توفير الدعم المالي لتونس والضغط على صندوق النقد.. أي مقابل لذلك؟

للمرة الثانية في أسبوع تزور رئيسة الوزراء الايطالية جورجا ميلوني تونس، مجددا الأحد المقبل برفقة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته.

وتأمل ميلوني خلال هذه الزيارة أن تتمكن من "تيسير المحادثات مع صندوق النقد الدولي"، مؤكدة أنها واثقة من إمكانية التوصل إلى اتفاق بين الصندوق وتونس إذا أبدى الطرفان استعدادا للتفاوض.

ولم تُخف جورجا ميلوني تخوفاتها من تداعيات زعزعة الاستقرار في تونس على شمال إفريقيا كلها وعلى ايطاليا، في اشارة منها إلى تدفقات الهجرة غير النظامية، وذلك اثر اجتماعها مع المستشار الألماني أولاف شولتس في روما.

مسعى ميلوني لتوفير الدعم المالي اللاّزم لتونس التي تعاني وضعا اقتصاديّا واجتماعيّا، يصب في خانة وقف التدفقات القياسية للمهاجرين عبر سواحلها نحو السواحل الايطالية، لكن أيّ مقابل لذلك؟.

تونس حارسة للحدود

تؤكّد منظمات حقوقية تونسية أن المساعي الايطالية من أعلى مستوى تهدف إلى الحد من تدفقات الهجرة غير النظامية من تونس، سواء أكانوا تونسيين أو أجانب، وتسهيل وتسريع عمليات الإعادة القسرية من إيطاليا والتسريع فيها، كاشفة أنه في عامي 2020 و2021 كان المهاجرون التونسيون أكثر الجنسيات التي يتم الاحتفاظ بها في مراكز الايواء الإيطالية وأوّل جنسية يتم إعادتها إلى الوطن.

كما كشفت المنظمات الحقوقية أن الاتفاق بين تونس وايطاليا لا يشمل التعاون بين البلدين بشأن إجراءات التعرف على جثث الغرقى في البحر ولا إعادة الجثث إلى الوطن ولا الكشف عن مصير المفقودين.

من جانب آخر بينت المنظمات أن الحكومة الإيطالية، تهدف، إلى جعل تونس حارسا لحدودها، لا سيما في عمليات اعتراض السفن في المياه الإقليمية ونقلها إلى تونس، وهي تعمل أيضا على تعزيز الاستقرار "الهش" للبلاد لمنع مغادرة المزيد من التونسيين البلاد، مذكرة بأن المناقشات الجارية مع السلطات الإيطالية حول التعاون في مراقبة الحدود ومكافحة التهريب تعرّض المياه الإقليمية والأراضي التونسية لتدخل قوات الأمن الأوروبية.

ولفتت، إلى أن التعاون التقني والتجاري الذي تريد إيطاليا الحفاظ عليه مع تونس وتدعيمه لا يفيد الشعب التونسي بأي شكل من الأشكال، مبينة إلى أن الاستفادة منه تتطلب الحصول على تأشيرة والتي تظل بالنسبة للعديد من التونسيين وهما، وفق تعبيرها.

يشار هنا إلى أن الوحدات الأمنية البحرية اعترضت منذ 1 جانفي إلى غاية 31 ماي، 23110 مهاجرا، ما يمثل 10 أضعاف نفس الفترة من عام 2020، وفقا للمنظمات الحقوقية.

قيس سعيد هو المستفيد

يرى النائب السابق عن دائرة ايطاليا، مجدي الكرباعي، أن زيارة ميلوني لتونس، هي لطمأنة الرأي العام وناخبيها أن أوضاع الهجرة تحت السيطرة وأن الجانب التونسي في "حراسة الحدود" قائم بواجبه، وكذلك عمليات الترحيل القسري للمهاجرين التونسيين ستتواصل مع التنكيل بهم داخل مراكز الحجز والترحيل، وفق تعبيره.

واضاف أن الزيارة استغلتها جورجيا ميلوني كي تبين أن عدد المهاجرين قل في شهر ماي مقارنة بمارس وأفريل وأن النظام في تونس لديه نفس الرؤية في مسألة الهجرة مع إيطاليا، لافتا إلى أن المستفيد من الزيارة هو قيس سعيد كي يظهر للرأي العام الداخلي والعالمي انه ليس في عزلة وانه في تناغم مع "ميلوني" في حين هناك دول مثل ألمانيا وهولندا مازالتا تأكدا مبدأ الحرية والرجوع الى المسار الديمقراطي.

مطلب بعدم الخضوع للابتزاز

من جانبه انتقد الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر، في تصريح لحقائق أون لاين، على هامش وقفة احتجاجية الثلاثاء، ضد زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية إلى تونس، تعامل الجهات الرسمية التونسية مع موضوع الهجرة غير النظامية، قائلا: " منذ سنوات لم تقدم تونس رؤية شاملة لمعالجة هذه الظاهرة.. نحن نسمع فقط خطابات عامة من رئاسة الجمهورية ووزير الخارجية والمسؤولين وليس لنا رؤية تونسية متكاملة للمعالجة".

واضاف: "تونس  تنصاع  للضغوطات الاوروبية وتكتفي بلعب دور الحارس وتتعاون لترحّل المهاجرين رغم أن المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان أدانت الحكومة الايطالية لانتهاكات المهاجرين غير النظاميين التونسيين".. 

وطالب رمضان بن عمر، المسؤولين التونسيين بعدم الخضوع للابتزاز وإرساء رؤية ومقاربة تونسية تحترم حقوق المهاجرين وكرامتهم وتضمن تعاون عادل بين تونس وايطاليا، مشيرا إلى أن منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية مع وضع مقاربات أكثر انسانية وخاصة الاسراع في الكشف عن مصير المفقودين. 

وأظهرت أحدث بيانات للأمم المتحدة، أن تونس أبحر منها 26555 من أصل 51215 مهاجرا وصلوا إلى إيطاليا بقوارب حتى الآن هذا العام، في مقابل 3658 في الفترة نفسها من العام الماضي.

ورحّلت إيطاليا العام الماضي نحو 1950 مهاجرا تونسيا غير نظامي، وفق بن عمر، الذي يؤكد أنه لا توجد في الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري أرقام حول عدد المهاجرين المرحلين من إيطاليا، بيد أنه يقول إن أكثر من 65% من المرحلين من إيطاليا هم من الجنسية التونسية.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.