نداء تونس على صفيح ساخن:هل يحسم السبسي معركة كسر العظام بين الروافد؟

لم تعد تخفى على أحد حالة التشرذم والتملّمل التي يعيش على وقعها حزب نداء تونس الذي تمكنّ في ظرف وجيز من اكتساح المشهد الحزبي وتبوؤ مكانة هامة أتاحت له بأن يكون رقما صعبا في المعادلة السياسية التونسية.

جوهر الصراع بين الأجنحة-الروافد في حركة النداء،والذي تحاول جلّ القيادات مداراته حينا وتنميقه حينا آخر،يكمن في تغوّل الشقّ التجمعي-الدستوري الذي اصطّف طوال الفترة التأسيسية خلف الوجوه اليسارية-النقابية التي قادت صراعا وجوديا مع الترويكا خلق لها ضربا من الشرعية داخل الحركة التي باتت على صفيح ساخن ينذر باحتمالات عديدة قد يكون التفجّر والانسلاخ أحد الفرضيات الممكنة في حال عدم تطويق المشكل وإعادة ترتيب البيت الداخلي.

الرافد النقابي-اليساري لم يستسغ الهجمة الشعواء التي شنّها لفيف من الشخصيات التجمعية بمباركة من حافظ قائد السبسي نجل رئيس الحركة التي انقسمت إلى قطبين رئيسيين متصارعين على مقاليد إدارة الجوانب الادراية والتنظمية للهياكل الجهوية في مشهد يعكس أهمية هذه المؤسسة المفتاح التي يرسم من خلالها الخط السياسي والتصوّر الاستراتيجي للتعبئة الشعبية والقاعدية في ظلّ غياب شرعية انتخابية مُمأسسة على نواة صلبة.

ممّا لا شكّ فيه،أنّ موقف الباجي قائد السبسي إزاء معركة كسر العظام التي تدور رحاها بين هذين الرافدين مثلّ جزءا من المشكل الذي تعمّق سيما بعد إصدار بيان الهيئة التأسيسية(مجموعة الاحد عشر) التي زكّت نجل الرئيس حافظ قائد السبسي وقامت بتثبيته على رأس لجنة الهيكلة رغم سيل الانتقادات والتحفظات من قبل أبرز المؤسسين على غرار المدير التنفيذي رضا بلحاج والأمين العام الطيب البكوش ومن لفّ لفّهم من القواعد والقيادات التي رأت في هذا الخيار تكريسا لثقافة التوريث والمناشدة النوفمبرية السمجة و مدخلا لمزيد اغراق الحزب بالتجمعيين الذين تعاظمت طموحاتهم ومآربهم خاصة بعد اسقاط قانون العزل السياسي الأمر الذي سنح لهم بالتفكير مجدّدا في العودة إلى المعترك الانتخابي عبر بوابة النداء.

لقد سعى الباجي قائد السبسي بتواطؤ أو عن حسن نيّة إلى مسك العصا من الوسط والاكتفاء بالصمت وعدم قول الكلمة الفصل في هذا الصراع الذي مالت فيه الكفّة إلى حدّ الساعة لصالح الشقّ التجمعي-الدستوري ممّا زاد في اشتعال فتيل الأزمة حيث تبرّأ الطرف المقابل من قرارات الهيئة التأسيسية التي وصفها بغير القانونية داعيا إلى حسم الأمور صلب الهيئة التسييرية(مجموعة الثلاثين) مقترحا تنظيم الهيكلة وتطويرها من خلال احدث لجنة وطنية تعكس  تنوع الروافد الموجودة داخل الحزب مع إبعاد التجمعيين الفاسدين والمشبوهين عن دوائر القرار والنفوذ.

بالتأكيد،أنّ حزب النداء أضحى عشيّة موعد انعقاد اجتماع الهيئة التأسيسية هذا الخميس في مفترق طرق في ظلّ تصاعد وتيرة الصراع والخلاف بين الروافد الذي بلغ حدّ التراشق بالتهم والتخوين. ودخول رجل أعمال معروف على الخطّ تحوم حوله شبهات فساد وحضوره صحبة نجل السبسي خلال العشاء الذي انتظم على شرف عدد من كبار الفاعلين الاقتصاديين في جهة صفاقس زاد الطين بلّة وعزّز شكوك الرافد اليساري-النقابي في وجود إرهاصات وبوادر اختراق للحزب من قبل طابور خامس يأتمر بأوامر جهات مقربة من النهضة التي لا يشكّ أحد في كونها ستكون أكبر مستفيد من أي  انشقاق قد يحصل داخل الحركة التي يرشحها محلّلون ومراقبون لكسب الانتخابات المقبلة وإعادة خلط الأوراق.

هكذا سيكون السبسي حيال امتحان عسير يوم الخميس حيث لن يكون بامكانه الالتجاء إلى أنصاف حلول بالنظر إلى أنّ هامش التحرّك والمناورة محدود أمامه خاصة إذا ما علمنا أنّه من الصعب خلال الفترة القادمة إقرار إجراء مؤتمر إنتخابي باعتبار ضيق الوقت الذي حتّمه اقتراب الموعد المرتقب للاستحقاقات الانتخابية الوطنية التي لن تتجاوز موفى السنة الحالية.فهل ينجح السبسي في وضح حدّ لمعركة كسر العظام المحتدمة بين روافد حزبه؟ أم أنّ القطار قد فاته والأمور غدت خارجة عن نطاقه؟

 

 

  

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.