أفادت وزارة الدفاع الوطني بأنّ مواليد الثلاثية الثانية من سنة 2004 ومواليد السنوات السابقة، الذين لم يقوموا بتسوية وضعياتهم إزاء قانون الخدمة الوطنية، مدعوون إلى التقدّم تلقائيا إلى المراكز الجهوية للتجنيد والتعبئة بمدن تونس وسوسة وباجة وقابس والقصرين مصحوبين ببطاقة التعريف الوطنية.
وتستمر حصّة التجنيد، التي انطلقت يوم 3 جوان الحالي، إلى غاية 5 جويلية القادم.
وأوضح العميد بالبحرية حاتم السوسي مدير عام التجنيد والتعبئة بوزارة الدفاع الوطني، في تصريح إعلامي بمناسبة انطلاق حملة التجنيد، أنّ الشّباب المعني مدعو إلى التقدّم بصفة تلقائية إلى أحد المراكز الخمسة المذكورة لآداء واجبهم الوطني.
وينصّ الفصل 31 من قانون الخدمة الوطنية لسنة 2004 على أنه « يجرّم كلّ من لم يتقدّم بصفة تلقائية لآداء الواجب الوطني ويقتضي تطبيق الفصل 66 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكريّة « ، وهو الحكم بالسجن لمدّة تصل إلى السنة.
وعلى كلّ من صدر في شأنه حكم غيابيّ بالسجن أو خطيّة مالية من أجل عدم تسوية الوضعية إزاء قانون الخدمة الوطنية، سواء كان المواطن موجدا داخل البلاد أو خارجها، أن يتقدّم في الآجال ومباشرة إلى إحدى المحاكم العسكرية مرجع نظر الحكم (تونس، الكاف، صفاقس ) ويقوم بالاعتراض ويتحصّل على شهادة كف تفتيش إن كان محل تفتيش ويبقى مطالبا بتسوية وضعيته.
ولاحظ العميد السوسي أن عزوف الشباب عن آداء الخدمة الوطنية يعود إلى عدم المعرفة والإلمام بالقانون، الذي يسمح للشاب بتسوية وضعيته إمّا مؤقتا بالتأجيل أو نهائيا بالتجنيد أو الإعفاء.
ويمكن منح التأجيل لمدّة عام واحد بالنسبة لمن له أخ بصدد آداء الخدمة الوطنية أو ثبت قيامه مؤقتا بشؤون عائلته أو بصدد الدراسة أو عامل ومقيم بالخارج إلى حد سن الثامنة والعشرين.
// التشريع ..
انطلقت الخدمة الوطنية سنة 1957 بالتوازي مع تكوين النواة الأولى للجيش الوطني، ثمّ جاء قانون 1967 الذي مكّن من أداء الواجب على مدد بالتشجيع على تسوية الوضعية بالخدمة العسكرية المجزّأة لفائدة الموظفين والفنيين 3 أشهر حصص متبوعة بحصص تجنيد قصيرة وآلية الإعداد العسكري للطلبة عبر مخيمات صيفية.
وتقرر سنة 1975 مزيد تشريك الشبان في التنمية الاقتصادية الإجتماعية للبلاد من خلال إحداث شكلين من آداء الواجب الوطني، وهما خدمة عسكرية ضمن وحدات قتالية وخدمة وطنية في إطار ما يسمى التعيينات الجماعية من خلال تكوين وحدات التنمية منظمة حسب نظام القواعد العسكرية التي تشارك في إنجاز مشاريع التنمية الداخلية أو التعيينات الفردية لتسديد الشغورات في المختصين في القطاعات ذات الأولوية لفائدة المؤسسات والمصالح العمومية وذلك بعد تلقى التدريب العسكري الأساسي، قبل توسيع الآلية لتشمل القطاع الخاص.
ومكّن قانون 1986 من معالجة ظاهرة التخلف والعزوف عن آداء الواجب الوطني، من خلال توسيع أشكال الخدمة ضمن الوحدات الأمنية والإنمائية ومن ثمة صدر قانون 2004.
وقانون 2004 المتعلّق بالخدمة الوطنية هو قانون جاء بهدف إعداد المواطن للدفاع عن حوزة الوطن والمشاركة في التنمية الشاملة للبلاد والمساهمة في نشر السلم في العالم.
ونصّ على أن يتقدّم كل مواطن بصفة تلقائية لآداء الخدمة الوطنية وأن يبقى ملزما بآدائها إلى حين بلوغه سن 35 سنة.
وتتمثل أشكال الخدمة وفق هذا القانون في خدمة عسكرية مباشرة لغرض تسديد حاجيات الجيش الوطني أو خدمة وطنية خارج وحدات القوات المسلحة استجابة لحاجيات الدفاع الشامل ومقتضيات التضامن الوطني.
