خبراء: المريض الليبي شجع الاستثمار في القطاع الصحي الخاص

شهدت المصحات الخاصة منذ اندلاع الثورة الليبية حركية غير مسبوقة بعدما كان هذا القطاع يعاني ازمة كادت ان تعصف ببعض مؤسساته وآلت ببعض المستثمرين الى  التفكير في غلق مؤسساتهم الصحية وتسريح  العملة.

الثورة الليبية حسب بعض الملاحظين غيرت مجرى الاحداث واعادت للقطاع تدفقا جديدا في شريان الحياة وذلك بتوافد جحافل جرحى ومصابي النزاع المسلح الدائر وقتذاك من كلا الفريقين حيث لعب اصحاب المصحات الخاصة دورا رياديا وانسانيا وذلك بفتح ابواب مصحاتهم على مصراعيها لاستقبال الاشقاء الليبيين وتقديم الخدمات العلاجية الضرورية، بدون اي اتفاقات ولا ضمانات مسبقة من اي جهة ليبية كانت ما عدا وزيرة الصحة في حكومة  الباجي قائد السبسي التي اخذت على عاتقها مسؤولية خلاص فواتير علاج هؤلاء الجرحى والمصابين.

هذا وتجدر الاشارة الى ان هناك مستحقات متخلدة لدى الحكومة الليبية التي تمت الاطاحة بها لفائدة المصحات الخاصة التونسية تقدر بـ85 مليارا ولم تتم تسوية هذا الملف الى حدّ الآن ورغم ان هناك اخبارا رسميا مفادها ان هذا الملف تمت تسويته تماما فإن متدخلي القطاع نفوا ذلك معربين عن استيائهم الشديد لطول الانتظار والبطء في حسم هذا الملف.

حقائق اون لاين ارتأت ان تسلط الضوء على هذا الموضوع والتقت الاطراف المتدخلة في القطاع وفي ما يلي التحقيق الذي كانت انطلاقته مع الدكتورة سنية بالشيخ، مديرة مركزية بوزارة الصحة مكلفة بادارة تصدير الخدمات الصحية الخاصة وأحد الاطراف المفاوضة مع  الطرف الليبي في خصوص ملف مستحقات المصحات الخاصة.

دكتورة بالشيخ ماذا عن اوضاع المصحات الخاصة بعد قيام الثورة الليبية والرقم الصحيح للمرضى والجرحى الذين قدموا الى تونس؟

قبل أن نتطرق الى هذا الموضوع اريد ان اعرج على مهمة الادارة التي اوكلت إليّ مهمتها وهي وحدة تصدير الخدمات الصحية للقطاع الخاص هذه الوحدة التي تم بعثها بمقتضى قانون سنة 2009 ومهمتها السعي للتعريف بخدمات القطاع الصحي الخاص واكتشاف اسواق جديدة على غرار الاسواق التقليدية غير ان هناك ظروفا حالت دون مواصلة هذه الوحدة عملها لاسباب يطول شرحها. وفي سنة 2012 تم تفعيل هذه الوحدة وذلك لاعداد دراسات علمية شاملة حول القطاع تمتد الى سنة 2020 تهدف الى تطوير منظومة القطاع والارساء بخدماته نحو المواصفات العالمية.

هذا وقد تم تكليف ثلاثة مكاتب دراسات دولية لاعداد هذه الدراسات تكفل بتغطية مصاريفها البنك الافريقي للتنمية في شكل هبة الى وزارة الصحة تقدر بـ532 الف يورو وذلك لانجاز دراسة علمية شاملة حول قطاع المصحات الخاصة وكيفية تصدير الخدمات الصحية والتعريف بها لدى الاسواق غير التقليدية وسيتم انجاز هذه الدراسة عبر ثلاث مراحل وقد بلغنا الآن المرحلة الثانية منها. ورغم الصعوبات التي وجدناها في البداية فإنّ تفهم الاطراف  المتدخلة  في القطاع يسّر سبيل نجاح هذا البرنامج.

وتعتبر هذه الدراسة الاولى من نوعها في العالم العربي والافريقي وسنحصل على نتائج المرحلة الثالثة والنهائية لهذه الدراسة في غضون الثلاثة اشهر الاولى للسنة الجارية 2014 حتى نجعل من القطاع الصحي الخاص ببلادنا نموذجا يحتذى به في عالمنا العربي والافريقي ولِمَ لا العالمي.

