عامان على حذف وزارة الشؤون المحلية: إلى متى يصمد المجتمع المدني أمام وِزْرِ القرار؟ (الكاف نموذجا)

أمل الصامت-

أثار حذف وزارة الشؤون المحلية وإحالة مشمولاتها وإلحاق هياكلها المركزية والجهوية بوزارة الداخلية، ردود أفعال مختلفة بين مكونات المجتمع المدني في تونس، ولعل أغلبها تمحور حول التعبير عن القلق إزاء هذا القرار وهو ما برز من خلال البيانات الصادرة عن عدد من الجمعيات والمنظمات وحتى الأحزاب السياسية، والتي عبرت عن المخاوف المحتملة بشأن تأثيرات القرار على الحكم المحلي ومستقبل الديمقراطية المحلية في البلاد.

وقد صدر هذا القرار بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، في عدده المنشور يوم الأربعاء 24 نوفمبر 2021، في شكل أمر رئاسي نصّ على أن صندوق القروض ومساعدة الجماعات المحلية ومركز التكوين ودعم اللامركزية يخضع إلى إشراف وزارة الداخلية. وورد فيه أن أحكام هذا الأمر الرئاسي تدخل حيز النفاذ بداية من 11 أكتوبر 2021، أي تاريخ تسلم حكومة نجلاء بودن مهامها.

أين المواطن والمجتمع المدني من هذا القرار؟

من المهم اليوم بعد مضي قرابة سنتين على صدور هذا القرار، استطلاع موقف هياكل المجتمع المدني، باعتبار الدور الذي تقوم به الجمعيات خاصة في الداخل التونسي، على مستوى تعزيز الديمقراطية التشاركية من خلال تمثيل المجتمع والمشاركة في صنع القرار وتعزيز الوعي المجتمعي وتنمية المهارات وتنفيذ المشاريع المحلية، الأمر الذي يتطلب تعاونا وشراكة قوية بين الجمعيات والسلطات المحلية والمجتمع بأسره.

الصحفي بالإذاعة الجمعياتية "سيكا أف أم" رشاد الصالحي كان له حوار مع الناشطة بالمجتمع المدني والعضوة بجمعية شباب نحو الريادة بالكاف رحاب الجندوبي، حول تأثير هذا القرار في السلطة المحلية والعمل البلدي وعلاقة البلديات بالمواطن وبالمجتمع المدني في إقليم الشمال.

واعتبرت الجندوبي أن هذا القرار كان له تأثير سلبي على البلديات وهياكل المجتمع المدني والمتساكنين، من ذلك عدم تشريك المواطن في العمل البلدي، كذلك لم تعد للبلدية إمكانية الحصول على قروض من صندوق الجماعات المحلية، أما على مستوى الجمعيات فلم تعد تُرصد لها منحا من المموّل لخلق مشاريع اجتماعية دعما للسلطة المحلية والعمل البلدي.

الجمعيات.. دور أساسي في تمثيل المجتمع المحلي

وهنا تجدر الإشارة إلى دور الجمعيات في تمثيل المجتمع المحلي من خلال التعبير عن احتياجاته ومصالحه أمام السلطات المحلية، فهي التي تقوم بتمثيل فئات وقضايا متنوعة مثل الشباب، والنساء، والبيئة، والثقافة، والتنمية المحلية، بالإضافة إلى دورها في تعزيز الوعي المجتمعي من خلال العمل على زيادة الوعي والتوعية في المجتمع المحلي بقضايا الديمقراطية وحقوق المواطنة والمشاركة المدنية، وذلك عبر تنظيم حملات توعوية وورش عمل وفعاليات تهدف إلى تعزيز المشاركة المدنية وبناء قدرات الأفراد في المجتمع.

وفي هذا السياق أشارت الناشطة المدنية رحاب الجندوبي، إلى أن المجتمع المدني عامة وفي إقليم الشمال الغربي خاصة، مثلا في ولاية الكاف على سبيل الذكر لا الحصر، عمل جاهدا على ترسيخ ثقافة الديمقراطية التشاركية كتشريك المواطنين والشباب في ترسيخ ثقافة الحكم المحلي وإنشاء مشاريع اجتماعية مع البلديات تهدف إلى النهوض بالتنمية المحلية. 

