عبرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، الجمعة 31 ماي 2024، عن قلقها إزاء ما اعتبرتها “انتهاكات غير مقبولة” للحقوق الأساسية في تونس على خلفية ما سجله خبراؤها في تونس من “اعتقال واحتجاز عنيفين للمحاميين سنية الدهماني ومهدي زقروبة في مقر دار المحامي بتونس العاصمة، ومنع رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي من حضور اجتماع دولي”.
وقال خبراء المفوضية، وفق ما جاء في بيان لها: “لقد صدمنا أنه أثناء جلسة الاستماع لما كان يحمله مهدي زقروبة من علامات ضرب وكدمات وخدوش في أجزاء مختلفة من جسده، بما في ذلك كتفه الأيمن وظهره وساقيه وذراعيه وأصابعه”، مضيفين أنّه “خلال استنطاقه تدهورت صحته بسرعة بسرعة، وبدأ يتقيأ، ثم فقد وعيه”.
ودعوا، في هذا الصدد، إلى تمكين المحامي مهدي زقروبة، الذي صدرت في حقه بطاقة إيداع بالسجن، من الرعاية الطبية، فضلًا عن إجراء تحقيق مستقل، مشددين على أنّ التعذيب محظّر تمامًا.
وعلى صعيد آخر، عبرت المفوضية عن قلقها الشديد إزاء رفض طلب رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي الحصول على إذن لحضور الاجتماع السنوي للجمعية الدولية للقضاة في إفريقيا في ماي”.
وقال خبراء المفوضية: “نحن نشعر بالقلق بشكل خاص من أن رفض وزارة العدل لا يتضمن أي مبرر ويقيّد الأنشطة النقابية لجمعية القضاة التونسيين من خلال حرمان رئيسها من الإجازة المطلوبة لسفره الرسمي”.
واعتبرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان أنّ “هذه الاعتقالات، والمداهمات لدار المحامي، وحرمان رئيس جمعية القضاة التونسيين من الإجازة، هي قيود مفرطة على الحق في حرية الرأي والتعبير، فضلاً عن الحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات للمحامين والقضاة في تونس”.
وقال خبراء المفوضية، في ما ورد في نص البيان: “نحن قلقون من أن هذه الإجراءات قد تشكل أعمالاً انتقامية ضد القاضي أنس الحمادي بسبب ممارسته حقوقه في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات”، مذكرين بأنه “بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، يحق لأعضاء السلطة القضائية، مثلهم مثل غيرهم من الأفراد، التمتع بحرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي”.
كما عبروا عن قلقهم البالغ إزاء “التأثير السلبي للإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطة التنفيذية على استقلال القضاء والحق في محاكمة عادلة والوصول إلى العدالة لجميع الناس في تونس”، مضيفين أنّ “وزارة العدل بدأت باستخدام آلية مذكرات العمل، بشكل تعسفي وخارج أي إطار قانوني لتغيير تركيبة المحاكم ورؤسائها وقضاة النيابة العامة وقضاة التعليم والدوائر القضائية”.
ولفت خبراء مفوضية حقوق الإنسان إلى أنّ “هذه المذكرات جاءت بعد استجواب القضاة من قبل المفتشية العامة لوزارة العدل، وهي تنتهك استقلال وحياد العمل القضائي”، معقبين: “يبدو أنّ هذه التغييرات في منتصف العام القضائي هي بمثابة أعمال انتقامية أو عقوبة”، حسب تصورهم.
وذكّروا بأنّ الرئيس قيس سعيّد قام بحل مجلس القضاء الأعلى في فيفري 2022، وإقالة 57 قاضيًا بإجراءات موجزة في جوان 2022، معربين عن قلقهم بشأن استقلال القضاء.
وحثّ خبراء مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان السلطات التونسية على “إنهاء جميع القيود غير المبررة على الممارسة المشروعة للحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات للقضاة والمحامين في تونس”، مؤكدين استعدادهم لـ”إجراء حوار هادف حول هذه القضايا الحاسمة”، وفق ما ورد في نص البيان.