في ما يخص اوضاع المصحات الخاصة ومزايا ثورة 17 فيفري 2011 الليبية، صحيح ان هذه الثورة اعطت نفسا جديدا للقطاع الصحي الخاص لكن في المقابل قدمت المصحات للاشقاء الليبيين افضل الخدمات الصحية و ذلك من خلال استقبال جحافل الجرحى والمصابين من كلا الفريقين المتنازعين رغم انعدام الضمانات من الجانب الليبي في تلك الظروف .هذا وقد مرّ القطاع بسنوات عجاف وهي السنوات الاربع التي سبقت ثورة 14 جانفي 2011  التونسية مما دفع بمستثمري القطاع اطلاق  صيحات فزع علهم يجدون مخرجا لأوضاعهم.

بالنسبة لاعداد الجرحى والمرضى الذين نزلوا بالمصحات الخاصة، في الحقيقة ليس لدينا الارقام المضبوطة لكن لدينا الرقم الجملي للمرضى الاجانب الذين قدموا الى تونس لطلب العلاج يقدر عددهم بـ160 الف مريض، هذا بالنسبة لسنة 2011 منهم ما يقارب 60 في المائة من مجموع  الرقم المذكور هم مرضى وجرحى الثورة الليبية.

ماذا عن مستحقات المصحات الخاصة التونسية المتخلدة لدى الجانب الليبي وهل تمت تسوية وضعياتها؟

هي اموال ومستحقات ليست بالهينة متخلدة لدى الجانب الليبي  قبل قيام الثورة  الليبية بَيْدَ ان المفاوضات لم تفض إلى نتيجة حتى سنة 2013 حين توصل الطرفان الى الحلول النهائية بعد تكليف مكتب دراسات دولي مكلف من الجانب الليبي للتدقيق في فواتير الخلاص المقدمة من الجانب التونسي والتي تقدر بـ85 مليون دينار.

لو نتعرف على جدوى المنافسة حول السوق الليبية بين الاردن وتونس من جهة بين مصر وتونس من جهة، واخرى وهل فكرتم في اسواق بديلة؟

صحيح ان هناك منافسة بين هذه البلدان على استقطاب  السوق الصحية الليبية .لكن من وجهة نظرنا هذه المنافسة مشروعة ولا تزعجنا ونتيجتها دائما تكون للاجدر فالطبيب التونسي مشهود له بالكفاءة في جل بلدان العالم ومكانته العلمية تسير بالتساوي مع اطباء اعتى الدول المتقدمة في هذا المجال. اما في ما يخص اكتشاف اسواق جديدة لتصدير خدماتنا الطبية فهناك مساع جادة للغرض حيث انتهينا الى قرار ان تكون  السوق الافريقية وجهتنا.  فقد كانت لنا زيارات ميدانية الى كل من الكوت دفوار، والتشاد، ومالي، وموريطانيا، ودول افريقية اخرى التقينا خلالها مع الاطراف  المتدخلة في القطاع الصحي و كانت جل هذه اللقاءات مثمرة لتسويق خدماتنا الصحية والتعريف بها . هذا ولا ننسى السوق الجزائرية التي اصبحت وجهتها تونس بعدما كانت السوق الفرنسية الصحية وجهتها.

الدكتور عثمان السبعي مستثمر ونائب رئيس الغرفة الوطنية للمصحات الخاصة:

نفى الدكتور السبعي ما ورد في تصريح الدكتورة سنية بالشيخ المديرة المركزية بوزارة الصحة المكلفة بملف تصدير الخدمات الصحية للقطاع الخاص في بعض بنوده ، مبرزا ان المصحات الخاصة لازالت تعاني اوضاعا مزرية لحد الآن ماديا ومعنويا معتبرا ان تسوية الاوضاع المالية المتخلدة لدى الجانب الليبي لفائدة المصحات الخاصة التونسية لم تتم بعد وكل ما في الأمر أنه تم عرض مشروع تسوية من طرف احد مكاتب ، الدراسات الدولية الذي تم تكليفه من الجانب الليبي للتدقيق والتحري في الملفات المالية المقدمة من الجانب التونسي ولعب دور الوسيط في التسوية .

غير ان هذا المكتب يتصرف و كانه صاحب الشأن اذ اصبح يطلب اتاوة متفاوتة مقابل تسوية وضعية كل مصحة وهي نسبة مائوية لا يستهان بها من المبلغ الجملي المتخلد بذمة الجانب الليبي فرفض اصحاب الشأن هذا المقترح ما عدا بعض  المصحات التي لا يتعدى عددها أصابع اليد ورضوا بهذه التسوية لاسباب قاهرة وهناك اكثر من 70 في المائة ‪%  من المصحات الخاصة لم تقبل بهذا المقترح ونحن ننتظر تدخلا من الحكومة الحالية لحل هذا الاشكال الذي طال امده واضر بمصالح المصحات ماديا ومعنويا علما وانني احد الاطراف المفاوضة مع الجانب الليبي في خصوص مستحقات الجانب التونسي وكانت لنا عديد اللقاءات مع ابرز الشخصيات الليبية آخرها لقاء 5 فيفري 2013 مع وزير الصحة بالحكومة الليبية.

