عطلة الأمومة في مهب القانون

رشاد الصالحي-
بات تنقيح الفصل 48 من قانون الوظيفة العمومية المتعلق بعطلتي الولادة والأمومة أمرا تقتضيه المرحلة، وأثير الجدل حول مدة العطلة بناء على التجارب المقارنة وعلى الاتفاقية الدولية الصادرة عن منظمة العمل الدولية.

ونظرا لأهمية الموضوع التقت حقائق أون لاين بالأستاذ حاتم البوبكري نائب سابق في مجلس نواب الشعب وعضو المكتب السياسي لحركة الشعب الذي  وجود دعوات لتنقيح الفصل 48 من القانون عدد 112 لسنة 1983 من النظام الأساسي العام لأعوان الوظيفة العمومية، لأنه لم يعد مواكبا لتطورات المجتمع التونسي، لذلك كانت هناك محاولة لتنقيحه سنة 2020 في مجلس نواب الشعب بمشروع عدد 93  والقاضي بالترفيع في عطلة الولادة من شهرين إلى أربعة أشهر خالصة الأجر، وعطلة الأمومة من أربعة أشهر إلى ستة أشهر بنصف المرتب، لحق الأم والطفل في تونس تربية سليمة ومحيط عائلي آمن.

وأضاف محدثنا أنه بالعودة إلى التجارب المقارنة نجد أن دولا عدة أولت أهمية لهذا الأمر ففرنسا مثلا تمنح المرأة ستة أسابيع قبل الولادة وعشرة أسابيع بعد الولادة، وإذا ما أنجبت الأم طفلها الثالث تكون عطلة الولادة والأمومة 26 أسبوعا، وإذا كان المولود توأما تكون عطلة الولادة والأمومة 46 أسبوعا خالصة الأجر وإجازة الأبوة كذلك 28 يوما. 

أما في كندا فعطلة الولادة 26 أسبوعا إضافة إلى 35 أسبوعا إضافية خالصة الأجر  يتقاسمهما الوالدان.

وفي إسبانيا فإن  إجازة الأبوة 16 أسبوعا باعتبار أن مسؤولية رعاية الأبناء مشتركة،  أما في بلغاريا وهي التي تشبه تونس في تركيبتها المجتمعية وطبيعتها الاجتماعية والاقتصادية فإن عطلة الولادة والأمومة 410 يوما بكامل المرتب.

وإضافة إلى القوانين المحلية هناك اتفاقية دولية عدد 183 والمتعلقة بالأمومة صادرة عن منظمة العمل الدولية والتي تنص على تمتيع الأم بعطلة ما قبل الولادة وعطلة بعد الولادة وتشريك الأب في تربية الأبناء وتمتيعه بعطلة الأبوة هذه الاتفاقية موقعة ومصادق عليها من طرف الدولة التونسية وهي مطالبة بتطبيق بنودها 

إذن المطلب بتنقيح الفصل 48 من قانون الوظيفة العمومية حسب الأستاذ البوبكري مطلب مشروع لأن القانون لا بد أن يتغير بتطور الحياة البشرية  ومتطلبات العائلة التونسية.

وأضاف البوبكري أن وزارة الشؤون الاجتماعية تثير أحيانا  مسألة الأعباء المالية الناجمة عن تنقيح هذا القانون وتشير إلى أنها بصدد البحث عن مصادر تمويل لتعويض تكلفة الهدر المالي الناتج عن هذه العطل. إلا أن  العائلة وتنشئة فرد سويّ  وفق محدثنا أمر لا يقدر بثمن إذا كان الهدف بناء مجتمع سليم ولا مجال للتعلل بالوضعية  المالية للدولة   الذي قد يخفي سعي لإفشال تنقيح القانون.    

*تشكيل لجنة استشارية مختصة لتحديد مدة العطلة 
من جهته أكد نائب الشعب عن جهة الكاف الأستاذ عماد السديري ان بنية الأسرة التونسية شهدت تغيرات عدة تبعا للتحولات الاقتصادية والاجتماعية بما وضع المرأة الموظفة حديثة الولادة تبتعد تدريجيا عن فضاء الاسرة الموسعة إلى فضاء الأسرة الضيقة وهو ما يجعلها تتحمل وحدها أعباء ظروف الولادة والأمومة 

وقد تضررت في كثير من الأحيان حين يشترط عليها زوجها الاهتمام بالصغار والانقطاع عن العمل وكم تعكر صفو العلاقة الزوجية بسبب هذا الوضع. 

إذن لابد وفق الأستاذ السديري من إعادة النظر في تنقيح الفصل 48 من قانون الوظيفة العمومية على أن يقع تشكيل لجنة استشارية مكونة من مختصين في علم النفس وعلم الاجتماع والصحة الإنجابية لتحديد المدة المعقولة لعطلة الولادة وعطلة الأمومة ومن ثم يمكن اقتراح تمتيع المرأة بثلثي الأجر في عطلة الأمومة عوضا عن نصف الأجر. كذلك لا بد من مراعاة ظاهرة على غاية من الأهمية وهي الولادة القيصرية التي انتشرت كثيرا وأيضا ولادة التوأم في اتجاه مراعاة مصلحة الأم و الأبناء فالأمومة هي وظيفة أخرى تعمل على تكوين نشء متوازن صحيا ونفسيا وإعداده في المستقبل للقيام بدوره المنوط به في المجتمع، وتحتاج الأمومة من هذه الزاوية إلى مرتب مالي.

إلا ان المسألة في نظرمحدثنا لا يجب أن ينظر إليها من الزاوية المادية أو الزمنية بتحديد مدة العطلة بقدر ما يجب تثمين قيمة الوظيفة المتعددة والمتنوعة التي تقوم بها الأم. ومتى ما هيأ المجتمع الظروف النفسية والمادية لها متى ضمن توازنا نفسيا وجسديا للطفل وبالتالي للمجتمع

*تعدد مطالب تمديد عطلة الأمومة 

 القطر الجزائري يشهد نفس الإشكال تقريبا، فالدكتور الحزائري طارق الرقيق المختص في القانون الخاص يؤكد في تصريح لحقائق أون لاين أن القانون الجزائري حدد مدة عطلة الأمومة بثلاثة أشهر ونصف تتمتع فيه الموظفة بكامل الأجر وأضاف أنّ هناك مطالب بتمديد العطلة إلى ستة أشهر والحجة في ذلك أن الأمهات الموظفات كثيرا ما يلجأن إلى العطل المرضية الإضافية بعد انتهاء عطلة الأمومة وهو ما يعتبر مكلفا لمصالح الضمان الاجتماعي. إلا أن مطلب التمديد في عطلة الأمومة يضيف الدكتور الرقيق لم يقع تداوله على الصعيد الرسمي إلى حدّ الآن.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.