في الذكرى الثالثة لما حسبناها ثورة فاذا بها كارثة جعلت بعضنا يتحسر على العهد النوفمبري ، يحسن بنا التوقف عند هذا الثالوث الذي حول حلمنا الى كابوس :الانتهازية – الخيانة – نكران الجميل .
الانتهازية
العاطلون عن العمل و المعذبون في الارض عموما هم الذين دفعوا ثمن انهيار سلطة بنعلي ..و اذا بالأجراء ينتهزون فرصة ضعف الدولة للمطالبة بزيادات في الأجور مما صار معه من المستحيلات السبعة تحقيق اهداف الثائرين : توفير الشغل لهم او ، على الاقل ، تمكينهم من منح تحفظ لهم كرامتهم و هم الذين استشهد منهم من استشهد وهو يهتف : "شغل..حرية..كرامة وطنية ".
الخيانة
السياسيون خانوا من انتخبهم ..و أباحوا لانفسهم ما ورثوه عن أسلافهم : المرتبات الخيالية ..و الامتيازات اللامعقولة المتمثلة في المساكن و السيارات و البنزين و غير ذلك كثير ..
و الاعلاميون خان اكثرهم الحرية التي أهديت اليهم فاستعملوها للسب و الكذب وتشليك مؤسسات الدولة غير مفرقين بين المنصب و المنصب فيه..
و النقابات التي كان لها شرف احتضان الانتفاضة الشعبية خانت مقولة زعيمها التاريخي "أحبك يا شعب" بوقوفها الى جانب مطالب الأجراء و المعتصمين في كل مكان و الحال ان كل ذلك كان معناه إرباك الحكومة – المرتبكة بطبيعتها – و جعلها عاجزة عن مجرد التفكير في تحقيق اهداف من دفعوا ارواحهم و دماءهم من اجل الشغل و الحرية و الكرامة الوطنية..
نكران الجميل
أما ما لم يكن في الحسبان ..و ما ما كان يتصوره احد ..فهو ان من أخرجتهم دماء التونسيين من غياهب السجون أبوا إلا أن يقابلوا الاحسان بالاساءة بأن رفعوا الاسلحة في وجوه التونسيين ..فيتموا الاطفال ..و رملوا الزوجات..و ثكلوا الامهات و الاباء ..و جعلوا تونس -و ما أدراك ما تونس – مهددة لا فقط باللبننة ..و لا فقط بالأفغنة ..بل و حتى بالصوملة ..