضرورية لتمليك الأجنبي إلا انه في الوقع سلب مادي للتونسيين موضحاً انه يخلق عنصر منافسة غير متكافئة في البلاد بين القوة المالية الأجنبية التي لا يستطيع المواطن أو باعث العقار التونسي منافستها.

وتعقيباً على مطالبة بعض الباعثين العقاريين بتمكين الأجانب من التملك دون رخصة، قال محدثنا ان هؤلاء ينظرون إلى الأمر على المدى القصير دون التفكير في تداعياته لاحقاً مبيناً ان هؤلاء يرون في الأجانب حرفاء جددا لبيع عقاراتهم الجديدة.

وأضاف الخبير الاقتصادي ان هذا الأمر سيؤثر بدرجة أولى على المواطنين الذي سيجدون أنفسهم أمام منافسة غير عادلة مع طرف أجنبي يتمتع بقدرة شرائية أكبر من تلك التي يملكونها، وبدرجة ثانية سيتأثر الباعثون العقاريون انفسهم على المدى الطويل عند شراء الأراضي عندما سيضطرون إلى مواجهة الباعث العقاري الأجنبي باعتبار ان هذا الأخير سيقوم بدوره بتزويد أجانب بأملاكه نظراً لقدرتهم الشرائية العالية، مما سيصعّب الأمر أكثر على الشاري التونسي، وفق تعبيره.

ووصف الشامخي ما يحصل بانه مصادرة للتونسيين في المجال العقاري أولا من خلال إقصاء المواطن العادي وثانياً إقصاء الباعث العقاري،معتبراً ان هذا الإجراء يدخل في إطار تكريس منطق لا يؤمن بقدرة تونس على حلّ مشاكلها بنفسها وتحقيق تقدمها و نموها بالاعتماد على قدراتها الذاتية دون الانغلاق عن الخارج.

وتابع قائلاً ان هذا المنطق الذي يتمّ السير عليه منذ الثورة ، والذي يستغلّ الارتباك الحالي للتسريع في نسق مصادرة حق التونسيين في وطنهم، يرى الحلّ في تحويل تونس إلى ملك مقنن للمستثمرين الأجانب بحيث يصبح المواطنون التونسيون أناساً مسلوبين وإن تمتعوا بحرية التنقل وببطاقة تعريف وجواز سفر.

وفي سياق متصل، توقع الناطق الرسمي لجمعية "راد" ان يتم في وقت لاحق إلغاء قانون ماي 1964 باعتباره عقبة أمام تدخل الاستثمار الأجنبي الكامل للأراضي التونسية مشيراً في هذا الإطار إلى انه لم يقع إلى الآن المصادقة على مجلة الاستثمار في المجلس الوطني التأسيسي لكونها تشكل إحراجاً لعدد كبير من النواب، كما أنها ستخلق جدلاً على الساحة.

وبّين فتحي الشامخي ان الحكومة أقدمت على سحبه من التأسيسي لتنقذ العديد من الأحزاب وتتبنى هي هذه المجلة.

والجدير ذكره ان رئيس الغرفة الوطنية للباعثين العقاريين فهمي شعبان كان قد وصف قرار رئيس الحكومة المؤقتة مهدي جمعة المتعلق بالتخفيض في آجال منح رخص التمليك للأجانب بالثوري موضحاً ان هذا القرار من شأنه ان ينشط السياحة السكنية وقطاع البعث العقاري في تونس.

وطالب شعبان في تصريح إعلامي بإلغاء الرخصة نهائياً ليصبح التعامل بين الأجنبي و الباعث العقاري بصفة مباشرة دون أن يخضع لإجراءات معقدة بهدف الترويج للمنتوج التونسي في الخارج دون قيد أو شرط.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.