ذكرى “ثورة 14 جانفي”: تغيرت الوجوه والشعارات واحدة

تحيي تونس اليوم السبت 14 جانفي 2023، الذكرى الثانية عشرة، لعيد الثورة. 12 سنة مرت على ثورة شعارها "ارحل" و "شغل حرية كرامة وطنية"، وتوالت السنة تلو الأخرى وهاذان الشعاران حاضران في كل عيد ثورة تقريبا ورافقا جميع الحكومات المتعاقبة.

فلم تعرف تونس منذ اندلاع الثورة إلى اليوم استقرارا سياسيّا واجتماعيّا، والدليل هو تواصل رفع الشعارات المنددة بالبطالة وغلاء المعيشة وتنامي الفقر وحرمان الجهات الداخلية من حقها في التنمية ونصيب الشعب من ثروات بلاده، فضلا عن استنكار سياسات الدولة والتنديد بالطبقة السياسية الحاكمة التي نالها نصيب من شعار "ارحل" في كل عيد ثورة.

فمنذ تولي حكومة النهضة زمام الحكم في أواخر 2011، رافقها شعار "ارحل"، كما نال رئيس الجمهوية الأسبق منصف المرزوقي نصيبا من هذا الشعار، اضافة إلى رئيسي الحكومة السابقان يوسف الشاهد وهشام المشيشي، وصولا إلى رئيس الجمهورية الحالي قيس سعيد، لتتغير الوجوه في كل مرة لكن الشعارات واحدة.

واليوم يخرج التونسيون، من مختلف المشارب السياسية، إلى شارع الحبيب بورقيبة احياء لذكرى الثورة، لكن ليس للاحتفال بل مجددا لرفع شعاري "ارحل" و"شغل حرية كرامة وطنية"، معتبرين أن سياسات رئيس الجمهورية قيس سعيد حادت عن مسار الديمقراطية وضيقت على الحريات، وفاقمت الأوضاع الاجتماعية للبلاد من غلاء في الاسعار وفقدان للمواد الاساسية وضعف الأجور وتنامي البطالة.

14 جانفي 2011 يوم مفصليّ في تاريخ تونس

كان يوم الجمعة 14 جانفي 2011، يوما مفصليّا في تاريخ تونس، فقد أُجبر يومها الرئيس زين العابدين بن علي عن التنحي عن السلطة ومغادرة تونس بشكل مفاجئ، متوجها إلى السعودية، اثر المظاهرة الكبيرة أمام مقر وزارة الداخلية.

هروب بن علي كان نتيجة غضب شعبي كبير، على أوضاع البطالة والفقر والتهميش وغياب العدالة الاجتماعية وتفاقم الفساد داخل النظام الحاكم، اندلعت شرارته الأولى من ولاية سيدي بوزيد يوم 17 ديسمبر 2010، على اثر حرق محمد البوعزيزي لنفسه، وامتدت تلك الشرارة وتوسعت إلى البلدات والمدن المجاورة كالمكناسي والرقاب وسيدي علي بن عون ومنزل بوزيان والقصرين وفريانة ونتج عن هذه المظاهرات سقوط العديد من الشهداء والجرحى من المتظاهرين نتيجة تصادمهم مع قوات الأمن.

وأجبَرت هذه الأحداث الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، على إقالة عدد من الوزراء بينهم وزير الداخلية وتقديم وعود لمعالجة المشاكل التي نادى بحلها المتظاهرون، كما أعلن عزمه على عدم الترشح لانتخابات الرئاسة عام 2014. كما تم بعد خطابه فتح المواقع حجبها النظام كاليوتيوب، بالإضافة إلى تخفيض أسعار بعض المنتجات الغذائية تخفيضاً طفيفاً والتعهد بإعطاء "المزيد من الحريات"، لكن ذلك أتى متأخرا جدا ولم يشفع له، بل امتدت الاحتجاجات إلى أن بلغت العاصمة في مظاهرة كبرى هددت بالتوجه نحو القصر الرئاسي.

وقد أجبر بن علي على التنحي عن السلطة ومغادرة البلاد بحماية أمنية ليبية إلى السعودية يوم الجمعة 14 جانفي 2011، فأعلن الوزير الأول حينها محمد الغنوشي في نفس اليوم عن توليه رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة وذلك "بسبب تعثر أداء الرئيس لمهامه" وذلك حسب الفصل 56 من الدستور، مع إعلان حالة الطوارئ وحظر التجول.

لكن المجلس الدستوري قرر بعد ذلك بيوم اللجوء للفصل 57 من الدستور وإعلان شغور منصب الرئيس، وبناءً على ذلك أعلن في يوم السبت 15 جانفي 2011 عن تولي رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع منصب رئيس الجمهورية بشكل مؤقت إلى حين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة خلال فترة من 45 إلى 60 يومًا.

وسقط في الثورة التونسية 129 شهيدا من مختلف ولايات الجمهورية، فيما تتكون قائمة جرحى الثورة من 634 اسما، وذلك في القائمة النهائية التي نشرتها الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحرّيات الأساسيّة، في 19 مارس 2021، ويمثل نشر القائمة اعترافا رسميا من الدولة التونسية بحقوق شهداء ومصابي الثورة، والتي انتظروها طيلة 10 سنوات.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.