حادثة وسام يحيى.. درس في عزيمة الرجال لا يفقهها من جاء للإفريقي بحثا عن المال

لا تزال الحادثة التي تعرض إليها وسام يحيى محل تناول إعلامي وحديث جماهيري واسعين خصوصا أن حياته كادت تتوقف يوم الأحد الفارط بعد اصطدامه بأحد زملائه.. يحيى أفزع كل الساحة الرياضية ولكنه حتى في حالة كالتي عايشناها لم يكن قادرا إلا على اغتصاب إعجابنا كما تعود أن يفعل دائما.

متوسط الميدان الدولي التونسي ابتلع لسانه قبل أن يعود إلى أرضية الملعب من جديد وكأن شيئا لم يكن حتى أنه لما سئل على أمواج راديو موزاييك عن سر عودته المباشرة إلى الملعب عقب الإصابة قال انه "خاف لما رأى سيارة الإسعاف إلا أنه لم يكن يفكر إلا في العودة إلى اللعب".. يحيى أجاب بتلقائيته المعهودة ولكن في ثنايا كلامه عدة رسائل من شأنها أن تحل شفرات فشل فريقه السابق النادي الإفريقي في المراهنة على اللقب بل حتى الحصول على المركز الثاني أو الثالث في الترتيب العام.

"الغولدن بوي" لم يكن يفكر في ما ستكتبه عن عزيمته الصحافة ولم يكن ينتظر أن يشكر على رجولته وروحه القتالية فلسنوات ظل أداؤه مستقرا في الإفريقي دون أن ينال ولو نصف حقه ماليا حتى أنه كان يستحي وقت تسليم الأجور فيأتي آخر زملائه كي لا يحرج وهو قائد الفريق.. وسام لم يشغل باله إلا في العودة إلى الملعب ومساعدة زملائه في رحلة البحث عن العودة إلى الدرجة الأولى ولو كان في الأمر مخاطرة بحياته فهكذا تربى في الإفريقي حيث تسمو المصلحة الجماعية على الفردانية والذاتية.

نجم نادي باب الجديد السابق صنع صورة في تركيا كالتي تركها في تونس بفضل أدائه المستقر ورفعة أخلاقه وأيضا رجولته وهو الذي أصر على تجديد عقده مع ناديه الأم قبل التوقيع لنادي مرسين التركي لا لشيء إلا ليمكن النادي الذي صنع مجده من الانتفاع ماديا من تسريحه.. وسام رغم أنه خريج مدرسة النادي الإفريقي إلا أنه كسب تعاطف جماهير كل الأندية المنافسة لفريقه وهو أمر لم يكن ليتوفر إلا للكبار فكم من لاعب خرج منبوذا من كافة الجماهير حتى من أنصار فريقه إلا يحيى الذي لا يزال يحيا ويعيش في قلوب كل الجماهير كيف لا وهو الذي تحول إلى مطلب شعبي في "كان جنوب إفريقيا" الأخير  الذي همشه خلاله سامي الطرابلسي..

نهائيات إفريقية استحق خلالها اللعب ولكن عناد الطرابلسي حرمه من ذلك ورغم المحاولات التي رمت إلى جره لانتقاده لم يفلح أصحابها فأخلاقه لم تكن تسمح له بذلك في وقت هاجم غيره مدرب المنتخب بأوقح النعوت.. يحيى كان اللاعب الوحيد الذي استقبل بحفاوة جماهيرية بالغة عقب العودة من "كان 2013" في وقت حاولت فيه فئة من جماهير المنتخب الاعتداء على المدرب ومساعديه وبعض اللاعبين وهو ما يكشف تعلق الجماهير الرياضية به.

وسام يحيى يبقى أحد أيقونات الكرة التونسية وأحد أفضل اللاعبين الذين أنجبتهم مدرسة النادي الإفريقي وهو الذي جمع بين مكارم الأخلاق وسعة الإمكانيات رغم ما عرفه من ظلم في مسيرته الرياضية سواء في فريقه الأم أو المنتخب إلا أن عزاءه الوحيد في كل مرة هو الدعم المعنوي الذي يتلقاه من الجماهير.

التضامن الذي لقيه يحيى هو ترجمة عفوية لرجولته في الميدان ويا ليت لاعبي الإفريقي يتعلمون الدرس حتى يتمكنوا من إنقاذ الفريق والعودة به إلى مداره فكرة القدم رجولة و"قليب" و"غرينتا" مع الفنيات واللياقة البدنية وها أن العظة تأتي من وسام عله يحيي آخر مواطن الرجولة والعزيمة في قلوب أبناء ناديه حتى يتم إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.