وعددت الناشطة بالمجتمع المدني رحاب الجندوبي الأنشطة المتعلقة بالسلطة المحلية في منطقة الشمال الغربي وخاصة في علاقتها بهياكل المجتمع المدني، من خلال تقديم أمثلة عن الأنشطة التي قامت بها جمعية شباب نحو الريادة، والتي اشتغلت على مواضيع تخص السلطة المحلية، وتناولت مشاريع تخص ترسيخ الثقافة الديمقراطية والحكم المحلي لدى الشباب ولدى البلديات عن طريق تكوين وتنظيم ورشات مع السلط المحلية.

ولعل هذه الانجازات تثبت دور الجمعيات في ما يتعلق بتنفيذ مبادرات ومشاريع محلية لتلبية احتياجات المجتمع وتعزيز التنمية المحلية، والتي تشمل تحسين الخدمات العامة، وتنمية الموارد المحلية، وتشجيع ريادة الأعمال في المنطقة المعنية.

وأفادت رحاب الجندوبي في ذات السياق، بأنه تم بعث أول إذاعة جمعياتية في إقليم الشمال الغربي سنة 2018، وخلق شباب ناشط في الإعلام عن طريق التكوين وإنتاج برامج، كما تم الاشتغال على الحوكمة المحلية من خلال تكوين إطارات ببلديات ولاية الكاف وتقوية قدراتهم وترسيخ مبدأ الحوكمة المحلية.

كما تم بعث مشاريع اجتماعية لفائدة بلديات من ولاية الكاف، على غرار بعث فضاء عائلي ببلدية نبر وبعث روضة أطفال ببلدية تاجروين وبعث فضاء للطلبة بالمركب الجامعي بوليفة بالشراكة مع بلدية الزعفران دير الكاف، كما تم تكوين مجموعة من الشباب الميسرين وتشريكهم في العمل البلدي وخاصة العمل على المخطط السنوي للاستثمار بخمس بلديات وهي تاجروين ونبر والسرس وساقية سيدي يوسف والقصور.

لمحة عن جمعية الشباب نحو الريادة

تلعب جمعية الشباب نحو الريادة بالكاف دورًا مهمًا في تعزيز التنمية الشبابية وتمكين الشباب في المنطقة، إذ تعمل على توفير بيئة مناسبة لتطوير المهارات والقدرات وتعزيز روح الابتكار والريادة لدى الشباب في الكاف.

وتتنوع أنشطتها وبرامجها بناءً على اهتمامات واحتياجات الشباب، على غرار تنظيم دورات تدريبية وورش عمل في مجالات مثل القيادة، وريادة الأعمال، والتنمية الشخصية، والتكنولوجيا، والمهارات الاجتماعية، بهدف تطوير قدرات الشباب وتمكينهم من تحقيق طموحاتهم الشخصية والمهنية.

وتدعم الجمعية إنشاء المشاريع الشبابية وتقديم الدعم والمشورة للشباب الذين يسعون إلى بدء أعمالهم الخاصة، إذ يمكن أن تشمل هذه المشاريع المبادرات الصغرى مثل المشاريع الاجتماعية والبيئية والتجارية.

كما تنظم الجمعية فعاليات ثقافية واجتماعية مثل المعارض والمؤتمرات والمحاضرات والندوات والفعاليات الترفيهية، بهدف تعزيز التواصل والتفاعل بين الشباب وتشجيعهم على التعلم وتبادل الخبرات.

أيضا تشجع الجمعية الشباب على المشاركة في العمل التطوعي والمساهمة في خدمة المجتمع، ويمكن أن تشمل هذه الأنشطة التطوعية القيام بحملات تنظيف، ودعم الفقراء والمحتاجين، وتوعية المجتمع بقضايا بيئية واجتماعية مهمة.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.