زمـيـل” .. كلمة عبور بدأت بسياقة غير قانونية وانتهت بقتل ثم فرار: عن حادثة كركر نتحدث “

جثة ملقاة على قارعة الطريق في الظلام الحالك، وعملية فرار بسبب عدم امتلاك رخصة سياقة.. هنا يبدو المشهد مرعبا يوحي إلى وجود جرم في حق الانسانية وحق القانون، وأحد مرتكزات هذا الجرم هي المحسوبية والارتكاز على كلمة عبور حولت حرّاس القانون إلى أوّل المنتهكين له.

وكشفت التحقيقات في حادثة العثور على جثة ملقاة خلال الساعات الماضية على الطريق بين منزل حياة وكركر من ولاية المنستير، مجددا عن انتهاكات صريحة يرتكبها الكثير من أفراد الأمن في تونس تبدأ من سياقة دون رخصة  وتنتهي بقتل على وجه الخطأ وفرار وتخفي.

بدأت أركان هذه الحادثة بتلقي الوحدات الأمنية في الجهة لإعلام عن اكتشاف جثة ملقاة على الطريق العام بين منزل حياة وكركر من ولاية المنستير من طرف سائق شاحنة وذلك يوم 21 جانفي الفارط  لتنطلق الأبحاث مرجّحة فرضية ''الشبهة الاجرامية'' قبل أن يتبيّن أن الوفاة ناتجة عن حادث مرور.

إصابات كثيرة على مستوى رأس الضحية أثبت تقرير الطب الشرعي أنها ناتجة على اصطدام الضحية بمادة صلبة وتم جرّها على أرضية صلبة.

ويقول الناطق الرسمي باسم محاكم المهدية والمنستير فريد بن جحا لاذاعة موزاييك " في اليوم الموالي لاكتشاف الجثة تقدّم رئيس مركز حرس مرور إلى قاضي التحقيق ليعلمه بانّه ارتكب حادثا عن عودته من مقر عمله ليلا، وانّه اصطدم بجسم صلب وكان يعتقد أنّه حيوان لأنّ الظلام كان حالكا لذلك واصل دون توقّف إضافة لعدم امتلاكه رخصة سياقة".

ويواجه الموقوف تهمتي القتل على وجه الخطأ والفرار إثره والسياقة دون حصول على رخصة.

مؤشرات الجرم وأركانها بدت واضحة وجلية، في نقطتين اثنتين، الأولى في السياقة دون رخصة والثانية في الاصطدام بشخص بسيارة وترك جثته ملقاة في الطريق العام دون الاعلام الفوري عنها والاكتفاء بالفرار لتحصين الذات من التتبع العدلي.

ولو لم يكن مٌرتكب الجرم منتسبا للأمن لما تجرأ على قيادة سيارة في الطريق العام دون رخصة سياقة ولكان هناك تخوف من التتبع الأمني، لكن وظيفته هذه المرة شجعته على السياقة دون رخصة الفتل على وجه الخطأ ثم الفرار.

وتفتح هذه الحادثة الباب على مصراعيه أمام ظاهرة خرق القانون من طرف رعاته وحراسه، فكان من الأجدر أن يكون رئيس مركز حرس مرور المسؤول الأول عن تطبيق القانون المروري بدءا من القيادة برخصة سياقة وصولا على الإجراءات القانونية المطلوبة فور وقوع حادث مروري عوض الفرار والتخفي لمدة ساعات.

ولا يخفى على أي تونسي أن مصطلح "زميل" بات في تونس اليوم يعوض رخصة السياقة ورخص التجول ورخص التأمينات وأصبح كلمة عبور تنتهي في الكثير من الأحيان إلى حصول حوادث مرعبة على غرار التي تحدثنا عنها الآن، فباستثناء القليل ممن يحرصون على تطبيق القانون، يتلذذ الكثير من الأمنيين فرص تجاوز الضوابط والأحكام القانونية متسلّحين بمنطق أنصر أخاك ظالما أو مظلوما.

وهنا لسنا نتجنى عن المؤسسة الأمنية ولا عن المنتسبين لها، فالجميع يعلم هذه الممارسات ويحاول التغافل عنها، والتضامن القطاعي لا يعني السماح بانتهاك القانون والسماح بارتكاب ما يحلو لنا من تجاوزات.

ويبقى انسحاب القانون على الجميع دون الاستناد إلى الصفة والمركز الوظيفي أو الجاه المالي حلما منشودا تتحقق بتحققه العدالة الاجتماعية ولا يُظلم أحدا فيه.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.