علما وان هذه المستحقات متخلدة بذمّة الجانب الليبي قبل سقوط نظام القذافي ورغم ذلك لم تتوان المصحات الخاصة عند اندلاع الثورة الليبية في فتح ابوابها لقبول جحافل الجرحى والمصابين  لتقديم الاسعافات والرعاية الصحية اللازمة وهذا ليس منّا بل نعتبره واجبا لما يربط الشعبين من أواصر الأخوة والقربى.

هذا واكد محدثنا على ان ما تم تقديمه من ملفات استخلاص ديون هي ملفات لا يعتريها الشك وتتميز بالنزاهة والمصداقية لان كل خدماتنا الصحية التي نسديها للمرضى هي خدمات ترتقي الى المواصفات العالمية باعتراف المنظمات الدولية.

الدكتور بوبكر زخامة مستثمر في قطاع المصحات الخاصة.

لو تقيّم لنا العلاقة التي تربط المريض الليبي بالمصحات الخاصة وماهي مزاياه على ديمومة القطاع؟

صحيح ان المرضى الليبيين لهم مزايا على القطاع الصحي الخاص لكن ليس كما يتصوره البعض فالمكانة التي يحظى بها الطبيب التونسي ذاع صيتها في كامل ارجاء المعمورة تقريبا فهناك من الاوروبيين من باتوا يأتون الى تونس لاجراء فحوصاتهم الطبية والعمليات بحيث ان الليبيين لم يأتوا اعتباطيا بل جاؤوا  الى تونس بقناعة لأن الطبيب التونسي يحتل مكانة مرموقة لدى الليبيين ومحل ثقة وله الكفاءة التي تجعله يحتل المكانة التي هو جدير بها.

لكن ما يمكن قوله في حق السوق الليبية انها شجعت على الزيادة في نسبة الاستثمار في قطاع الصحة الخاص ومن وراء ذلك توفرت الفرص التشغيلية للاطارات الطبيبة وشبه الطبية والصناعيين والعمال والطباخين وغيرهم من الاختصاصات وبذلك يكون للقطاع مزايا على الدورة الاقتصادية عموما والاجتماعية خصوصا.

هناك من يرى ان انتعاشة قطاع المصحات الخاصة كان للثورة الليبية فضل فيها؟

حتى نكون صادقين ما اشرت اليه في السؤال  الاول هو الصحيح اما في ما يخص «الفضل » فأرى ان الامر لا يؤخذ بهذه الطريقة ولا بهذا المفهوم فهناك قاسم مشترك بين الشعبين الشقيقين التونسي والليبي بدليل  انه عند قيام ثورة 17 فيفري 2011 الليبية فتح التونسيون بيوتهم على مصراعيها لاستقبال اشقائهم النازحين الى تونس من  هول المعارك الدائرة بين الثوار والكتائب هذا بالاضافة  الى المؤسسات الصحية الخاصة التي فتحت ابوابها لعلاج المصابين من كلا الفريقين بدون اي ضمانات وعليه فان الخيار الاوحد في جميع الحالات بالنسبة للاشقاء الليبيين هو الوجهة التونسية جغرافيا واجتماعيا فالامر تجاوز الحدود واصبح تعامل مصاهرة ووجود.

ماذا عن مستحقاتكم لدى الجانب الليبي؟

هذه الوضعية لم تسو بعد فهناك من المستثمرين في القطاع من فرضت عليه اتاوى اي نسب مائوية  متفاوتة لتسوية وضعياتهم من الجانب الليبي فقبل بذلك وهناك من لم يقبل في انتظار ما ستؤول اليه الامور.

ماذا عن المنافسة التي تشهدها الساحة الوطنية بين المستشفيات والمصحات الخاصة التي سيتم بعثها وهل ان تواجدها يؤثر سلبا على نشاط المصحات الخاصة؟

علمت بهذا الامر لكنه مازال بعيد المنال وبعث مستشفى على هذا النحو ليس بالامر الهين فهناك مواصفات وشروط قانونية يخضع اليها وطاقة محددة يعتمدها وقوانين وتشريعات وقد سبق ان علمنا منذ سنوات بمشروع المستشفى الخاص الياباني  الذي لم ير النور الى حد الآن اما في ما يخص التأثيرات الجانبية لهذا النوع من المستشفيات على قطاع المصحات فالامر سابق لأوانه ولا اظن ذلك. فمثل المصحات الخاصة كمثل المساحات الكبرى التجارية وعطار الحي فلا يمكن لسكان الحي ان يكونوا في غنى عن خدمات هذا الاخير.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.