ووجدت قوانين الخدمة الوطنية، وفق ما وقع تأكيده بمناسبة انطلاق حملة التجنيد، جذورها في القواعد الدستورية (1959، 2014، 2022 ) بالتنصيص على تساوي المواطنين في الحقوق والواجبات وعلى أنه من بين الواجبات المحمولة على كل مواطن واجب الخدمة الوطنية وبالتأكيد على وجوبية الدفاع عن حوزة الوطن.
التجنيد والتعبئة ..
« لا يمكن تجنيد من ليس مؤهّلا صحيّا « ، هذا ما وقع تأكيده في الزيارة التي واكب خلالها الصحفيون كيفية استقبال الراغب في آداء الخدمة الوطنية وتوجيهه إن كان مؤهّلا وصالحا طبيّا بإسناده رقم التجنيد وإكسائه وتوجيهه إلى مركز التدريب.
وأوضح العميد السوسي أنّ المعنيين بالخدمة هم من بلغوا 20 سنة، أي مواليد سنة 2004، وكذلك الذين تخلّفوا عن المواعيد السابقة، مشيرا إلى انطلاق حصص التجنيد للخدمة الوطنية العسكرية لهذه السنة في شهر مارس الماضي، وهي بمعدّل 4 حصص في السنة أي خلال أشهر مارس وجوان وسبتمبر وديسمبر.
وأكد على دور الأولياء في تشجيع أبنائهم على آداء واجبهم المكرس بالدستور، موضّحا أنّه يجري العمل على توجيه من تمّ قبولهم للقيام بتدريباتهم حسب الجهات مع مراعاة رغبتهم في القرب من عائلاتهم.
وفي هذا الشأن، يقول وائل الحيوني (19 سنة)، الشاب القادم من ولاية بنزرت، إنه اتخذ قراره بصفة طوعية بعد أن تلقى تكوينا مهنيا تابعا لوزارة الدفاع لمدّة سنتين، موضّحا أنه لقي التشجيع أيضا من عائلته للالتحاق بالخدمة الوطنية.
الأمر نفسه أكّده كل من وسام فركوس (19 سنة) القادم من ولاية زغوان ومحمد كريم المثلوثي القادم من ولاية سوسة، اللذان أكّدا رغبتيهما الطوعية في آداء الواجب الوطني.
// تصوّر جديد ..
أكد المسؤولون، في الزيارة التي نظمتها وزارة الدفاع لفائدة الصحفيين، على وجود تصوّر جديد للخدمة الوطنية، مبرزين ضرورة أن تتماشى الرؤية الجديدة للتجنيد مع الواقع الإقتصادي والإجتماعي للبلاد.
وبينوا أن هذه الرؤية ترتكز على نظام قانوني جديد يراعي تغيّر الأولويات المجتمعية مع استحداث وتنويع أشكال آداء الخدمة الوطنية وجعلها أكثر مرونة وقابلية للتطبيق على أرض الواقع في إطار التوجهات العامة للقوات المسلحة وأن تعمل على ترسيخ قيم المواطنة.
ويقوم هذا التصوّر أساسا على مراجعة الإطار القانوني المتعلق بالخدمة الوطنية وتطوير آليات الخدمة الوطنية وإرساء آليات جديدة لتحفيز الشباب على آداء واجب الخدمة الوطنية.
أمّا خصائصه، فترتكز على القرب من مقرّ الإقامة واختيار نوعية الخدمة وتبسيط الإجراءات الإدارية والرقمنة مع تعدد صيغ وأشكال تأدية الخدمة الوطنية إضافة إلى تشريك كافة الهياكل الدولة.
وتنقسم الخدمة الوطنية، وفق التصوّر الجديد، إلى خدمة بوحدات القوات المسلحة العسكرية، أي خدمة عسكرية مباشرة، وخدمة خارج وحدات القوات المسلحة العسكرية، أي خدمة خصوصية، تشمل جميع التونسيين داخل وخارج الوطن من الذين حالت وضعياتهم دون القدرة على آداء الوجب الوطني وفقا للصيغ الأخرى وخدمة وطنية مدنية.
وتشمل الخدمة الوطنية المدنية جميع التونسيين (بدرجة أولى فئة أعوان التنفيذ وبدرجة ثانية أصحاب الشهائد العليا والتقنية) تؤدّى لدى الوزارات والهياكل العمومية أو الجماعات المحلية العمومية وتهدف إلى دعم مجهود التنمية.
وتهدف إلى تكوين نواة جيش احتياط لوجيستي وتعزيز هياكل الدولة بالموارد البشرية الضرورية لسدّ الشغورات وتجسيد استراتيجية وزارة الدفاع الوطني (2021-2030)، إضافة إلى توفير فرص التدريب والتطوير المهني ومزيد تثمين الشهائد.
وات