كلنا نستشعر حقوقنا ونريدها كاملة دون نقصان أو تعديل لكن دون أن نعتدي على حقوق غيرنا، والتمتع بالحقوق لا يكتمل إلا بأداء الواجبات ولا فائدة من حديث عن الدفاع عن حقوق ما لم نحترم حقوق غيرنا..
سيدي المعلم من حقك أن تطالب بتحسين راتبك لما تبذله من مجهودات ولعدم توازن قيمة الراتب مع شراءاتك اليومية، ومن حقي أن أتحصل على أعداد امتحانات بذلت فيها أنا التلميذ مجهودات تضاهي مجهوداتك، ومثل ما تريد التمتع بأجرك المتمثل في الراتب ، اريد أنا التلميذ أن أتمتع بأجري وهي أعداد الامتحانات.
لا تصادر أجري من أجل تحسين أجرك، النضال يكون بتحمل المسؤولية الذاتية وينبني على الاستعداد لتحمل فاتورة النضال، وحري بك أيها المعلم أن تحتج أو تضرب عن العمل لكي تضغط على السلطة للاستجابة لمطلبك، لكن هاجس الاقتطاع من الأجر يستبد بك ويشدك إليه حد العناق، فلتجأ إلى مصادرة أجري أنا التلميذ, تمتنع عن مد الإدارة بأعداد الامتحانات.
أساندك معلمي في احتجاجاتك وفي دفاعك المستميت عن الحق في العيش الكريم، وأراك قدوة لي في البذل والعطاء وتحمل المسؤولية كاملة وفي الآن نفسه أدعوك لكي تناضل وتدفع فاتورة النضال من أجرك لا من أجري.
معلمي الفاضل، هل لديك علما بحالتي النفسية وأنا أجري الاختبارات ولا أعلم مصيري، فهل ستكون السنة بيضاء أم أن النجاح سيكون آلي؟ مؤكد أنك تعلم ولكن لا تبالي.
أريد أن أبلّغك أنني لا أريد مغادرة مقاعد المدرسة العمومية ولا أريد خوض تجربة اللجوء إلى الخواص، فالتعليم العمومي حق لي ولابنك والمدرسة العمومية هي ثكنة محاربة الجهل والأمية ونحن التلاميذ وأنتم المعلمين جنودها ودباباتها.
نحن اليوم لسنا إزاء ثنائية خير وشر، ليست النقابة شرا و السلطة خيرا، وليس العكس كذلك، نحن إزاء منظومة مترابطة تستوجب منا الجميع الوقوف عند الشعور بالمسؤولية الذاتية والمسؤولية الجماعية، وهي منظومة تعليم تستوجب إصلاحات عاجلة باعتبارها قوام تنمية ورافد اقتصادي.
وكما يقول نجيب محفوظ "يمتلك المعلم أعظم مهنة، إذ تتخرج على يديه جميع المهن الأخرى"، فحافظ على قداسة مهنتك وأترك أثرا ايجابيا مثل الذي بصمه أسلافك.