تونس وصندوق النقد الدولي ..الطاعة المسبقة أوالجوع

لأول مرة منذ انطلاق التعامل بين تونس وصندوق النقد الدولي تطول المفاوضات وظلت عالقة دون وجود مؤشرات توحي إلى قبول هذه المؤسسة المالية الدولية منح تونس قرضا جديدا في ظل أزمة اقتصادية خانقة عواملها داخلية وخارجية، وذلك في فترة تغيرت فيها أساليب التفاوض بين الطرفين وتحولت من تعهدات إلى تطبيق إجراءات.

وتترجى تونس من صندوق النقد الدولي منحها قرضا منذ سنة 2019 قيمته  بقيمة 1.9 مليار دولار مقابل اجرءات اقتصادية لا تحظى بشعبية، ومازال هذا القرض  حلما منشودا بالنسبة للمسؤولين في تونس مع تمسك ممثلي صندوق النقد بضرورة تطبيق  الإجراءات التي يعتبرها إصلاحات ضرورية كشرط مسبق لصرف القرض.

وتختلف المفاوضات هذه المرة بين تونس وصندوق النقد الدولي في عديد المستويات، في طريقة التفاوض وفي تخاطب الأطراف المتفاوضة، فمفاوضات هذه المرة تختلف عن سابقاتها، وبعد أن كانت هذه المؤسسة الدولية تشترط مدها بوثيقة تعهد تتضمن إجراءات أو ما تسميها بالاصلاحات للاطلاع عليها واتخاذ قرارات على ضوءها، بات صندوق النقد الدولي اليوم يشترط على تونس تطبيق عدة إجراءات يطلبها منها قبل منحها المبلغ المالي التي تريد تداينه.

وتغيرت طريقة تفاوض صندوق النقد الدولي مع تونس، من طلب وثيقة تعهدات يوافق عليها إلى الاشتراط مسبقا تطبيق إملاءات قبل منح القرض، بسبب فقدانه الثقة في الطبقة الحاكمة في تونس، خاصة وأن الحكومة التي كان يترأسها يوسف الشاهد  تحصلت على قرضا بناء على التزامات قدمتها في وثيقة لممثلي الصندوق لكن لم تنفذها فيما بعد.

مستوى ثان، تغير في المفاوضات بين صندوق النقد الدولي وتونس، يبدو أنه يتجسد في التخاطب في بين تونس وممثلي صندوق النقد، واتضح ذلك في خطاب رئيس الدولة الذي يصف المؤسسات المالية الدولية بكونها لا تراعي مصالح مجتمعات الدول التي تلجأ إليها للحصول على قروض، وكذلك في ردود الدولة على املاءات الصندوق التي يعتبرونها لا تراعي المقدرات الاجتماعية.

وعلى خلاف تونس، تظهر القرارات الصادرة عن صندوق النقد الدولي تقدما كبيرا مع عدد من الدول العربية في المفاوضات، مقابل صدور ينص على إرجاء النظر قرض كان أعلن عنه لتونس.

ويبدو أن هذا القرار هو بمثابة تأجيل بطعم الرفض، خاصة مع تردد الحكومة  في تطبيق الإصلاحات التي يطلبها، وعدم تبني الاتحاد العام التونسي للشغل هذه الاصلاحات.

ولا تتماهى الاجراءات التي يريد فرضها صندوق النقد الدولي والوضع الاجتماعي والمالي للبلاد، فرفع الدعم عن المواد الأساسية والمحروقات سيعمق في أزمة غلاء الأسعار، والتحكم في كتلة الأجور سيعمق حتما إشكاليات البطالة وتدهور المقدرة الشرائية للتونسيين.

الصورة واضحة، الطاعة المسبقة أو الجوع، إما تطبيق الاجراءات التي يطلبها الصندوق وخاصة منها تقليص حجم الدعم والتحكم في كتلة الأجور وكذلك التفويت في بعض المؤسسات العمومية، أو عدم الحصول على القرض المطلوب وبالتالي دخول مرحلة تفاقم العجز المالي بسبب قلة الموارد الخارجية المتأتية من التداين الخارجي.

 

 

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.