تم مساء السبت 7 ديسمبر 2013 عرض مسرحية 3 نساء في نسخة ثالثة جديدة لمسرحية زنقة النساء وهي بدورها مقتبسة من مسرحية فرنسية.
مسرحية 3 نساء هي مسرحية اجتماعية ساخرة أدخل عليها المخرج نعمان حمدة بعض التغييرات لتصبح معبرة عن تطلعات الشارع التونسي فيقبل على مشاهدتها.
وقام بدور البطولة في هذه المسرحية الممثلة جميلة الشيحي بالاشتراك مع الممثل محمد الداهش والممثلة الناشئة عائشة عطية.
فحوى الرسالة…
حقائق أون لاين واكبت هذه المسرحية التي تروي قصة ثلاث نساء مطلقات تقاسمن شقة واحدة للتخفيف من عبء المصاريف الحياتية فجمعتهن ظروفهن بعد أن فارقهن أزواجهن.
هن ثلاث نساء مختلفات .الأولى مثقفة ومن طبقة مترفهة وقامت بهذا الدور الممثلة القديرة جميلة الشيحي، أما شخصية المرأة الثانية فقد تقمصها بإتقان الممثل محمد الداهش الذي أدخل على كامل المسرحية حركية وحيوية بإقحامه الجمهور ليصبح طرفا مشاركا في العمل وليس متفرجا فقط، وقد كان من نصيب الداهش دور امرأة من طبقة محدودة الدخل والثقافة. أما المرأة الثالثة فهي فتاة صغيرة السن دخلت عش الزوجية باكرا لتخرج منه على عجل وقد قامت بهذا الدور الممثلة الناشئة عايشة عطية.
أبدى ثلاثتهم حرفية ملموسة ظهرت في خفة الروح واللعب على الكلام ذي الإيحاءات الجنسية في أغلب الأحيان، كما أظهروا رشاقة جسدية مع استعمال أدوات وحركات تعبيرية مقصودة.
إن ما ربط بين هؤلاء النسوة هو لوعتهن وحسرتهن على ماض عاشته كل واحدة منهن مع زوجها الذي بعد أن أمضت معه حلو الحياة ومرها غدرها وغادرها فحطمها بفراقه لها لذلك ظهرت النساء الثلاث في هذه المسرحية محبطات ومتحسرات بلغ بهن التشفي والحقد إلى درجة أنهن صحن خلال هذا العرض مرات عديدة مولولات متمنيات أن يفقأن أعين أزواجهن وينكلن بهم كما فعلوا بهن.
هذه الصرخات الانتقامية تكررت عدة مرات في المسرحية وبأصوات النساء الثلاث في آن واحد ليصير صوتهن صوتا واحدا وموحدا لهن على اختلاف أعمارهن وطبقاتهن ومستوياتهن، مدويا ومعبرا عن استغاثة صوت واحد وهو صوت المرأة أينما وكيفما كانت ضدّ رجل ظالم.
فماذا يخفي إجماع هؤلاء النسوة على الانتقام؟ هل هو خلاصة لتجربة مرة؟ أم هو دليل على ضعفهن إزاء رجل تعلقن به إلى درجة العجز على العيش من دونه؟ ام تراه افتراء من لدنهن على أزواجهن؟
بحث في حلول بديلة !
قررت بطلات المسرحية التأقلم مع حياتهن الجديدة وشرعن في البحث بأنفسهن عن رجل بديل لأن كرامتهن وأنوثتهن ومجتمعاتهن تمنعهن من العيش دون رجل يبعث فيهن حب الحياة ويمنحهن جواز سفر للتحرك داخل المجتمع، فقررن عدم إضاعة الوقت في انتظار من يدق على أبوابهن، وبحثن بطرقهن الخاصة مستعملات ذكاءهن ومتكئات على جمالهن فلم يستجب لهن إلا رجل من نوع واحد وهو من يبحث عن متعة جديدة خارج العلاقة الزوجية وفي ظل حياة ثنائية يحافظ بها على استقراره العائلي مع زوجة شرعية وحياة ثانية هو في حاجة إليها لأنه سيطلق فيها العنان لشهواته مع عشيقة جديدة ومتجددة.
أصيبت هؤلاء النسوة مرة أخرى بالإحباط لأنهن لا يبحثن عن هذا الرجل الموجود في مجتمعاتهن بل يبحثن عن شريك حياة ليعشن معه في الجهر لا في السر وليمنحهن حنانه واهتمامه وليفتخرن به أمام صديقاتهن وعائلاتهن.
يظهر هذا المشهد المسرحي أن المرأة فاتها ركب الرجل الذي سبقها بخطوات إلى الأمام فلا تزال المرأة حسب هذا المشهد تبحث عن فارس الأحلام ، عن الرجل الذي سيحميها وسيسعدها، بينما يعيش هذا الرجل حياته بعقلانية وأنانية مفرطة.
بين الضحك.. والمساس من صورة المرأة..؟
تطرقت هذه المسرحية إلى المرأة المطلقة وهي تحاول إعادة بناء حياتها وكيف تصطدم بشارع يعج بالذئاب لتعيش الإحباط المرة تلو الأخرى.
هذه المسرحية الاجتماعية لاقت إعجاب المتفرجين وأضحكتهم طويلا نساء ورجالا شبابا وكهولا، لأن مخرجها وممثليها ارتأوا التعبير عن مشكل اجتماعي لا بطريقة تراجيدية بل باستعمال المشاهد المثيرة للضحك، معتمدا نمطية مستمدة من صميم الواقع.
لكن هذه المشاهد المضحكة والمبكية صورت المرأة مخلوقا ضعيفا يستمد بقاءه وقوته من جماله وجسده ويتصدى للظلم والقمع بالنحيب والعويل والشتائم. فهل هذه المسرحية الساخرة جاءت تعبيرا عن واقع تونسي يخدم المرأة أم يضرّ بصورتها؟