قدّم المعهد العربي لرؤساء المؤسسات ورقة لتفسير دور وكالات التصنيف الائتماني في أسواق رأس المال وتطوّرات تصنيف تونس في السنوات الأخيرة وأسباب تراجع ترقيمها السيادي وانعكاساته على قدرتها على سداد ديونها.
ووفقا للمعهد فقد شهد تصنيف تونس الائتماني تراجعا مستمرا في السنوات الأخيرة، ويعود ذلك إلى حجم الدين الخارجي، والبطالة، وعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي.
كما كان لكل من جائحة كورونا والصراع الروسي الأوكراني، تأثيرا على الاقتصاد العالمي، وما انجر عنهما من تباطؤ في النمو، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات، وتعطيل سلاسل التوريد.
وقد أثرت كل هذه الأسباب على نمو الاقتصاد التونسي، وعلى قدرة الدولة على سداد ديونها الخارجية، مما أدى إلى تراجع تصنيفها الائتماني حسب وكالات التصنيف العالمية وآخرها وكالة "فيتش رايتينغ" التي خفضت التصنيف السيادي لتونس إلى -ccc وأرجعت أسباب هذا التراجع لنقص التمويل الخارجي خاصة في ظل تأخر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
تصنيف تونس في السنوات الأخيرة
يتم تصنيف تونس سنوياً من قبل وكالات التصنيف العالمية، وقد شهد تصنيفها الائتماني وضعاً غير مستقراً في السنوات الأخيرة، ويعود ذلك إلى حجم الدين الخارجي، والبطالة، وعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي، مع الاعتماد الكبير على مداخيل السياحة.
كما كان لكل من جائحة كورونا، الصراع الروسي الأوكراني، تأثير كبير على الاقتصاد العالمي، وما انجر عليهما من تباطؤ في النمو، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات، وتعطيل سلاسل التوريد، كل هذه الأسباب أثرت على نمو الاقتصاد التونسي، وصعبت من قدرة الدولة على سداد ديونها الخارجية، مما أدى إلى تراجع تصنيفها الائتماني.
في 2021، خفضت وكالة موديز تصنيف تونس الائتماني من (B3) الى (Caa1)، ويرجع التخفيض إلى ضعف الحوكمة وزيادة عدم اليقين فيما يتعلق بقدرة الحكومة على تنفيذ الإجراءات التي تضمن
تجديد الوصول إلى التمويل.
في نفس العام، خفضت وكالة فيتش أيضاً من تصنيف تونس من (B) الى (B-)، ويرجع هذا التخفيض إلى مخاطر السيولة المالية، مع تأخر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
استمر هذا الانخفاض حتى مارس 2022، حينما خفضت وكالة فيتش مرة أخرى من تصنيف تونس من (B-) الى (CCC)، مع نفس الأسباب التي أدت الى الانخفاض في المرة السابقة، منها مخاطر السيولة وتأخر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وتوقعت الوكالة بأن يبقى العجز العمومي مرتفعاً عند 8،5٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، مقارنة بـ 7،8٪ في عام 2021.
أما في مارس 2023، رفعت فيتش تصنيف تونس من (CCC) إلى (+CCC)، ولكن هذا الترفيع كان تقني بالأساس، لأن الوكالة صححت خطأ في التصنيف يعود تاريخه إلى 1 ديسمبر 2022.
هذا الترفيع لم يدم طويلا، حيث خفضت فيتش تصنيف تونس من (+CCC) الى (-CCC)، بسبب ما اعتبرته الوكالة حالة الضبابية حول قدرة تونس على جمع التمويل الكافي، لتلبية متطلبات التمويل، والفشل في تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي.
وتتوقع الوكالة، أن تكون احتياجات التمويل العمومي عند قرابة الـ 16٪ من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2023 (قرابة الـ 7.7 مليار دولار)، و14٪ من إجمالي الناتج المحلي، في 2024 (قرابة الـ 7.4 مليار دولار).
دور وكالات التصنيف في أسواق رأس المال
تقوم وكالات التصنيف أيضاً بتقييم المخاطر الائتمانية لسندات الديون، والدول المقترضة، كما تقدم تقييماً مستقلاً للجدارة الائتمانية لسندات الدين الصادرة عن الحكومات والشركات.
على الصعيد الوطني، شهد سوق السندات التونسية منذ بداية 2023 وضعاً غير مستقر، حيث ارتفع مؤشر السندات السيادية التونسية الصادر عن "ستاندرد آند بورز"، في ماي 2023، إلى 149،28 بزيادة قدرها 5،97% مقارنة بالعام الماضي، بعدما وصل لأدنى مستوياته في شهر فيفري حينما بلغ 138،78، و141،26 في أفريل.
تتأثر قيمة السندات في السوق المالية سواء نحو الارتفاع أو الانخفاض، بعدة عوامل منها قدرة الدولة على سداد ديونها، والترقيم السيادي الجيد للدولة.
على سبيل المثال، عندما يتراجع مستوى الترقيم السيادي، فإن قيمة السندات تنخفض، كما إن للوضع السياسي تأثير ايضاً على قيمة السندات.
وتراجعت قيمة سندات الدولة المستحقة في عام 2025 والبالغ قيمتها 1 مليار دولار، بحوالي 62 سنتاً في مارس 2023، مقارنة بـ 68 سنتاً في فيفري، ونحو 77 سنتاً في ديسمبر الماضي، وتمتلك تونس سندات أخرى، بقيمة 22.4 مليار ين ياباني (حوالي 168 مليون دولار) والمستحقة في شهر أوت المقبل، إضافة إلى ديون بقيمة 500 مليون يورو، مستحقة في شهر أكتوبر المقبل.
بينما في أفريل 2023، شهدت قيمة معظم السندات التونسية انخفاضاً حاداً، حيث انخفضت قيمتها إلى نحو النصف تقريباً من قيمتها الاسمية، بنسبة تراوحت ما بين 0،2 و1،3 سنت (100 سنت يساوي 1 دولار، أي حوالي 3،07 دينار تونسي)، لتصل إلى أدنى مستوى لها خلال الأشهر الـ 6 الأخيرة، بعدما صرح الرئيس قيس سعيد، بضرورة التعويل على القدرات الوطنية قبل البحث عن موارد من الخارج.
وفي ظل تراجع قيمة السندات التونسية، يمكن أن يُساهم السماح للبنك المركزي والبنوك التونسية بشراء هذه السندات في الخارج، في تحقيق أرباح للدولة وتعزيز عائداتها من خلال شراء السندات بأسعار منخفضة في الوقت الحالي، وبيعها في وقت لاحق.