الحقيقة الكبرى.. الفساد يستبدّ بالكرة التونسية ويشدها إليه حد العناق

خلّف عدم تأهل المنتخب التونسي للدور الثاني من كأس العالم قطر 2022 حسرة لدى جل التونسيين الذين اعتبروا هذا الفشل في هذه الدورة نتاجا لسلسلة من التراكمات وجرائم الفساد والمحاباة والمحسوبية في عالم كرة الجلد التي يهرب إليها أبناء الشعب طمعا في سعادة لم يمنحها لهم عالم السياسة.

الفساد استبد بقطاع الرياضة في تونس وشد إليه حد العناق، ولم تتمكن الامكانيات الفنية والفردية للاعبي المنتخب التونسي من تحرير المنتخب من انعكاسات الفساد والمحسوبية، وظل أحلام التونسيين للترشح للمرة الأولى في تاريخ إلى الدور الثاني في كأس العالم حبيسة شهوات أعضاء الجامعة التونسية لكرة القدم ومن يتواطؤون معهم في الاطار الفني.

ليست المرة الأولى التي لم يتأهل فيها المنتخب التونسي إلى الدور الثاني في كأس العالم، فمشاركاته االستة لم تتوج بمرور إلى الحلم المنشود وهو الدور الثاني، لكن هذه المرة تراءى لجميع التونسيين أن حسابات ضيقة أضعفت حظوظ الفريق الوطني وتسببت في إقصاءه من الدور الأول، واتضحت مؤشرات المحاباة منذ استبعاد  لاعب الوسط الهجومي سعد بقير من قائمة اللاعبين مقابل الابقاء على أربعة حراس مرمى، وازدادت مؤشرات المحسوبية وضوحا في اختيار تشكيلة المنتخب التي تبارت ضد منتخب أستراليا وهي اخيتارات خاضعة لحسابات شخصية لا لحسابات تكتيكية، حسابات حرم بها من هم في أوج عطائهم من المشاركة في المباراة مقابل تشريك فرجاني ساسي الذي تهاوى مردوده منذ أشهر طوال.

واضح أن المردود الذي قدمه لاعبو المنتخب التونسي الذين ظلموا سابقا لعدم تقربهم من أعضاء المكتب الجامعي، على غرار علي معلول ووجدي كشريدة ومحمد علي بن رمضان، رفع الغطاء عن ضعف فني تدريبي وإداري وعرى الكثير من التسوس الذي ينخر كواليس ترتيب التشكيلة الأساسية للمنتخب في كل مباراة، واتضح أن الضعف يكمن في الاختيارات لا في "الجوارات"، فلا شك عندي ولا عندك أيها القارئ أن اختيار تشكيلة المنتخب في كل مباراة لا ينحصر عند الاطار الفني، بل إنه أمر فوقي يتلقاه الناخب الوطني ممن زكاه ومنحه فرصة التدريب.

وما انتصار تونس على المنتخب الفرنسي، بطل آخر نسخة لكأس العالم، إلا حدثا حاملا للكثير من الدلالات، أولها رد فعل اللاعبين المتميزين على الحيف والظلم الذي أقعدهم كثيرا في بنك البدلاء، وتعويضهم بمن هم معشوقون لدى وديع الجريء،أما الدلالة الثانية هي أن تونس تزخز بقامات فنية كروية قادرة على الإبداع والانتصار ما لم تحاصر بتكتيكات خبراء الفساد والدجل الرياضي.

وهذا القول الوارد  في مقالنا ليسا تحاملا ولا تجنيا على أحد من المسؤولين، بل أمر واضح وزادته تصريحات لاعبين سابقين في المنتخب وضوحا، وما تصريحات عصام جمعة الأخيرة إلا غيض من فيض.

رجاء أيها السلطة وكل مسؤولي قطاع الرياضة، أعلموا أن المنتخب التونسي لكرة القدم، كغيره من منتخبات كرة اليد والسلة وكذلك لاعبي الرياضات الفردية خير سفير لتونس، وخير ممثل لها في التظاهرات الدولية والاقليمية، ولعل نجم لاعبة التنس أنس جابر الساطع لا يضاهيه أي قيمة ممن يمتهنون السياسة والاقتصاد والدبلوماسية.

فتح ملف الفساد الرياضي انعكاساته ستكون سريعة، ونتائجه الاقتصادية والرياضية والاجتماعية ستكون ملموسة، الرياضة استثمار، بل هي في أعلى جدول الاستثمارات الدولية المربحة ماليا ودبلوماسيا، يكفي هذا الشعب تجرع مرارة السياسة، تمتعوا بمناصبكم شرط تمتيع شعب البلاد بما يهواه من رياضة وثقافة.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.